نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - اليوم ابتسم وجه فلسطين فرحًا بنتائج أبنائها وبناتها الناجحين في الثانويةالعامّة، وهي التي تتهيأ كلَّ عام بكامل بهجتها لمثل هذا الفرح، رغم الاحتلال والظروف وفيروس كورونا الذي أرهقها على مدار عامين.

ومع إعلان النتائج احتضن فلسطين بالزغاريد 71.3% من الطلاب الناجحين بعد ليلة من الانتظار وحدّة الشعور وحرقته، عاشها كلّ طلبة الثانوية العامّة وأهلهم وأقاربهم.

أجواء الفراح

 

تعالت البهجة وانفرجت الأسارير فرحًا بيوم الحصاد الذي رُصدت معالم فرحه الغامر من خلال  لقاءات أجراها تلفزيون "النجاح" مع الطلبة المتفوقين، ومن بين الطالبة راما يحيى عرفات في مدينة نابلس الحاصلة على المرتبة الثانية على مستوى الوطن  بمعدل 99.6 الفرع العلمي.

ووصفت راما لحظة سماعها نتيجتها، بالشعور الجميل والفرح الغامر، فهي اللحظة الحاسمة التي تتسارع فيها دقات القلب وتشهق الأنفاس،  بقولها: "التفوق فرحة لا تتكرر ولا تنسى".

أما والدها المهندس يحيى عرفات فأشار إلى أنَّ هذا النجاح هو امتداد لتفوق ابنته راما على مدار 12 عامًا، وأرجع السرّ وراء التفوّق إلى حب التعليم، وجوّ الأسرة ودعمها واحتوائها لأبنائها، في هذه المرحلة الحاسمة بالذات.

عرفات ترغب بدراسة الرياضيات فرعي تأمين في جامعة النجاح الوطنية، بخلاف أبناء العائلة الذين سلكوا درب والدهم في الهندسة.

وأشارت الطالبة المتفوقة إلى أنَّه كان عامًا صعبًا اجتازته بالعزيمة والإصرار وتحدي الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، من تعليم إلكتروني ومشاكل كثيرة سواء بانقطاع الكهرباء أومشاكل الإنترنت، ونصحت الطلبة بأنَّ أهم عوامل التفوق تكمن في تنظيم الوقت، والإنجاز، وعدم مراكمة المواد الدراسية، والدراسة بتركيز دون توتر أو قلق.

أما والدها فأكّد على أنَّ "التوجيهي" يؤسس لمرحلة قادمة وهو محطة تحوّل على الطالب أن يوازن فيها بين الدراسة والراحة وتجنب الضغط فالراحة النفسية تؤدي إلى نتائج أفضل.

وفي لقاء مع الطالب كريم استيتية الأول على الفرع العلمي مكرر على مستوى مدينة نابلس، والحاصل على معدل  99.6 وهو طالب في المدرسة الإسلامية، وصف لحظات التوتر التي يعيشها الطالب مهما كان قد بذل واستعد، بقوله : "كل هذه المشاعر تتلاشى عند سماع النتيجة ..فرحة لا توصف، خليط من الضحك والبكاء والسجود والأحضان والدعوات، وحمد الله الذي لم يضيّع ما بذلناه من جهد".

وبدت هذه المشاعر واضحة على وجه أمه المهندسة روند التي شاركت ابنها عامًا كاملًا من البذل والعطاء، واختلطت كلماتها بالدموع: "الحمد لله الذي أكرمنا بتفوق كريم، تفوق كان موازيًا لحجم الجهد المبذول، سنة كاملة من الدراسة وضع كريم من أول يوم هدفه نصب عينيه، كان يطمح بأن يكون الأول على الوطن، وبذل الجهد الكبير والدراسة اليومية والمراجعة والحلول الخارجية، والحمد لله لم يضع تعبه".

ولفتت أم كريم إلى أهمية توفير الدعم الأسري والنفسي والقرب من الله، والدعوات والراحة النفسية وتنظيم الوقت وبذل الجهد في تحقيق الهدف المنشود في هذه السنة الحاسمة لمستقبل الطالب.

وحول تأثير فترة كورونا قال كريم: "إنَّ السنة كانت صعبة والاعتماد  الأكبر على الذات والدراسة اليومية، إلا أنّه بالفعل من جدّ وجد ومن سار على الدرب وصل".

كريم يرغب في دراسة الطب في جامعة النجاح  الوطنية، وينصح كلَّ من لم يحالفه الحظ من زملائه بعدم اليأس، والاستفادة من التجربة وإعادة ما فاته ليلحق بركب الناجحين في رحاب الجامعة خلال الأشهر القادمة.

