هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - تشير توقعات وسائل الاعلام العربية والمحلية إلى أن لقاء رئيس الصليب الأحمر بيتر ماورير مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، تمحور حول قضية الجنود الاسرائيليين الأسرى لدى المقاومة، وعن احتمالية إبرام صفقة تبادل للأسرى.

وركزت الصحف الاسرائيلية أيضا على قضية الجنود، آخرها كانت صباح اليوم على صحيفة "يسرائيل هيوم"، والتي نشرت تقول: "اسرائيل تعرف ما الثمن الذي يجب ان تدفعه مقابل الاسرى؟!"، وأكدت باقي الصحف الاسرائيلية مثل يديعوت احرنوت العبرية على أن اللقاء تضمن الحديث عن الجنود فيما لم يخرج اي تصريح رسمي من حماس يؤكد الحديث عن هذه القضية.

وقال المختص بالشؤون العربية في الإذاعة العبرية جال بيرغر، "إن السنوار رفض طلب رئيس اللجنة الدولية للصيب الأحمر لقاء الأسرى الإسرائيليين في غزة".

نتنياهو قدم انطباعا عن الجنود المحتجزين بأنهم قتلى

ويؤكد المختص بالشؤون الاسرائيلية محمد أبو علان لـ"النجاح الاخباري" على أن التصريحات التي انتشرت عبر الصحافة العبرية تشير الى ان لقاء رئيس الصليب الاحمر مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قدم انطباعا لماورير أن الجنود الاسرائيليين الاسرى لدى حماس في ظل ظروف قاسية والمعاناة اسرائيلية فقط، دون التطرق للأسرى الفلسطينيين والذي يبلغ عددهم نحو 6500 اسير بينهم 500 محكومون بالإداري.

وأشار أبو علان إلى أن نتنياهو تعمد خلال لقاءه بماورير الحديث عن الجنود الأسرى وكأنهم قتلى.

الصليب الاحمر لا يتمتع بالحيادية

والصليب الاحمر لا يعد جهة حيادية كاملة- كما يقول أبو علان- مبررا ذلك بأن الصليب عندما طالب بإطلاق سراح الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط سابقا دون تطرقه للأسرى الفلسطينيين فهو بذلك لا يمت للحيادية بصلة.

ويكمل أبو علان أن السنوار رفض زيارة ماورير للجنود الاسرى قائلا: "لن تستطيع زيارة الأسرى الإسرائيليين واسرائيل تعرف ما الثمن الذي يجب ان تدفعه مقابل الاسرى" كما ورد في الصحافة الاسرائيلية، لافتا الى أن السنوار لم يحدد اذا كان يحتجز جنود أم مدنيين اسرائيليين

وأضاف أبو علان لـ"النجاح الاخباري" أن الصليب الأحمر لا يمكن أن يكون الجهة الوحيدة لإبرام صفقة تبادل أسرى بين حماس واسرائيل، قائلا: "هذا يحتاج لدولة قوية او عدة دول لها تأثيرها، فالصليب الاحمر مساند ليس أكثر.

وكان نتنياهو قد قال مخاطبا ماورير خلال لقاءهم: "أنا على قناعة بأنكم تستطيعون المساعدة بإعادة جثث الجنود، إضافة للمواطنين عديمي الحيلة والأبرياء المحتجزين بيد حماس من خلال الإخلال الواضح للمواثيق والأعراف الدولية والتي قام الصليب الأحمر بناءً عليها".

قالت وزير الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني مؤخرا، "إن حماس لا تحترم القانون الإنساني بالتعامل مع جنود الاحتلال المفقودين في قطاع غزة".

الصليب: يجب أن لا نرفع من سقف توقعات المواطن الغزي بإيجاد حلول

المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر سهير زقوت، رفضت التعقيب لـ"النجاح الاخباري" عمَّا إذا كانت الزيارة لها علاقة بالجنود "الإسرائيليين" لدى المقاومة قائلة: "دعونا لا نتكهن لن اعلق على هذه التقارير الاعلامية ورئيس الصليب الأحمر سيشارك بجزء مما تم ماقشته في مؤتمر صحفي بعد انتهاء جولته في المنطقة".

