نابلس - النجاح الإخباري - مع اتساع دائرة القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل تأخذ الأمور منحنى تصاعديًا أما الحرب الشاملة أو التراجع.
حيث بدأ الاحتلال الإسرائيلي في تصعيد هجماته على لبنان بعد ركود الحرب في قطاع غزة وعدم القدرة على كسر حماس وإجبارها على عقد صفقة تبادل وفق معايير رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ونجحت إسرائيل في الأيام الأخيرة في توجيه ضربات مؤلمة لحزب الله تمثلت في تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي التي يحملها عناصر الحزب واغتالات قادة كبار في قوة الرضوان وعلى رأسهم إبراهيم عقيل الذي يعد من القادة البارزين والمطلوبين للولايات المتحدة وإسرائيل منذ عقود طويلة، كما ووسعت دائرة قصفها لما تسميها منصات الإطلاق التابعة للحزب على الحدود.
على أمل أن يؤدي ذلك لاخضاع نصر الله ويقبل بالعودة إلى ما وراء نهر الليطاني، لكن حزب الله رد اليوم الأحد بتصعيد عمليات القصف لتطال مناطق في العفولة والناصرة وحيفا ومواقع عسكرية.
في حين تسعى الولايات المتحدة إلى حل دبلوماسي يقضي بأن يوافق حزب الله طوعاً على سحب قواته عدة أميال عن الحدود الإسرائيلية، والعودة إلى الخط الذي تم الاتفاق عليه بعد حرب 2006، وهو الاتفاق الذي تفرضه قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي لم تتمكن من منع حزب الله من تجاوز الحدود.
وقد قال مسؤولون في دولة الاحتلال إن هذه المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، وأن الوقت ينفد لإيجاد حل غير الحرب لوقف هجمات حزب الله عبر الحدود.
كما أن تصاعد الهجمات الإسرائيلية هو جزء مما وصفه مسؤولون إسرائيليون بنهج جديد في صراعهم الذي يقارب العام مع حزب الله، والذي بدأ في خلفية الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس في غزة ولكنه بات يأخذ موقعًا مركزيًا بشكل متزايد.
ومنذ أحداث السابع من أكتوبر عام 2023 بدأ حزب الله بقصف المناطق الحدودية في الشمال، وعقب ذلك نرح الالاف من الإسرائيليين، وهو ما يثقلون كاهل الحكومة الإسرائيلية التي تواجه تهجير للسكان من المستوطنات الجنوبية المحاذية لقطاع غزة والمستوطنات والبلدات في الشمال بسبب نيران حزب الله.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أضافت حكومة الاحتلال أهداف إعادة المستوطنين إلى أهداف حربها الرسمية.
وقال نير بركات، وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال، في مقابلة: "لا يمكننا ترك الشمال كما هو". وأضاف: "لا أعتقد أن حزب الله سيتطوع للانتقال إلى الشمال. لذا، أمامنا جزء آخر من الحرب."
وقد أبدت دولة الاحتلال حذرها في إعلان حرب مفتوحة ضد حزب الله، لكن استهداف كبار قيادات الحزب في معقلهم القوي في ضاحية بيروت الجنوبية كان يهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن إسرائيل لا تعتبر مثل هذه التحركات التصعيدية خطًا أحمر، بحسب ما قال مسؤول إسرائيلي يوم السبت.
وحتى الآن، خاضت إسرائيل وحزب الله معارك غير رسمية تضع حدودًا لما يمكن للطرفين مهاجمته، ونوع الأسلحة المستخدمة، ومن يمكن استهدافه، سواء مدنيين أو مقاتلين. تعتبر الضربات على الضاحية تجاوزًا لهذه "قواعد اللعبة".
وقال المسؤول: "إذا قام نصر الله بتصعيد الأمور، فإن الثمن الذي سيدفعه في الضاحية في بيروت سيكون مرتفعًا للغاية"، وأضاف أن إسرائيل لن تتوانى عن استهداف مركز قيادة حزب الله مرة أخرى.
كما يهدف التحول الاستراتيجي لإسرائيل إلى تغيير مجرى الصراع عبر الحدود الذي كان مكلفًا للطرفين دون وجود مخرج دبلوماسي واضح.
وقد تعهد حزب الله بمواصلة مهاجمة إسرائيل حتى ينتهي القتال في غزة، لكن محادثات وقف إطلاق النار لم تسفر عن أي نتائج منذ شهور وهي حاليًا متوقفة.
وكانت إسرائيل تسعى إلى تجنب الحرب بينما كانت القتال في غزة على أشده، وكانت قواتها مرهقة من القتال، لكن مع تراجع النشاط على تلك الجبهة، بدأت إسرائيل في زيادة ضغوطها على الحدود الشمالية، وفقًا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين ومحللين إقليميين.
وحذر نصر الله يوم الخميس من أن إسرائيل إذا غزت لبنان، فستجد نفسها عالقة في القتال. وقال في خطاب متلفز: "نأمل أن تدخل إسرائيل إلى لبنان، نحن ننتظر دباباتهم ليل نهار، ونقول لهم أهلاً وسهلاً".
وفي إطار التوترات المتصاعدة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يوم الجمعة أن حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس. ترومان" ستتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط يوم الاثنين. وتتواجد مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لنكولن" بالفعل في المنطقة.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز يشعر كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين بالقلق من أن إسرائيل قد تشن قريباً حرباً برية في لبنان، حيث أنه لسنوات، قبل بدء الصراع الحالي، تجنبت إسرائيل تصعيد المواجهة المباشرة مع حزب الله خوفاً من الدخول في دوامة تصعيدية.
في حين ضربت إسرائيل بشكل متكرر شحنات الأسلحة لحزب الله في سوريا خلال العقد الماضي، إلا أنها كانت حريصة على تجنب قتل أعضاء الحزب.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون الآن إن تلك الاستراتيجية سمحت لحزب الله بإعادة التسلح وتعزيز مواقعه بعد حرب 2006.
ويمتلك حزب الله القدرة على ضرب جميع أنحاء إسرائيل بصواريخ موجهة بدقة لكنه لم يفعل ذلك.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن معظم تبادل إطلاق النار لا يزال مقتصراً على بضع أميال على جانبي الحدود المشتركة. لكن حسابات الجانبين تتغير بسرعة.
وقالت كارميت فالنسي، باحثة بارزة في معهد دراسات الأمن القومي وخبيرة في شؤون حزب الله: "تلك الخطوط الحمراء لم تعد موجودة"، وأضافت: "لقد تغيرت الأمور بشكل جذري في قواعد اللعبة".