نابلس - متابعة خاصة - النجاح الإخباري - يصادف يوم غدٍ الاثنين الذكرى السنوية الخامسة عشر لاستشهاد القائد ورمز الثورة والنضال الوطني الفلسطيني، بكوفيته وزيّه العسكري ومسدسه الذي لم ينزعه عن خاصرته، الشهيد ياسر عرفات "أبو عمار".
وفي هذا السياق ،أكد أحمد عبد الرحمن، مستشار الرئيس الراحل، (ابو عمار)، أن الراحل ياسر عرفات كان يمثل أمة بأكملها وحلم جميع الفلسطينيين على مدار عقود شهدت ثورات وانتفاضات فلسطينية.
وقال عبد الرحمن في حديث لـ "النجاح الإخباري" اليوم السبت، :" إن الرئيس الراحل ياسر عرفات "هو الحلم الذي توحد الفلسطينيون خلفه حول "فلسطين الدولة، ووحدة الشعب وعودته وحقوقه المشروعة".
وأضاف عبد الرحمن: "ما أحوجنا لاستنهاض العرفاتية بداخلنا مصدر إلهام لوعي الشارع الفلسطيني والعربي بأكمله بشكل عام والسياسيين بشكل خاص".
وشدد عبد الرحمن على الدور الذي لعبه الرئيس الراحل في تتويج النضال الفلسطيني والتأكيد على الحقوق الفلسطينية المسلوبة ما ساهم في فرض القضية الفلسطينية على أجندة المجتمع الدولي وأعادتها بقوة الى المشهد السياسي.
ورأى عبد الرحمن أن رحيل الرئيس عرفات شكل فراغا سياسيا في المشهد الفلسطيني، لا زال مستمرا ولن يستطيع أحد أن يعوضه بما يمثله الراحل من تاريخ وثورة شعب بأكمله.
وردا على سؤال يتعلق بظروف استشهاده التي لا زالت غامضة، قال عبد الرحمن إن ظروف استشهاد الرئيس عرفات لا تزال غامضة، والتحقيق الذي تجريه لجنة وطنية مكلفة بهذا الشأن ما زال جارياً، رغم الإعلان في أكثر من مناسبة أن وفاة الرئيس ياسر عرفات لم تكن طبيعية بل نتيجة مادة سميّة.
وفي هذا الصدد، جدد عبد الرحمن اتهام الاحتلال الاسرائيلي بالوقوف خلف اغتيال الرئيس الشهيد (أبو عمار) من خلال السم وجرى زرعه في أدوية الرئيس الراحل خلال حصاره في المقاطعة.
وردا على سؤال يتعلق بموقع حركة (حماس) ورفضها لإقامة مهرجانا في غزة لإحياء ذكرى استشهاد (أبو عمار)، أكد عبد الرحمن أن حماس تكشف بذلك عن حقيقة وجودها في القطاع على صعيد القمع الذي تمارسه في الشارع من جهة، وعلى خوفها من ارتدادات مثل هذه المناسبات التي تذكي وعي الشارع وتؤدي في نهاية المطاف الى "تعرية شرعيتها".
ورحل المناضل والقائد الكبير "أبو عمار" في الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، بعد أن رسخ نهجا ثوريا صلبا، وعقب حصار إسرائيلي جائر لمقر الرئاسة، جاء ردا على مواقفه الصلبة وتمسكه بالثوابت الوطنية.
النشأة
وولد "أبو عمار" في مدينة القدس في 4 آب/ أغسطس عام 1929، واسمه بالكامل "محمد ياسر" عبد الرؤوف داوود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.
درس في كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول في القاهرة، وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقا.
كما شارك الراحل مع مجموعة من الوطنيين الفلسطينيين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في الخمسينيات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها في 1968، وانتخب رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شباط 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري ويحيى حمودة.
وألقى أبو عمار عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة "جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي".
