النجاح الإخباري - قصص الصمود والإصرار لا تُكتب فقط في الميدان، بل تتجلى أيضًا في مسيرة العلم والبحث عن النور في أحلك الظروف.

في قلب غزة المحاصرة، وتحت وطأة الحرب، هناك من يحارب بصمته وإصراره.. ومن بين هؤلاء، تبرز قصة الطالبة فاطمة الأسي التي رغم الدمار والمأساة، لم تستسلم لأحزانها، بل حولت آلامها إلى دافع لاستكمال مشوارها التعليمي وتحقيق حلمها في العلم.

في حديث لها مع "النجاح" تقول: "أنا الطالبة فاطمة عدنان أسعد الأسي.. أدرس تخصص بكالوريوس علم النفس في كلية التربية في جامعة الأقصى –فرع غزة، رغم كوني ربة بيت ومسؤولة عن أطفال ورغم الظروف الاجتماعية والسياسية التي نعيشها في غزة، أنا أحب العلم والدراسة انقطعت لفترة عن الدراسة نتيجة مسؤولياتي، لكن شغفي للعلم أعادني بفضل الله، وأنجزت الكثير من مسيرتي الدراسية،حتى وصلت السنة الدراسية الأخيرة ولم يعد يفصلني عن تحقيق الحلم سوى عام واحد، إلا أن  آلة الحرب الصهيونية تأبى إلا ان تسحق إنسانيتنا بلا رحمة، وتحاول أن تقتل كل أمل فينا، من خلال تدميرها الكامل لمؤسساتنا التعليمية كافة ومن ضمنها الجامعات.

ظروف صعبة عشناها في هذه الحرب لا يمكن بحال من الأحوال وصفها مهما اجتهدنا، أحداث قاتلة مزلزلة طحنت كل مشاعرنا وزرعت تفاصيل الحزن والأسى في جوارحنا، انتزعت منا كل جميل، لا أعتقد أن للفرح مكان بقلب أي فرد في غزة

وأطرقت قليلا وهي تحاول اجتياز غصتها وإعطاء صورة لما رأت وعاشت في منطقة مستهدفة بالكامل: "قصف، دمار، صراخ وعويل، دماء وأشلاء.. اعتدنا على الموت والفقد ورائحة الدم في أنوفنا، ما رأيناه تشيب له الولدان، يجعل الدنيا كلها صغيرة جدا بعينك، لكن في داخلنا نار وحقد وكره لعالم صامت متفرج سمح أن تكون غزة مسرح حرب تمارس فيه إسرائيل إجرامها وإرهابها، لكن نقول لنا الله، لا بد من نهاية يقول فيها الحق كلمته ولو بعد حين.

وفي عز وأوج هذه الظروف الحالكة كانت مبادرة شق الوطن الآخر وأحبابنا في الضفة الغربية، سجلوا وقفة تآلف وتكاتف معنا، خاصة مع طلاب غزة الذين حرموا من استكمال دراستهم الجامعية، وسمعت بمبادرة جامعة النجاح الوطنية "يدًا بيد"، كنت من أوائل المشاركين فيها والمقبلين عليها بكل شغف.. رغم استشهاد اخي ووجعي الكبير عليه.. ورغم تدمير بيتي بالحرب ونزوحي مرات ومرات عدة من مكان لآخر.. ورغم انعدام توفر الانترنت، وصعوبة التواصل مع الجامعة صاحبة المبادرة ومتابعة اللقاءات.. ولكني كنت مصممة على المحاولة قدر المستطاع وتجاوز كل العقبات والأوجاع، لاستمر في هذه المرحلة رغم الألم الذي نعيشه..

كانت  جامعتي الثانية والحاضنة هي جامعة النجاح الوطنية، ممثلة بطاقمها الأكاديمي من دكاترة وأساتذة فكانوا معطائين معنا ولم يتوانوا عن تقديم الجهود والتسهيلات كافة وتدارك كل الصعوبات والحواجز للتسهيل علينا بالمساقات ولتحقيق الاستفادة ومواصلة المسيرة التعليمية..

أخيرا أشكر القائمين على هذه المبادرة وأشكر الأساتذة الأفاضل في جامعة النجاح الوطنية.