نابلس - النجاح الإخباري - يحيى العالم ومؤسساته الصحية السابع من نيسان كل عام يوم الصحة العالمي، وفي كل عام يتم تبني إستراتيجية وخطة تصب في الصالح الصحي للشعوب ضمن تراكمية ترمي لتحسين الخدمات المقدمة من الحكومات والدول لمواطنيها كماً ونوعاً وبما يستجيب للتطورات العلمية والعملياتية في القطاع الصحي وبما يدفع الحكومات لتخصيص موازنات أعلى وأوسع لصالح القطاع الصحي فيها.

ولكن هذه المناسبة هذا العام جاءت وعلى غير المتوقع والمقدر بسبب إجتياح فايروس كورونا – كوفيد19- العالم بأسره وهو ما دفع بالكثير من الدول والمؤسسات لتغيير توجهاتها وأولوياتها لمواجهة هذا الخطر البيولوجي غير المرئي الذي يستنزف الموازنات والموارد ويرهق البشر ويقلقهم في ظل التقارير والتوقعات بتزايد حالات الوفاة بسبب هذا الفايروس الذي بات جائحةً عالمية ولا سيما في أوساط كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وفي أوساط الشعوب الفقيرة التي تعاني من نقص في الموارد الصحية والإمكانات المخصصة في هذه الحالة.

وفي هذا الإطار أكدت منظمة الصحة العالمية بأن جميع البلدان والمجتمعات المحلية من الممكن لها إبطاء وتيرة تفشي الفيروس بشكل كبير، بل ووقف إنتشاره، من خلال تنفيذ أنشطة الاحتواء والسيطرة الناجعة.

مشيرةً إلى النموذج الصيني ومطالبةً بعمل مجتمعي شامل تتحد فيه الجهات الحكومية والخاصة والأهلية من أجل تحديد الأشخاص المرضى وتقديم الرعاية لهم، ومتابعة مخالطيهم، وتهيئة المستشفيات والعيادات الطبية للتعامل مع الزيادة الكبيرة في عدد المرضى، وتدريب العاملين الصحيين.

كما دعت المنظمة الأفراد للإسهام في مواجهة هذا الفايروس فكل جهد يُبذل لاحتواء الفايروس وإبطاء وتيرة إنتشاره يصبّ في إنقاذ الأرواح، ويتيح للنُظم الصحية وللمجتمعات كافة الوقت الثمين اللازم للتأهب، كما يتيح للباحثين المزيد من الوقت لتحديد سبل العلاج الناجعة وتطوير اللقاحات الفعالة. فكل فرد لديه القدرة على المساهمة في حماية نفسه وفي حماية الآخرين، سواء في المنزل أو في المجتمع المحلي أو مرافق الرعاية الصحية أو أمكان العمل أو في منظومة النقل.

وعلى المستوى الفلسطيني ومع الإعلان عن إكتشاف الحالات الأولى في محافظة بيت لحم بسبب مخالطة سياح أجانب إتخذت الحكومة الفلسطينية إجراءات احترازية وعلاجية وفرضت حظراً على التنقل لإحتواء الأمر كما إتبعت إجراءات مماثلة في كل المناطق التي شهدت إصابات على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة وهو أمر شهدت له المؤسسات الدولية رغم شح الإمكانات وضعفها.

لقد سجل القطاع الصحي الفلسطيني بكل مكوناته حالة مميزة تمثلت بالاستجابة السريعة للتعاطي مع الأمر وتخصيص جهد توعوي وتثقيفي وإعلامي في المواجهة فقد قمنا في مؤسسة لجان العمل الصحي بدورنا أيضاً حيث سجل لمشفى الدكتور أحمد المسلماني في بيت ساحور دور كبير في الكشف عن حالات مصابة ما حال من إتساع رقعة الإصابة والمخالطة، كما قامت طواقم العيادات والمراكز بإتخاذ الإجراءات اللازمة عبر إقامة الخيم على مداخلها تنفيذاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية، وعملت المؤسسة كذلك على توفير المساعدات الصحية والمعقمات لبعض المناطق النائية والمهمشة التي تئن تحت ضغط الفايروس ووفرت خدمات الإرشاد والمساعدة الهاتفية بتخصيص أخصائيين في مختلف التخصصات للمساعدة إلى جانب الرسائل التوعوية عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتوزيع المواد والنشرات التثقيفية على المواطنين والمساهمة في عمليات الفرز والفحص للعمال العائدين من العمل.

