هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - يجلس الحاج فايق نصر على كرسيه الذي اعتاد الجلوس عليه طوال سنوات عمله داخل سوق الزاوية، يلتقط ساعة جلبها أحد الزبائن للتو، يهم ليضع يده داخل " البترينة" حيث أدوات الصيانة، يحدق بعينه بواسطة عدسة مخصصة لمشاهدة العطل.

أخذ نصر مهنة تصليح الساعات من والده الذي ورثها عن جده والذي عمل بها قبل (150) عامًا، وكان للساعة قيمتها حتى امتهن تصليحها أناس عرفوا واشتهروا كالحاج نصر.

يقول نصر لمراسل "النجاح" وهو يضع الساعة جانبًا :" الإقبال ضعيف جدًا في هذه الفترة على تصليح الساعات ، الناس همَّهم الأوَّل  توفير الطعام لأولادهم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في غزَّة، الي بتخرب عنده ساعة هالأيام برميها".

ويتابع نصر : "رغم تراجع الإقبال على تصليح الساعات بسبب التطور التكنولوجي إلا أنّني متمسك في مهنتي لأنَّها إرث أجدادي، رغم أنَّني تركت المحل الذي عملت فيه لأكثر من (40) عامًا، بسبب الأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع إلا أنّني حرصت على البقاء ضمن نفس المنطقة التي عرفني الناس بها" .

الساعاتي هو الشخص الذي يقوم ببيع وشراء وتصليح وصيانة الساعات مقابل أجر مادي، وهي من المهن التي كانت رائجة قديمًا، لكن في ظلِّ التطور التكنولوجي تراجعت بشكل كبير ، فأصبح الناس يتَّجهون لشراء الساعات الصينية التقليدية رخيصة الثمن حتى إذا تعطلت تخلصوا منها ببساطة.

الفتاة منار عمر تقول: "أفضّل شراء الساعات الأصلية، وأبتعد عن المقلدة لتدوم معي أكثر، بالإضافة إلى جودتها وخامتها وتميُّزها، وفِي حال تعطلت أتوجّه للساعاتي، الساعة مهمّة بالنسبة لي ليس كأداة لمعرفة الوقت فقط بل كجزء من الإكسسوار الذي لا أستغني عنه.

 محمد خليل يخالفها الرأي قائلًا: "لا أهتم بشراء الساعات، يغنيني عنها هاتفي الذي لا يفارقني".

بالانتقال إلى شارع عمر المختار بمنطقة "الرمال " حيث محل ناجي دويمة لتصليح الساعات، وحول الموضوع، قال:"الساعات كان لها قيمة كبيرة وهي علامة رقي بماركات عالمية معروفة تتوارثها الأجيال وتدوم طويلًا".

وتابع: "حاليًّا اختلف الأمر وأصبحت الساعات مجرد  اكسسوارات، رغم اهتمام البعض بالماركات العالمية وتركيزهم على اقتناء الساعات".

وأضاف: "الساعات من ضمن الهدايا المرغوبة، يختارها الشخص بعناية ليحافظ عليها الآخر لقيمتها المادية والمعنويّة".

وأكمل: "الأوضاع الاقتصادية الصعبة تمنع الناس من شراء الساعات غالية الثمن"،  قاطعته فتاة وصديقتها قائلة: "لوسمحت ياعمو شفلي الساعة ايش مالها".

أخذ دويمة الساعة ووضعها على طاولة مخصصة للصيانة، ليتابع قائلًا:

"منذ(40) عامًا أعمل في مهنة تصليح الساعات لم أشهد أبدًا أسوأ من هذه الفترة "، مشيرًا إلى أنَّ مهنة الساعاتي تراجعت في ظلّ التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم خاصة مع انتشار الهواتف المحمولة والتي تغني عن الساعة .

وعن الساعات التي كان يعتمد عليها القدماء في معرفة الزمن أوضح أنَّ أوَّل هذه الأنواع هي  الساعات الشمعية، فكان الساعاتي يقوم بإشعال الشمعة في الصباح و ينتظر مدة 12 ساعة ومع انطفاء كل شمعة تنقضي ساعة من الزمن ،  ثمَّ الساعة المائية، والزيتية، والرملية ، والرقمية والساعة الإلكترونية المنتشرة حاليًّا.

وأخيرًا، فإنَّ مهنة الساعاتي رغم قدمها، وموت بعض ممتهنيها وإغلاق العديد من محالهم، ظلّت قائمة  تحارب من أجل البقاء يمارسها قلّة في أسواق غزة.