منال الزعبي - النجاح الإخباري - الإيمان بالنفس، ومواجهة التحديات، وتكرار المحاولات إصرارًا على تحقيق الحلم هي خطوات النجاح الذي  غالبًا ما يولد من ظروف غير متوقعة.

في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة وشح الموارد، يصبح إيجاد مصادر دخل بديلة للشباب أمرًا بالغ الأهمية، وسط هذا الواقع، نجد قصصًا ملهمة لشباب فلسطينيين نجحوا في تحويل شغفهم وموهبتهم إلى مشاريع حقيقية تساهم في تحسين أوضاعهم وتوفير دخل مستقل، يجتازون عبرها معيقات سوق العمل.

 لارا قادوس، الطالبة في جامعة النجاح الوطنية التي تدرس الأدب الإنجليزي فرعي الترجمة في سنتها الدراسية الرابعة هي أحد النماذج الملهمة.

تمكنت لارا من اكتشاف موهبتها والاستثمار في وقتها في ظل أزمة جائحة كورونا، حيث كرّست جهدها في تحويل حبها لصنع الحلويات إلى مشروع ناجح.

اكتشاف الموهبة

 

بدأت رحلة لارا مع عالم الحلويات خلال فترة الحجر الصحي  التي فرضها فيروس اجتاح العالم. في عمر 17 عامًا، وجدت نفسها مثل الكثيرين غارقة في الفراغ ومحاصرة في البيت، رغم أنها تستعد لتقديم امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"،  تقول لارا: "كنت أحب مشاهدة فيديوهات صنع الحلويات وتزيينها، وكنت أجرب وصفات مختلفة. بعضها كان ينجح من المرة الأولى، والبعض الآخر لم ينجح إلا بعد عدة محاولات." هذه التجارب الأولى، رغم بساطتها، كانت بداية لتطوير موهبتها بشكل تدريجي.

وتضيف لارا أنها مع مرور الوقت، بدأت بشراء مستلزمات الحلويات وتجربة وصفات جديدة، حتى أصبحت متقنة لعدد من الأصناف عنونتها بعبارة "صنعت بكل حب".

بداية جريئة

في عمر 18، وبينما كانت تستعد لاجتياز امتحانات الثانوية العامة، جاءتها الفكرة بتحويل شغفها إلى مشروع صغير. بتشجيع من والدتها الداعمة لها في كل خطوة، والتي تتقن فن الطبخ والحلويات التقليدية، وتنتجها لكل الراغبين بتذوق أشهى المأكولات الفلسطينية، تسوقها عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

  لارا أيضًا أنشأت صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم Lara Sweet""، حيث بدأت تلقي طلبات للحلويات الخاصة بالمناسبات كأعياد الميلاد وحفلات النجاح.

ورغم التردد الأولي بسبب الضغط الدراسي، قررت لارا أن توازن بين دراستها وشغفها. تقول: "أخذت أول طلبية لحفلة وبعد أن سمعت ردود فعل الزبائن زاد حماسي، وأصبحت أكثر ثقة في نفسي"، ورغم ذلك استطعت النجاح في الثانوية وبمعدل ممتاز أتاح لي إكمال مسيرتي الجامعية".

عالم جديد

دخلت لارا جامعة النجاح، واختارت تخصص اللغة الإنجليزية فرعي ترجمة تقول: "في الجامعة وجدت نفسي في عالم جديد مليء بالتحديات والفرص في نفس الوقت، حيث التعرف إلى شريحة أكبر من الطالبات والطلاب وانتشار أوسع لمشروعي، وتمكنت من الموازنة بين الدراسة ومتابعة مشروعي الناشيء" .

ورغم ذلك، استطاعت التفوق في كلا الجانبين. تقول: "لم يكن الأمر سهلًا، خاصة مع التزامات الدراسة، لكنني تمكنت من النجاح بفضل اللهبمعدل 98%."

وتضيف لارا: "عليك أن تؤمن بنفسك أولًا، وأن تأخذ أفكارك على محمل الجد، فالفكرة التي تداهمك وتحوم في رأسك سرعان ما تراها أمامك على أرض الواقع، نحن نتاج أفكارنا".

وحول بداياتها قالت: "بدأت بموارد بسيطة جدًا ودون أي رأس مال. رأس مالي كان دعم والدتي وتشجيع الزبائن." رغم البداية المتواضعة، تمكنت لارا من تطوير نفسها ومشروعها شيئًا فشيئًا، مستفيدة من كل تجربة سواء أكانت ناجحة أو فاشلة.

وتوضّح لارا: "الفشل أحيانًا كان دافعًا للتعلم والتطور، واليوم بفضل تلك التجارب، أنا قادرة على إدارة مشروع ناجح يقدم أنواعًا متنوعة من الحلويات والشوكولاتة."

اليوم، تعتبر لارا نفسها صاحبة مشروع متكامل لم يقتصر على صفحتها الشخصية، بل أصبح لديها نقاط بيع في عدة مناطق من الوطن. "الحمد لله، اليوم لدي عدد كبير من الزبائن والمتابعين، وصار مشروعي يتوسع يومًا بعد يوم."

الحلم الذي لا يكبر يموت

طموح لارا لم يتوقف هنا. حلمها الآن أن تمتلك مكانًا خاصًا يحمل اسمها ويكون وجهة للناس للاستمتاع بمنتجاتها. "أحلم بأن أفتح مكانًا كبيرًا يحمل اسمي، يكون فيه الزبائن قادرين على العيش في أجواء مميزة مع حلوياتي. هذا هو حلمي الكبير، وسأواصل العمل من أجل تحقيقه، فالحلم الذي لا يكبر يموت."

لارا قادوس الطالبة المبدعة تمثّل نموذجًا ومثالًا حيًا على أن الإرادة والإصرار قادران على تحويل التحديات إلى فرص نجاح حقيقية.