هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - فسحة الأمل الوحيدة للمعتقلين، هي نافذة الزجاج التي يسترق من خلالها الأسير ابتسامة أطفاله ونظرات اشتياق والديه وزوجته أثناء زيارتهم له في السجون الإسرائيلية، والتي لا تتجاوز مدتها الـ45 دقيقة فقط، هي لحظة تنسي الزائر والأسير كافة الإجراءات التعسفية التي مارستها قوات الاحتلال بحقهم.

98.jpg

حيث يصحب الزيارة تفتيش مهين كوسيلة للتنغيص على أهالي الأسرى، عدا عن رحلة الزيارة المنهكة والتي قد تستمر لـ15 ساعة نتيجة الإجراءات الإسرائيلية المشددة، على الرغم من تنسيق منظمة الصليب الأحمر لمواعيد الزيارات عبر تصاريح توافق عليها مخابرات الاحتلال أو ترفضها.

وتقول والدة الأسير محمد الششتري من نابلس والمحكوم ثلاثة مؤبدات و25 عاما، لـ"النجاح الاخباري"، "استودعت ابني لله، اعتقاله كان مقدر ومكتوب، وهذه ضريبة فلسطينيتنا، ورغم ذلك أشعر بدخول ابني للبيت في أي لحظة".

10378952_285683478269673_631317635871122238_n.jpg

وأضافت والدة الأسير أم هاني الششتري أنها كأم لا يغيب ابنها عن ذهنها أبدا، ولكنها قوية ولا تظهر ضعفها أمامه عند زيارتها له، علما بأنها أصيبت بجلطة قلبية أثناء وجودها بخيمة إعتصام التضامن مع الأسرى، وأجرت عملية قلب مفتوح، عندما وصل خبر غير صحيح يفيد باستشهاد ابنها أثناء إضرابه على الطريقة الإيرلندية والمعروفة بالإضراب حتى الموت دون ماء أو ملح.

وأشارت إلى أنه اعتقل عام 2002 وكان عمره آنذاك (17عامًا)، بزعم تجهيزه لاستشهاديين وإرسالهم إلى إسرائيل لتنفيذ عمليات استشهادية.

وفيما يتعلق بزيارتها لابنها محمد لفتت أم هاني إلى أنها تخرج من منزلها في نابلس قبل آذان الفجر، وتذهب بحافلات الصليب الأحمر وتصل السجن عادة عند الساعة الثامنة صباحا.

وتقول لـ"النجاح الإخباري"، "نتعرض للإذلال خلال الطريق وخاصة على معبر الطيبة غرب طولكرم، وتحاول سلطات الاحتلال تأخير العمال الفلسطينيين على المعبر بإدخال أهالي الأسرى اولا أو العكس لافتعال مشاكل بين الطرفين، ومع ذلك باءت محاولات الاحتلال بالفشل".

وتتابع أم هاني "علما بأن الاحتلال يعلم بأنني أجريت عملية القلب المفتوح وأعاني من الضغط والسكري ولديهم التقارير الطبية كاملة، إلا أنه يتعمد عزلي بغرفة بحجة التفتيش، ويدخل مجندة تتعمد توجيه أسئلة مستفزة لي"، عدا عن منع الزيارة أحيانا.

وأضافت أن سلطات الاحتلال تهين الأهالي من خلال عزل الفتيات في غرف قبل زيارة الأسرى وإجبارهم على التفتيش العاري".

وعبرت أم هاني بعيون مغرورقة بالدموع وصوت متحشرج وغصة عن اعتقال ابنها قائلة: "ابني لم يعش حتى مراهقته، ومضى شبابه داخل أسوار السجون، أختنق ويحترق قلبي كلما أرى شابا مماثل لسنه تزوج وأنجب أطفالا"، لافتة إلى أن وضعها الصحي تدهور أثناء أسره.

وتقول "في أي عرس أحضره أحلم أنها حفلة زفاف ابني محمد، وأبكي داخل قاعة الفرح"، متسائلة متى سيصبح ابنها الأسير عريسا؟.