أما الطالبة خلود إياد عبد اللطيف كيلاني من سيلة الظهر، الحاصلة على معدل  99.7 لتكون الأولى على الفرع الأدبي فوصفت اللحظة بأنَّها المفاجأة الأجمل في الحياة، فمن يزرع يحصد، "لحظة يصغر أمامها كل تعب".

وعن التخصص الذي ترغب بدخوله أشارت حنتولي إلى أنَّ المعدل العالي يؤهلها لدخول أي تخصص تريده وأنَّها ستفكر لاحقًا بما يناسبها.

وصوّرت الطالبة المتفوقة فرات ماضي من مدينة رام الله الحاصلة على معدل 98%  في الفرع العلمي حالة الطالب وحماسه في بداية العام الدراسي حيث يكون الاندفاع والأمل في  أوجه ثمّ يتسلل إليه الإحباط خاصة في ظلّ الإشكاليات الطارئة من تفشي فيروس كورونا والتوجه نحو التعليم الإلكتروني والقلق والخوف من الامتحانات والمفاجآت إلا أنَّ الإصرار يوصل الطالب لهدفه بحسب رأيها وقولها: "طالب التوجيهي يبذل جهد كبير وعلى قدر جهده يحصد النتيجة".

ترغب فرات بدراسة الطب وترى أنّ "أهم أسرار النجاح في الثانوية العامة هو وضع هدف منذ البداية وبذل الجهد بتركيز وتنظيم الدراسة والوقت، فكلها جهود تؤتي ثمارها يوم النتائج".

إصرار وتحدي

 وجسّدت الطالبة مجدولين دراويش من مدينة الخليل نموذجًا للتحدي بانتصارها على الظروف وتفوقها رغم المرض، حيث أمضت عامها الدراسي الحاسم بين أروقة المستشفيات تغسل الكلى وتصبر على ساعات الانتظار الطويلة والمضنية متمسكة بكتبها وهدفها وصولا لمعدل 84% حققته بتعب وتوتر وخوف لكنّ فرحتها مسحت كلّ هم.فقالت: "لم يحل المرض بيني وبين ممارسة حياتي بشكل طبيعي، بالعكس خلق حالة من التحدي والإصرار دفعتني باتجاه الصبر والتحمل وبذل ما أستطيع من جهد، والحمد لله نجحت بمعدل 84".

وشكرت الطالبة وزارة التربية والتعليم والطواقم التدريسية والطبية التي دعمتها معنويًا ولو بكلمة.

وتعددت قصص النجاح والتفوق وتنوّعت التخصصات فالطالب رياض عطاري من بلدة عرابة في جنين حصل على المركز الأول على مستوى الوطن في الفرع الزراعي الذي يفتخر باختياره ودراسته.

وأشار عطاري إلى أنَّ التخصص الزراعي فيه جانب عملي حياتي مفيد، ويشبه إلى حدّ ما التخصص العلمي.

وتحدّث عن الأحداث التي انتابت عامه الدراسي من تأثير جائحة كورونا وضعف الإمكانات في مدرسته على مستوى المواد العملية بقوله: "رغم هذا كله استطعنا أن نتم دراسة المنهج ونحصل على التدريبات العملية المطلوبة بتضافر الجهود بين الإدراة والطاقم التدريسي في المدرسة"، مؤكّدا أن لا شيء يقف أمام العزيمة والإرادة.

وأهدى عطاري تفوقه لروح والده المتوفى قائلًا: "أصعب اللحظات استحضار فرحة الأهل الغائبين.. لو كان أبي بيننا لغمرني الفرح أكثر".

قصص كثيرة، وتفاصيل حلوة ومرّة لخّصها النجاح في الثانوية العامّة في يوم تزينت فيه فلسطين، كلّ فلسطين بأثواب الفرح وأطلقت الزغاريد والاحتفالات بأبنائها الناجحين الذين ودّعوا المرحلة المدرسية وأقبلوا على بوابات الحياة الجامعية ليكونوا روّاد الغد وصنّاع المجد في كل الميادين.

رغم جائحة كورونا والأحداث العصيبة التي رافقت اجتياح قطاع غزة أثبت الطلبة الفلسطينيون إصرار الشعب الفلسطيني على ملاحقة هدفه رغم الحزن والألم الذي فاقم التحدي خاصة في القدس – الشيخ جراح وقطاع غزة، وأنَّه  لا مستحيل أمام الهمم العالية.

ارادة النجاح مهمة، لكن الاهم منها ارادة التحضير للنجاح، وقاعدة النجاح الأولى التي تعلو على أي قاعدة، هي امتلاك الطاقة التي تولّد الاستمرار رغم كل التحديات.