وأكدت على أن هدف زيارة ماورير كان واضحا قبل مجيئه وهو انساني للإطلاع عن كثب على الأوضاع لكلا الجانبين.

وأضافت زقوت لـ"النجاح الاخباري" أن ماورير التقي بالمواطنين المتضررين من انتهاكات الاحتلال وذوي الأسرى الفلسطينيين.

ونوهت إلى عدم رفع سقف توقعات المواطن الغزي بإيجاد حلول لاوضاعهم خاصة أهالي الأسرى.

وأشارت زقوت الى أن الحلول يجب أن تكون سياسية، والتحسن الذي ينتظره المواطن يأتي من لاعبين دوليين سياسيين، أما الصليب الاحمر والمنظمات الدولية هدفها التخفيف من المعاناة.

واوضحت زقوت أن ما باح به ماورير بمجرد نهاية اللقاء ان كثير من الامور تم نقاشها الى جانب الوضع الانساني الصعب في القطاع، اضافة إلى تجديد التزامهم بتقديم المساعدات لتخفيف المعاناة.

مصادر موثوقة تؤكد التطرق لقضية الجنود

الكاتب وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة د. حسام الدجني أكد لـ"النجاح الاخباري" على أن زيارة ماورير لا تحمل أي أبعاد سياسية لا في قطاع غزة ولا حتى الضفة، وكانت انسانية نظرا لدور الصليب ومهامه لذلك التقى بكافة الاطراف.

وأضاف أن الزيارة ركزت أيضا على قضية الأسرى لدى الطرفين والأزمات الانسانية في غزة لتحكيم القانون الدولي، قائلا: "نتائج الزيارة باتت واضحة وفقا لما تسرب برفض السنوار تقديم اي معلومات دون ثمن.

وأكد الدجني لـ"النجاح الاخباري" على أنه وفقا لمعلومات ومصادر موثوقة له فإن السنوار تطرق لقضية الجنود الاسرى وأقر بأنه يتم معاملتهم بشكل جيد، وفقا للقانون الدولي الإنساني دون تقديم أي معلومة عن صحتهم او لقاءهم وهناك ثمن لذلك في حال وافقت إسرائيل على شروط حماس ستقدم لهم المعلومات عن المحتجزين.

وكانت قد نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم"  تصريح القيادي في حركة حماس د. أحمد يوسف  قوله إن مهمة رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر تمحورت حول ظروف اسر الجنود الاسرائيليين في غزة، مطالبا حماس بتطبيق المعاهدات الدولية تجاههم.

وقال يوسف" ان ماورير اطلع اعضاء المكتب السياسي للحركة على المعاهدات الدولية الخاصة بالاسرى والظروف الواجب توفرها للحفاظ على حياتهم".

واكد يوسف ان قيادة الحركة شددت خلال اللقاء على التزامها بمراعاة المعاهدات الدولية فيما بالاسرى، لكن السنوار شدد في حديثه على موقف القسام بعدم الكشف عن أي معلومات عن مصير الجنود الاسرى لديها قبل افراج اسرائيل عن محرري صفقة "وفاء الاحرار" عام 2011 الذين اعاد الاحتلال اعتقالهم.

وقال" ان هؤلاء الجنود وديعة لدى القسام لحين الافراج عن كافة الاسرى الذين يصل عددهم الى 50 اسيرا".

من المبكر الحديث عن احراز تقدم بملف صفقة التبادل

وفيما يتعلق باحتمالية ابرام صفقة تبادل للأسرى، أشار الدجني إلى أنه من المبكر الحديث عن احراز تقدم بملف صفقة التبادل في ظل حكومة الاحتلال القائمة.

ورجح الدجني إلى إمكانية ابرام الصفقة او صفقة معلومات أولى في حال تكاثفت الضغوط من المجتمع اليهودي وأهالي الجنود المحتجزين كما حدث مع شاليط.

