النجاح الإخباري - 1
فراشات غزيرة تخرج الآن من لوحة المفاتيح، من بين شقوق أحرف الطباعة تحديداً، بينما أفكّر في طباعة فضفضاتي الصباحية لا أستطيع التوقف، ثمة كلام يجب أن أكتبه، لكنني أيضاً، لا أستطيع أن أكون قاتلاً للفراشات، تلك الكائنات التي أحبها.
كلما طبعت حرفاً قتلت فراشة، كلما نطقت حرفا سحقت فراشة، تلك هي الكتابة: حياة على عدم، ذلك هو الكلام: ميلاد على موت، آه  يا فراشاتي  الميتات بأناقة آلهات، على أسطح حروفي المدماة.
كلما أحببتك أكثر أمعنت في قتل امرأة أخرى لا أعرفها.
كلما أحببتني أكثر، قتلتِ رجلا ما لا تعرفينه.
ذلك تماما هو الحب: متعة على جثة لا نراها.
فعذرا يا امرأة أقتلها كل يوم دون أن أعرف اسمها.
لا أستطيع أن أتوقف عن الحب، ولا أقدر على تحمل فكرة قتل أحد.
فلتسامحنني قتيلاتي الجميلات الممددات على أسطح حياتي المدماة.
2
تنطلق الكرة لتصدم كرة مقصودة فتصيب أخرى غير مقصودة، تصاب الكرة المصدومة بالسؤال، تصاب الكرة الصادمة بالدوار. 
(لم أقصد هذا، والله لم أقصد هذا) يقول قلب اليد التي أطلقت الكرة.
تتدحرج الكرة المقصودة مبتعدة على سفح تل.
لمعة قرب لمعة، مرآة داخل مرآة، تمشي الكرة الصادمة مع الكرة غير المقصودة، صمتا بصمت، لتسقطا أخيرا في حفرة عميقة،لا تصل لقاعها أيادي وصيحات الأولاد.
هكذا تماما يحدث الحب.
3
طلبا صداقة (بينهما فترة سنة)، قبلتهما فورا من طالبين درستهما، قبل عقدين من الزمن.
كتب لي هاشم الذي يدرس الآن في باريس؛ شكراً لحرية التفكير التي حببتها لي، فقد قادتني إلى اللادين. 
كتب لي محمود الذي يدرس الآن في السودان: شكراً لحرية التفكير التي زرعتها داخلي، فقد قادتني إلى الله.

4
وقع على الأرض ومات، نشروا صورته ميتاً في الصحف، لم يتعرف عليه أحد.
المعلومة الوحيدة عنه كانت من مساعد طباخ في فندق مجاور.
- منذ سنوات طويلة وهو يمشي في المدينة وبين الشارع والشارع كان ينظر إلى الساعة.
في مقبرة المدينة لم تستطع أم الإجابة عن سؤال ابنها:
- ماما ليش الاسم على هذا القبر طويل كثير.