غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - يلجأ بعض المزارعين في قطاع غزَّة، لاستخدام المُبيدات الزراعية بطريقة غير مسموح بها في محاولة لتحقيق أرباح على حساب صحة المواطن والتربة، غير مبالين في نفس الوقت بالمخاطر التي قد تنجم عن ذلك، الرغم من تحذير الجهات المُختصة للمزارعين من استخدام أنواع المُبيدات أثناء عمليات الزراعة، إلا أنَّه وفي الآونة الأخيرة لُوحظ ازدياد استخدام تلك المُبيدات السامة التي من شأنها أن تتسبب في أضرار صحية للمستهلكين.

التقت مراسلة النجاح الإخباري بالمهندس الزراعي محمد الكيلاني والذي بدوره تحدَّث في البداية عن الغرض من استخدام المبيدات قائلًا: "الغرض من استخدام المبيدات في الزراعة، هو القضاء على أيَّ آفة يمكن أن تحدث أضراراً في المنتجات الزراعية، ولكن هناك مواد محظور على المزارع استخدامها ومواد أخرى مسموح ومصرَّح بها من قبل وزارة الزراعة والصحة".

ومن الهرمونات المستخدمة في الزراعة، هرمون "اثريل"، والذي يستخدم على نطاق واسع في القطاع من أجل تسريع نضوج المحاصيل مثل الطماطم والشمام، والبطاطا والفجل، وتحسين مواصفاتها من حيث اللون والحجم.

وأوضح أنَّ هذا الهرمون "يتم رشه على كلِّ حبة مما يؤدي لتغيير لونها خلال يومين، وتطرح في الأسواق على أنَّها ناضجة، ولكنَّها في حقيقة الأمر لا تكون قد نضجت بالكامل من الداخل".

وبالنسبة للمبيدات، فإنَّ أشهرها وأخطرها، هو مبيد "تيمك" الذي يدخل من المعابر التجارية مع الاحتلال، وكذلك عبر أنفاق التهريب المحاذية للأراضي المصرية، ويستخدم هذا المبيد مع الثوم والزيتون والحمضيات خلال عملية الري، وتستمر آثاره المدمرة على التربة والمياه الجوفية لعدة سنوات.

ونصح الكيلاني المستهلكين بإزالة قشور الخضروات والفواكه قبل أكلها وخاصة التي تؤكل بدون طهي، وذلك لتقليل الآثار الضارة قدر الإمكان.

 

ما يقوله  مزارعو غزة أخطر بكثير

المزارع عبدالله أبوجراد، أشار إلى أنَّ بعض المزارعين يستخدمون المبيدات الزراعية السامة التي منعت وزارة الزراعة استخدامها مثل مادة "النيماكور  السامة"، والتي تسبِّب خطراً كبيراً على الإنسان والنبات.

وأوضح أنَّ المزارعين يستخدمون تلك المواد من أجل إنضاج الثمار وخاصة في ظلِّ ارتفاع أسعار الخضروات من أجل جني الأرباح، كما أنَّهم يلجأون لاستخدام "الخميرة" المستخدمة في صناعة المعجنات- والحمرون"، يستخدمها البعض من أجل إنضاج الثمرة وزيادة حجمها "كالطماطم" و"البطاطا"، مشيراً إلى أنَّ الشكل الخارجي للثمرة يكون جيداً ومن الداخل أخضر غير صالح للأكل.

مزارع آخر تحدَّث عن مواد كيماوية أخرى لا تقل سميَّة عمّا تمَّ ذكره سابقاً، حيث قال المزارع أكرم العطاونة "للنجاح"، إنَّ المزارعين في القطاع يستخدمون مادتي "االكنفدوروالنيماكور" المذكورة سابقاً، فتخلط مع المياه لري الأرض الزراعية قبل شهرين من زراعة "الشتلة أو النبتة"، وذلك من أجل تهيئة التربة للزراعة في محاولة للقضاء على الحشرات الموجودة في الأرض.

مزارع ينفي استخدام المبيدات في محصول التوت

ونفى المزارع راتب حماد من مدينة بيت لاهيا، شمال القطاع، استخدام المبيدات الزراعية لرش محصول التوت الأرضي، معتبراً أنَّها عملية خطيرة تعرِّض حياة المزارع والمستهلك للخطر.

