مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - ربما موضوع الهجرة تناولته وسائل الاعلام بكافة أشكلها، لكننا هنا لسنا بصدد الحديث عن فكرة الهجرة من غزة بحد ذاتها ولأن الأسباب التي دفعت الشباب بسلك مثل هذا الطريق، ولكننا سنتحدث عن كواليس ما يحدث أثناء استعداد بعض الشباب وتأمين الأوراق اللازمة للخروج من غزة، نحو مستقبل يظنون أنه الأفضل.

يبيع سيارة والده ويستدين من عائلته ليحقق حلمه"

 

اسلام سلمان شاب عشريني أنهى دراسته الجامعية ليتعثر مثله مثل الالاف من الشباب بعتبه البطالة ويتبدد حلمه بأن يعيش بكرامة، ليبزغ في ذهنه حلم أكبر لكن الوصول إليه يتطلب الكثير من الاموال.

يقول:" توجهت إلى أحدى مكاتب السياحة والسفر في شمال القطاع لاستفسر منهم عن طريق الهجرة وتكملة حلمي خارج غزة، وبعد أن نصحوني بأن أقدم على تـأشيرات تركيا السياحية ومن تركيا استطيع الهروب لإحدى الدول الاوروبية والتي أيضا ستكلفني الكثير من الأموال، فلمعت الفكرة في عيني وأصررت على تطبيقها وقد أقنعت والدي بأن يبيع سيارته وبانني سارد له نقوده بعد أن أصل لبلجيكا حلم حياتي واستدنت مبلغا آخر من أحد أقاربي على أن أرده له ووافق على ذلك محرجا.

البداية 600$ والمقابل لاشي

واستطرد قائلاً: جمعت المال وسابقت الريح على مكتب السياحة ودفعت لهم ستمائة دولار للحصول على تأشيرة تركيا السياحية واخبروني بانني سأحصل عليها بعد أربعة عشر يوما " 14 يوما"، وانقضت الايام ال 14ولم استلم تأشيرتي وكلما كنت أراجعهم يخبروني بان التأخير ليس منهم وإنما من السفارة وتعددت الحجج كلما سألتهم ولم يكن بمقدوري سوى الانتظار حتى اقتربنا على الشهر، وإذ بالمكتب يتصل بي ويخبرني بأن السفارة التركية رفضت إعطائي تأشيرة لدخول بلادها، فغضبت كثيرا وتجادلت معهم وما زاد غضبي هو أن المكتب أعاد لي نصف ما دفعته بحجة أن النصف الآخر الذي خسرته ذهب لتأمين الأوراق ورسوم السفارة والبريد، فلم أوافقهم على ذلك وطالبتهم بالتعويض واستمرت المشاحنات والاتصالات بيني وبينهم اسابيع وللأسف لم أحصل إلا على 400$ من أصل المبلغ.

بلجيكا حلم وردي يتحول بكابوس كبير على يدي نصاب

تابع اسلام حديثه المليء بالمرارة والالم:" بعد أن يئستُ من موضوع السفر أخبرني صديق لي بانه تعرف على شاب عن طريق موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، لديه طريقة مضمونة وسهلة توصلني لبلجيكا مباشرة وبطريقة غير شرعية لكي أستطيع بعدها الحصول على اللجوء ولكنها ستكلفني سبعة آلاف دولار 7000$، لا أدفعها إلا حينما أصل لبلجيكا، يتم دفعه من قبل أهلي لهذا الشباب ووافقت مسرورا، فقد رسم لي أحلاما وردية بالوصول لبلجيكا بطريقة سهلة.

واصل قائلا:" أخد مني هذا الشاب الذي يدعى "ح .ا" صورة عن جواز سفري وطلب مني أسبوع ليرتب لي أمور الهجرة، وطلب أيضا مئتا شيكل له ليجري اتصالات بخصوص هذا الموضوع، أعطيته المال بعد أن أغراني بكلامه الجميل وبسط لي أحلاما جميلة وصور لي بأن بلجيكا تنتظر شابا طموحا مثلي سيجني الاموال الطائلة ويصبح بعد مدة قصيرة جدا من الاثرياء

من هنا بدأت عملية النصب

اسلام تابع سرد قصة فشله في الهجرة وضياع نقوده وتحطم أحلامه:" بعد أيام قليلة إذ بهذا الرجل يتصل مرة أخرى ويخبرني بأن الرجل الذي يتواصل معه يطلب نصف المبلغ المطلوب والمقدر بثلاثة ألاف دولار ونصف، والنصف الباقي بعد أن أصل لبلجيكا، توكلت على الله ودفعت المبلغ المطلوب وخصوصاً بعد أن سألت عنه في محيط سكناه لم يتحدث عنه الجيران بأي سوء، ومضت الايام بسرعة ولم يتصل بي "ح.ا"، وحينما كنت اتصل به تارة يرد وتارة أخرى لا يجيبني، وبعد أن ضقت ذرعا بمواعيده الوهمية، اتصلت به فكان هاتفه مغلق ذهبت بعدها لمكان سكناه وتفاجأت بالمصيبة هرب النصاب بمال اسلام والكثير من الشباب.

وحينما سألته عما حدث بعد ذلك نظر إلي وقد ملأ الياس كامل أجزاء وجهه قال:" بعد أن علمت بأن "ح.ا" قد هرب خارج غزة تقدمت بشكوى في مركز الشرطة لعلي استطيع استرداد نقودي من أهله المتواجدين هنا، وهناك اكتشفت بانني لست الاول ولا الاخير فبنفس المنهج الذي سار عليه معي اتبعه مع غيري وهناك شباب نصب عليهم بمبالغ أكبر من المبلغ الذي دفعته له.

وختم حديثه معي:" ها أنا أمامك تحطمت أحلامي مرات عديدة وخسرت جزء كبير من النقود التي استدنتها من أبي وقريبي، وأنا الان لاحول لي ولا قوة، لا اعمل ولم استطع تحقيق حلمي لا في غزة ولا حتى بالخروج منها.

اسلام نموذج من المئات الشباب الذين وقعوا ضحية عمليات نصب من آخرين مستغلين جهلهم بأمور السفر وحاجتهم الماسة بالهجرة لتحقيق حلم يتحطم يوما بعد يوم في غزة.

فجيش العاطلين عن العمل كل يوم في ازدياد منهم من بقي ليندب حظه ومنهم من تمكن من الخروج والهجرة لكنه أيضا صدم بواقع أكثر مرارا.

الجدير ذكره، أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفها الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وتعثر تطبيق المصالحة بسبب رفض حركة حماس تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في القطاع، دفعت الشباب الذين يعيشون مستقبلاً مجهولاً في القطاع، إلى التفكير بالهجرة علهم يجدون مستقبلهم الذين يحلمون به.