الهدف من لقاء المتضررين

أما الهدف من لقاء المتضررين من الكوارث البيئية والمنازل المدمرة بفعل السياسات الاسرائيلية في غزة، يشير الدجني إلى أن ماورير يريد أن يطلع بشكل واضح على الاثار البيئية وتلوث المياه والمنازل المدمرة من منطلق انساني كامل والرسالة التي سيحملها لكافة الاطراف الدولية مرتبطة بتشخيصه والتقارير الاممية وغيرها من المؤسسات الدولية.

"ماورير مرسل من اسرائيل"

وكان قد توقع محللون سياسيون أن ماورير مرسل من اسرائيل لاهداف معينة، وعقب الدجني على ذلك بأنه غير منطقي قائلا: "حتى لو كان ماورير مرسلا فعلا من اسرائيل فحماس منتبهة لذلك وتتعاطى وفق المنطق فلن تقدم أي معلومة إلا بثمن سياسي".

ماورير طلب لقاء الجنود الأسرى لدى حماس ومن البديهي أن يكون لديه توقع مسبق برفض هذا الطلب، ويرجح الدجني أن طلبه جاء كمحاولة ولتعزيز ثقافة القانون الدولي باعتباره جزء من اختصاصه.

بعد زيارة غوتيريس وماورير هل ستشهد المنطقة زيارة مسؤولين دوليين؟

بعد زيارة رئيس الصليب الأحمر بيتر ماورير وكان قد سبقه بذلك الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس لقطاع غزة، فهل سيشهد قطاع غزة زيارات لمسؤوليين دوليين اخرين؟

ويقول الدجني لـ"النجاح الاخباري" "الزيارات الدولية مستمرة وتكاد تكون بشكل يومي ولكنها لأطراف محدودة وتكون على علاقة جيدة مع حركة حماس.

من المبكر أن يتفائل الغزي

وتعقيبا على تصريح زقوت حول عدم رفع توقعات الغزيين بايجاد حلول، يشير الدجني إلى أن هذا يضر بذوي الأسرى الفلسطينيين، لذلك نرى صمتا كبيرا لدى حماس دون تصريحات عن هذا الملف، والحديث من أفواه المحللين فقط، قائلا: "من المبكر التفاؤل طالما اسرائيل متعنتة".

وحول زيارة ماورير للضفة يضيف الدجني أن لها ارتباط كبير في الواقع والأزمات الانسانية فهو بالنهاية وطن واحد، وتداعيات هذه الازمات الانسانية يجب ان يتحدث بها ماورير بالضفة والتي اثرت على مناحي الحياة إلى جانب انهاء الانقسام وتقديم المساعدات.

السنوار رفض تقديم معلومات عن الجنود لأسباب

بدوره أوضح المحلل السياسي أكرم عطاالله لـ"النجاح الاخباري" أن الحديث عن الكوارث الانسانية في القطاع لا يعني أنه لم يطرح موضوع الأسرى المحتجزين لدى حماس.

وأفاد بأن رفض السنوار تقديم تنازل من خلال المعلومات يعود لاسباب أمنية، اضافة إلى أن اسرائيل تراقب وستعتقل وتغتال وتلاحق وتخرب اي صفقة وستبقي الأسرى الفلسطينيين ورقة القوة الوحيدة، وطلب ماورير باللقاء من نابع اختصاصه لا أكثر.

وكانت قد أعلنت حماس في الثاني من نسيان/ أبريل 2016، أن في قبضتها أربعة من جنود الاحتلال، ونشرت أسماءهم وصورهم دون إعطاء المزيد من المعلومات، مؤكدة أن أي معلومات حول الجنود الأربع لن يحصل عليها الاحتلال إلا عبر دفع استحقاقات وأثمان واضحة قبل المفاوضات وبعده

وتمكنت حركة حماس في تشرين أول / أكتوبر 2011 من تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني من أصحاب الأحكام العالية وقدامى الأسرى، وذلك بعد مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال برعاية مصرية استمرت خمس سنوات متواصلة، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي تم اسره في صيف 2006، بما عرف باسم صفقة "وفاء الاحرار" إلا أن قوات الاحتلال أعادت اعتقال العشرات منهم في الضفة المحتلة، ما اعتبرته الحركة خرقا لشروط الصفقة.