منال الزعبي - النجاح الإخباري - تحشد إسرائيل دباباتها على الجبهة الشمالية بعدما وجهت ضربات تكتيكية لحزب الله تعد أكبر هجوم تكنولوجي متسلسل في التاريخ، بعد تفجير اجهزة البيجر واللاسلكي التابعة لعناصر الحزب اللبناني، وعلى اثر ذلك، نقل الاحتلال كذلك ثقله العسكري إلى الحدود الشمالية ويهدد بمرحلة جديدة من الحرب، وبينما يرى مراقبون أن حزب الله مجبر على الرد وإلا ضاعت هيبته ومعادلة الردع التي بناها على مدار عقود طويلة.

 

ويرجح خبراء أن إيعاز رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للموساد والأجهزة الأمنية بتفجير أجهزة الاتصالات، ليس بالضرورة خطوة نحو حرب جديدة أو مواجهة أوسع مع حزب الله، بل له أهداف ومساعٍ خفية بعد أن "أقر نتنياهو سلسلة جديدة من القرارات التي ستغير طريقة التعامل مع الأوضاع على الجبهة اللبنانية" بحسب ما أوردته صحيفة "إسرائيل اليوم".

الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أكّد لـ "النجاح": "ما نشهده في لبنان خلال اليومين الماضيين يشير إلى نقلة نوعية في طبيعة الحرب داخل لبنان".

ويقول: "هذه العمليات هي رسائل متعددة للجبهة الداخلية اللبنانية، إذ تحاول إسرائيل دفع المقاومة اللبنانية لقطع علاقتها بغزة وإجبارها على حلول دبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي. إلا أن حزب الله رفض ذلك وأعلن أنه سيستمر في دوره كجبهة مساندة." 

وأضاف ياغي: "هناك أيضًا محاولة إسرائيلية لاستجلاب رد حقيقي من حزب الله ليضفي شرعية لحكومة نتنياهو ويعطي مبررات للولايات المتحدة للتدخل في المنطقة. ومع ذلك، لا يمكننا القول إننا نتجه نحو حرب شاملة في المنطقة."

خرق أمني وتوقيت حساس: 

وفيما يتعلق بتفجير أجهزة لاسلكية في لبنان، يرى ياغي أن هذه العمليات تشير إلى إمّا وجود خرق داخل الساحة اللبنانية أو تطور إسرائيلي تكنولوجي مدعوم من الولايات المتحدة وحلف الناتو.

ويضيف: "يسجل لصالح الإسرائيلي أنه استطاع اختراق حزب الله ومنظومات الاتصال عبر تفخيخ أجهزة معينة لا يمكن كشفها أثناء الفحص الاعتيادي. هذا يشير إلى تطور تكنولوجي خطير يسجل لصالح إسرائيل."

وأوضح ياغي أن التوقيت الحالي مهم، إذ أعلن جيش الاحتلال رسمياً تحويل القتال إلى الجبهة الشمالية. ومع تزايد القصف على مناطق غير مخلاة في لبنان، فإن هناك احتمالية لتوسع تدريجي في المعركة، خصوصًا إذا ما استجلب الرد اللبناني ردود فعل أخرى.

احتمالات حرب إقليمية: 

وحول إمكانية تصاعد الأمور إلى حرب إقليمية، قال ياغي: "المسألة ليست فيما يريده حزب الله أو إيران، بل ما يخطط له نتنياهو بضوء أخضر أمريكي. الولايات المتحدة تبدو كأنها تستغل الوقت لصالح إسرائيل، خاصة في ظل دعمها لحليفها الإسرائيلي."

وأشار ياغي إلى أن الأمريكيين يرون إيران حليفاً عسكرياً لروسيا واقتصادياً للصين، وبالتالي يمكن جرها إلى معركة إقليمية واسعة. إلا أن روسيا والأقطاب الأخرى في محور المقاومة تحذر إيران من الانجرار إلى هذا التصعيد. وبدون الدعم الأمريكي، لن يذهب نتنياهو إلى حرب واسعة، لذا يعتمد نتنياهو على استغلال الدعم الأمريكي ليحافظ على استقراره الداخلي.

نهج يميني متطرف

بدوره أكد المحلل السياسي الدكتور أيمن يوسف لـ "النجاح"، أن هذا يشير إلى عدة أمور منها أن هذه الحكومة يمينية متطرفة أجندتها أجندة حرب وصراع بدعم أمريكي،  وهذا يبدو من خلال تصريحات وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت بأن الثقل انتقل إلى الجبهة الشمالية، وقلل من كثافة قواته في قطاع غزة في إشارة إلى سعي إسرائيل لفتح جبهة مع حزب الله".

وأوضح يوسف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى للضغط على الولايات المتحدة لتكون جزءًا من هذه الحرب، خاصة في ظل وضع الانتخابات الأمريكية.

ويتابع: "ربما تسعى إسرائيل للحفاظ على قواعد الاشتباك ضمن توازن القوة بين الطرفين، إلا أن الأمور قد تتدهور بعد الانتخابات الأمريكية إذا ما رأى الطرفان ضرورة لتوسيع المواجهة."

ماذا عن غزة وتداعياتها؟

وأوضح  يوسف أن العملية الإسرائيلية في غزة فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة، بما في ذلك القضاء على المقاومة وتحرير الأسرى الإسرائيليين. وبالتالي، قد يحاول نتنياهو تعويض هذا الفشل ببعض النجاحات في جبهة الشمال، إلا أن هذا التحرك يحمل مخاطرة بجر المنطقة إلى مواجهة شاملة.

وفي سياق احتمال الهجوم البري، قال يوسف: "لا أعتقد أن إسرائيل ستخوض حربًا برية في الوقت الراهن، ربما تركز على العمليات الجوية وعمليات الاغتيال والاختراق السيبراني، كما رأينا في الأيام الأخيرة."

في ظل هذا التصعيد والتوتر المتزايد، يبقى السؤال المحوري: هل ستنجر المنطقة إلى حرب شاملة؟ يبدو أن الأطراف الدولية والإقليمية تترقب بخوف ما ستؤول إليه هذه التطورات، خاصة أن أي تصعيد جديد في الجبهة الشمالية قد يقلب موازين القوى في المنطقة ويدخلها في دوامة من الصراعات الدامية.