وبصفته قائدا عاما للقيادة المشتركة لقوات الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، قاد "أبو عمار" خلال صيف 1982م المعركة ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، كما قاد معارك الصمود خلال الحصار الذي ضربته القوات الإسرائيلية الغازية حول بيروت طيلة 88 يوما انتهت باتفاق دولي يقضي بخروج المقاتلين الفلسطينيين من المدينة، وحين سأل الصحفيون ياسر عرفات لحظة خروجه عبر البحر إلى تونس على متن سفينة يونانية عن محطته التالية، أجاب "أنا ذاهب إلى فلسطين".
لقد حل الزعيم ياسر عرفات وقيادة وكادر منظمة التحرير ضيوفاً على تونس، ومن هناك بدأ استكمال خطواته الحثيثة نحو فلسطين.
وفي الأول من تشرين الأول 1985 نجا ياسر عرفات بأعجوبة من غارة إسرائيلية استهدفت منطقة "حمام الشط" بتونس، أدت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى من الفلسطينيين والتونسيين، ومع حلول 1987م أخذت الأمور تنفرج وتنشط على أكثر من صعيد؛ فبعد أن تحققت المصالحة بين القوى السياسية الفلسطينية المتخاصمة في جلسة توحيدية للمجلس الوطني الفلسطيني، أخذ عرفات يقود حروبا على جبهات عدة؛ فكان يدعم الصمود الأسطوري لمخيمات الفلسطينيين في لبنان، ويوجه انتفاضة الحجارة التي اندلعت في فلسطين ضد الاحتلال عام 1987م، ويخوض المعارك السياسية على المستوى الدولي من أجل تعزيز الاعتراف بقضية الفلسطينيين وعدالة تطلعاتهم.
وعقب إعلان استقلال فلسطين في الجزائر في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1988، أطلق في الثالث عشر والرابع عشر من كانون الأول للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30 آذار 1989.
ووقّع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين عام 1993، اتفاق إعلان المبادئ "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في البيت الأبيض، في الثالث عشر من أيلول، حيث عاد ياسر عرفات بموجبه على رأس كادر منظمة التحرير إلى فلسطين، واضعا بذلك الخطوة الأولى في مسيرة تحقيق الحلم الفلسطيني في العودة والاستقلال.
وفي العشرين من كانون الثاني 1996 انتخب ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في انتخابات عامة، وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرة بناء أسس الدولة الفلسطينية.
وبعد فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 نتيجة التعنت الإسرائيلي وحرص ياسر عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية والمساس بثوابتها، اندلعت انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول 2000، وحاصرت القوات الإسرائيلية عرفات في مقر إقامته في المقاطعة برام الله، بذريعة اتهامه بقيادة الانتفاضة، واجتاحت عدة مدن في عملية سميت بـ "السور الواقي"، وأبقت الحصار مطبقا عليه في حيز ضيق يفتقر للشروط الدنيا للحياة الآدمية.
لقد رحل الشهيد ياسر عرفات قبل 15 سنة بجسده، لكنه ترك إرثا نضاليا ومنجزات وطنية ما زالت قائمة تنهل منها الأجيال لمواصلة الكفاح من أجل التحرر وبناء أسس الدولة الفلسطينية، فأبو عمار لم يكن مجرد مقاتل يحمل بندقية، وإنما كان زعيما ملهما، أسس الدولة الفلسطينية العتيدة؛ بدءا بدوائر منظمة التحرير التي عنيت بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والثقافية للشعب الفلسطيني، وانتهاء بتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من أيار 1994 على أرض الوطن بعد رحلة طويلة من النضال والكفاح المرير.
بقي أن نذكر بأن ظروف استشهاد الرئيس عرفات لا تزال غامضة، والتحقيق الذي تجريه لجنة وطنية مكلفة بهذا الشأن ما زال جاريا، رغم الإعلان في أكثر من مناسبة أن وفاة الرئيس ياسر عرفات لم تكن طبيعية بل نتيجة مادة سميّة.