1469848_488408307942312_740483505_n.jpg

وفي السياق ذاته، تحسين ملف زيارات الأسرى أحد مطالب الأسرى العادلة والتي خاض من أجل توفيرها حوالي 1800 أسير فلسطيني داخل السجون، إضرابا مفتوحا عن الطعام، منذ 17 نيسان الماضي بقيادة الأسير مروان البرغوثي.

ويقول محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين جميل سعادة لـ"النجاح الاخباري"، "إنه من حق كل أسير أن يلتقي بعائلته داخل السجون، وتنظيم مواعيد الزيارات يقع على عاتق الصليب الأحمر، ومن حق كل أسير أن يحظى بزيارتين كل شهر".

وعلى الرغم من أن مرتين بالشهر غير كافية، إلا أن الاحتلال لا يلتزم بذلك ويصدر قرارات منع الزيارات لبعض أفراد عائلة الأسير بذريعة المنع الأمني.

وأشار سعادة إلى أن الزيارات متاحة لأقارب الأسير من الدرجة الاولى، وهم الوالدين والزوجة والأبناء، وإذا كان غير متزوج تسمح لأشقائه.

وأوضح سعادة لـ"النجاح الاخباري" أن الاحتلال قد يحرم الأسرى من الزيارات كنوع من أنواع العقاب، بحجة ممارسته سلوك مخالف لقوانين السجون.

وهذا ما لجأت له إدارة مصلحة السجون عندما أعلن الأسرى إضرابهم عن الطعام، وشددت سلطات الاحتلال على إجراءات منع إعطاء موافقة لمحاميهم.

وبإمكان الأسير تقديم شكوى ضد منع الزيارة التعسفي للإدارة، وبدورها تقوم الإدارة بايصالها للجهات المختصة، والعمل على إصدار قرار يجبرهم على رفع المنع، وأكد سعادة على أن بعض الحالات تم الموافقة عليها، ولكن ما زال هناك حالات لم يستجاب لشكواها.

وأشار إلى أن محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين ومؤسسة عدالة ونادي الأسير قدموا طلبا مستعجلا للمستشار القانوني لإدارة السجون، وبدوره أكد على أن منع زيارة المحامين للأسرى المضربين عن الطعام منذ 17 نيسان الماضي، غير قانوني، وبذلك تقدموا بالتماس مستعجل للمحكمة العليا الإسرائيلية، وتم التوقيع والموافقة عليها إلا أن الاحتلال لم يطبق بنوده كعادته، ومازالت إدارة السجون تتلكأ في إعطاء مواعيد للزيارة.

وكانت حجج الاحتلال الواهية بالمنع تتمثل في إعلان حالة الطوارئ، وأن الأسير المطلوب زيارته نقل من سجن لآخر.

thumb (1).jpg

وأكد سعادة لـ"النجاح الاخباري" على أن منع الزيارة التعسفي يتناقض تماما مع الحقوق التي كفلها القانون الدولي، باعتباره حقا منصوصا عليه بوضوح في اتفاقية جنيف الرابعة تحت البند 116، وفي القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة الأسرى، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والقواعد التي تنظم بحسبها السجون الأوروبية، بالإضافة إلى اتفاقية حقوق الطفل.

ويذكر أن تحسين ملف الزيارات الذي طالب به الأسرى المضربين، يتمثل في إعادة الزيارة الثانية التي أوقفت من قبل الصليب الأحمر، وانتظام الزيارات خاصة لأسرى غزة كل أسبوعين وعدم تعطيلها من أية جهة، إضافة إلى السماح لأي قريب من الدرجة الأولى والثانية بزيارة الأسير، وزيادة مدة الزيارة من 45 دقيقة إلى ساعة ونصف، والسماح للأسير بالتصوير مع الأهل كل ثلاثة أشهر.

a7c76a7468991d233353cd61844dbb6e.jpg