نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - لم يختلف الفلسطينيون على أهمية الانضمام إلى المحكمة الجنائيّة الدولية في لاهاي واختراق جدارها.

في حين أشار أستاذ القانون الدولي، د.اسلام البياري لـ"النجاح"، إلى أنَّ نظام المحكمة الجنائية الدولية هو نظام تكميلي إعمالاً للمادة الأولى من نظام روما، كما أشار إلى التقرير الصادر عن المدعي العام مؤخّرًا في (5/12/2018) والذي تناول نقطتين مهمتين تقول إحداهما إنَّ الفلسطينيين يدَّعون ارتكاب إسرائيل لجرائم بحقهم، في حين هناك اتّهام مباشر لجهاز الأمن الفلسطيني وجهاز المخابرات من قبل المدعي العام بأنَّه ارتكب جرائم ضد الإنسانية، وهي إدانة غير نزيهة بحسب البياري.

وأضاف البياري أنَّ المدعي العام تلقى (125) مراسلة من أطراف فلسطينية وإسرائيلية وهو يساوي بين الضحية والجلاد في ملاحقته وتقبله للقضايا وفي هذا ضياع للحق الفلسطيني ومخالفة للقانون الدولي الإنساني، خاصة في ظلّ الإدّعاء بأنَّ إسرائيل تحقق مع قادتها وجنودها في حال ارتكاب الجرائم في حين لا يفعل الطرف الفلسطيني ذات الأمر حسب الفقرة (279).

وأكَّد أنَّ على المحكمة القيام بواجبها بإرادة سياسيَّة وقانونيَّة لملاحقة جرائم "إسرائيل"، وعلى مجلس الأمن أن يمارس صلاحياته أمام المحكمة الجنائية الدوليَّة.

وقال: "يوجد لدينا آليات كثيرة كفلسطينيين لملاحقة جرائم الاحتلال من ضمنها مبدأ الاختصاص العالمي المنصوص عليه في قوانين بعض الدول، وفي اتفاقية جنيف الرابعة المتعلق بحماية المدنيين وقت الحرب.

تطور يرى فيه البياري إنجازاً مهماً لتوثيق جرائم الحرب، ويعكس كفاءة الجهاز القضائي والنيابي لديها، كونها تحظى باحترام دول العالم.

"فمقاضاة الاحتلال الاسرائيلي أمام المحكمة يكتسب أهمية خاصّة باعتباره سبيلاً ممكناً لتحقيق العدل والاقتصاص من المجرمين وفضح حقيقة الجرائم الإسرائيلية الممنهجة بحق فلسطين، أرضاً وشعباً ومؤسسات." أضاف البياري.

في المقابل ثمَّة من يرى أن اعتبار الجرائم الخطيرة التي يُشتبه أنَّ مرتكبيها إسرائيليين قضايا جنائية بالمعنى القانوني البحت، لا قضايا سياسيَّة تخضع لمصالح الدول الكبرى، وهو من شأنه أن يُشكل ذلك التحدي الأساسي الأول.

أما التحدي الأساسي الثاني فهو تحديد المحكمة المختصة النظر في تلك الجرائم والإطار القانوني المناسب.

وفي هذا الصدد يرى البياري أنَّ تخطي جميع معوّقات لجوء القيادة إلى المحكمة الجنائية الدولية ومطالبتهم بفتح تحقيق تجريه المدعية العامَّة فيها.

وينقلنا حديث البياري إلى التحدي الأساسي الثالث وهو إجراء التحقيق بشكل مهني ومستقلّ يمكن من خلال قراءة نتائجه تكوين معرفة دقيقة للأفعال الجرمية ومرتكبيها.

تتويج الانضمام ..

انضمام توّج باختيار النائب العام أحمد براك عضواً في اللجنة الاستشارية لترشيح قضاة المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام للمرَّة الأولى في تاريخ فلسطين.

بدوره اعتبر أستاذ القانون في جامعة النجاح الوطنية، د. باسل منصور  أنَّ تعيين د.أحمد براك بمثابة انتصار جديد لفلسطين دوليًّا.

ونوّه للملفات التي تمَّ تقديمها لمحكمة الجنايات الدولية لإدانة إسرائيل وأنَّ المحكمة أبدت جدّية في ممارسة اختصاصها لتحقيق العدالة حيال الشعب الفلسطيني، في ظلّ وجود الأدلة والبراهين القاطعة بتجريم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزَّة عام (2004). وفي ملف الاستيطان.

وأكَّد منصور أنَّ ملف الاستيطان تحديدًا بالغ الأهميّة ولا يمكن لإسرائيل أن تفلت منه، أمام محكمة الجنايات الدوليَّة فهي تصادر أراضي الفلسطينين، وتقيم فوق أراضيهم، ما تعده المحكمة انتهاكًا، ومواجهته في خضم تخصصها.

وعقّب د. باسل منصور على هذا التقرير بقوله: "لا يمكن المساواة بين الجلاد والضحيّة"، فلسطين دولة محتلة وأجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية لا تمارس مهامها كدولة صاحبة سيادة.

 وأضاف أنَّ "إسرائيل" بالضرورة تعمل على حماية قادتها وجنودها من خلال محاكم صورية كشكليات لحمايتهم أمام محكمة الجنايات الدولية، وهذا يضعنا أمام خيار مهم وهو إدانة إسرائيل بهذا الصدد وكشف أنَّ محاكمها شكلية لتغطية جرائمها.

وفي (7/ كانون الثاني/ 2015) انضمَّت دولة فلسطين إلى نظام روما الأساسي، وقبلت فلسطين اختصاص المحكمة على الجرائم المزعوم ارتكابها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس الشرقية، منذ (13/ حزيران/ 2014).

وفي (22/ كانون الثاني/ 2009) أودع وزير العدل في الحكومة الفلسطينية (علي خشان) لأول مرّة إعلاناً يقبل بممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها القضائية بشأن الأفعال التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينبة منذ الأوَّل من تموز (2002) وذلك بموجب المادة (12) من نظام روما الأساسي التي تحدِّد الشروط المسبقة لممارسة اختصاصها.

وفي تموز (2011) أكَّدت فلسطين لمكتب المدعي العام الدولي أنَّها تقدَّمت بحججها الرئيسة. لكن مكتب المدعي العام الدولي لن يمضي قدماً في تحليل المعلومات المتعلقة بالجرائم المزعومة دون استيفاء الشروط المسبقة لممارسة الاختصاص بحسب نظام روما.

وتقول اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف المحكمة الجنائية أنَّ الوثائق التي قدَّمتها فلسطين للمحكمة تؤكِّد شمولية الانتهاكات الإسرائيلية، وأنَّها نتيجة سياسة مسبقة منهجية واسعة النطاق، وتوفِّر إثباتاً بوجود عناصر جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، كما ستبرز مسؤولية المستويات العليا العسكريَّة والسياسيَّة والاقتصادية الإسرائيلية، و خاصة فيما يتعلق بالاعتداءات على المدنيين.