كما قامت المؤسسة بوضع إمكاناتها ومرافقها تحت تصرف اللجنة الصحية العليا لمواجهة كورونا ومن ذلك تخصيص مشفى طوباس التابع لها كمركز للعلاج، وتأهبها لإستقبال الحالات المرضية في حال الحاجة فيما يتعلق بالأمراض المختلفة خارج الإصابات بالفايروس.

ومع هذا كله ومع تزايد عدد الإصابات وتسجيل حالة وفاة واحدة ورغم بذل الجهود إلا أن الأمور تبقى في دائرة الخطر في ظل النقص الحاد على المستوى الدولي والمحلي لجهة توافر أجهزة التنفس وعدم التوصل لعقار أو دواء يوقف هذا المرض عدا عن الأثار الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تطل برأسها بسبب حالة الشلل الميداني للحياة في فلسطين وتسجيل حالات غلاء واستغلال للأسعار من قبل بعض التجار سواء في المعقمات ووسائل الوقاية أو الاحتياجات الغذائية اليومية ما يتطلب جهداً من الجهات ذات الاختصاص لضبط الحالة.

ومما يفاقم الأمور حدة الاحتلال الإسرائيلي بممارساته العنصرية ومنع الأطقم الطبية والأمنية من ممارسة دورها ولا سيما في القدس المحتلة والمناطق المصنفة"ج" ومواصلة حصار قطاع غزة الذي يرزح تحت الفقر والعوز في شتى المجالات عدا عن رفضه الإفراج عن خمسة ألاف أسير وأسيرة بعضهم مرضى ولا سيما بعد تسجيل إصابة أحد الأسرى بسبب نقل العدوى له من سجاني الاحتلال، وهو أمر يستوجب من المؤسسات الصحية والحقوقية الدولية التدخل الجاد والسريع للضغط على دولة الاحتلال لوقف هذه الممارسات وإطلاق سراح الأسرى.

ومن الثغرات التي تهدد صحة المجتمع الفلسطيني وتعرضه لتسجيل المزيد من الإصابات بالكورونا هم العمال في المستوطنات الإسرائيلية وأراضي العام 1948 وتعامل مشغليهم من الإسرائيليين وجيش الاحتلال معهم بطرق لا أخلاقية إذ سجلت ووثقت حالات لإلقاء عمال مشتبه باصابتهم على قارعة الطريق دون فحصهم أو تقديم العلاجات لهم.

وفي يوم الصحة العالمي فإننا في مؤسسة لجان العمل الصحي نرفع  أسمى آيات التقدير للعاملين في القطاع الصحي بكل مكوناته كونهم خط الدفاع الأول في المواجهة بجهدهم ووقتهم وكذلك لقوى الأمن الفلسطيني التي تصل الليل بالنهار لوقف تمدد الجائحة وللإعلام الفلسطيني والعربي على دوره في نقل الأخبار وتسليط الأضواء على النواقص والاحتياجات.

كما وندعو الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة لإشراك كل مكونات القطاع الصحي الفلسطيني في التخطيط والعمل المشترك لاحتواء الأزمة، وكذلك العمل الفوري والجاد وبالتعاون مع المجتمع الدولي لإطلاق سراح الأسرى والأسيرات كي لا يكونوا فريسة للمرض، كما ونشدد على ضرورة المسارعة لإيجاد آلية مساعدة للعوائل الفقيرة عبر صندوق وطني حكومي وشعبي، ما يشكل مدخلاً للعمال للتوقف عن الذهاب للعمل في المستوطنات وداخل دولة الاحتلال.

كما ونطالب المواطنين بالإلتزام بالعزل وتجنب الحركة كي يبقوا وأسرهم في أمان ولا سيما وأن الإحصاءات تشير إلى أن النسبة الأكبر من المصابين هي في صفوف المخالطين، ونؤكد على ضرورة العمل على إستقاء العبر مما يجري كمدخل لوضع استراتيجيات عمل مستقبلية تضع على سلم أولوياتها رفع موازنة القطاع الصحي لكي يكون جاهزاً لأي طاريء، ونؤكد على أهمية العمل على تأمين عودة المغتربين من طلبة ومواطنين إلى أرض الوطن بالتعاون مع دول الاغتراب. بيتك أمانك وصحتك من صحة الوطن لنلتزم جميعاً بالإجراءات الوقائية.