وأكَّد بقوله: "إنَّ محصول الفراولة يتم فحصه والتأكد من خلوه من المبيدات السامة قبل أن يتم تصديره، وذلك من خلال الفحص المخبري الدقيق في وزارة الزراعة للفراولة".

 

الصحة : المتضرر الأول قبل المستهلك هو المزارع

بدوره، قال أخصائى الدم والأورام الدكتور خليل أبو هليل، إنَّ الحديث عن المبيدات الزراعية كمسبب للسرطان صحيح، لعدم تقيد المزارعين بفترة الأمان، والاعتماد على الطرق العشوائية.

وقال إنَّ مسبّبات السرطان في قطاع غزَّة تعود للتلوث الإشعاعي والمبيدات الحشرية كمسبب ثانٍ، وبعض الفيروسات.

وتحدَّث أبو هليل عن المزارعين باعتبارهم المتضررين الأكثر من استخدام تلك المبيدات فقال: "بالنسبة للمزارعين وهم الفئة الأكثر عرضة لسموم المبيدات ومخاطرها،  خصوصاً في حال رش المزروعات دون استخدام إجراءات الوقاية والسلامة، يؤدي لإصابتهم بالتسمَّم مباشرة سواء عن طريق الجهاز التنفسي باستنشاقهم للمبيد السام، أو الجهاز الهضمي في حال تناولهم أيَّ طعام مباشرة و أيديهم ما زالت ملوثة بالمبيد أو عن طريق تعرض الجلد للمبيدات السامة".

وناشد أبوهليل وزارة الزراعة بضرورة الرقابة على المزارعين بشكل مكثَّف وخاصة على المبيدات الحشرية المستخدمة، ومعاقبة أيّ مزارع يعرض حياة المواطنين للخطر بحجة أنهَّ لا يعلم مدى خطورة تلك المواد التي يستخدمها

وبحسب تقرير لمؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في قطاع غزة، فإنَّ المبيدات المستخدمة في مكافحة الآفات الزراعية، ومن ضمنها ما تسمى مجموعة "المبيدات القذرة" التي تضمُّ (12) نوعًا محرمة دوليًّا. يجري استخدامها في القطاع بشكل "مفرط وغير مراقب".

وقد رصد التقرير عدداً من التداعيات الخطيرة لهذا الإفراط في استخدام المبيدات في القطاع، ومنها تزايد "السرطانات.. وإصابة الأجنة بتشوهات خلقية.. وتقليل الخصوبة لدى السيدات والرجال".

وأشار  كذلك "إلى الآثار التي تخلّفها المبيدات على البيئة ومكوناتها الأساسية، حيث إنَّها تزيد من نسب تلوث التربة، وخزان المياه الجوفي".

وكنتيجة للاستخدام المفرط للمبيدات والهرمونات، فقد أصبحت الأسواق مزدحمة بمنتجات زراعية لم تكن مألوفة سابقًا سواء من حيث أحجامها الكبيرة، أو لجهة طرحها في غير موسمها، كالبطيخ الذي أصبح يغزو الأسواق في الشتاء.

ورغم القلق الذي يساور الغزيين حيال هذه المنتجات، إلا أنَّهم مضطرون لشرائها، حيث لا توجد مصادر أخرى لها في ظلِّ الحصار الذي تفرضه "دولة الاحتلال" على القطاع.

المواطنة سمر أبو حميد تقول للنجاح الإخباري إنَّها حينما تذهب للسوق، تعود متذمرة ، تقول: "الطماطم الموجودة بالسوق، نعلم أنَّها غير ناضجة فهي كبيرة بالدرجة الأولى وتبدو للمواطن أنَّها ناضجة وحمراء من الخارج إلا أنَّها في حقيقة الأمر خضراء وغير صحية، عدا عن الفجل والبطاطا ،لكنَّنا مضطرون لشرائها فلابديل عنها، وأكثر ما يمكن أن يقال إنَّها لا لون ولا رائحة ولا طعم".