ساري جرادات - النجاح الإخباري - على الرغم من العقبات التي تضعها قوات الاحتلال على استيراد المواد الخام اللازمة في صناعة الأحذية، بحجج وذرائع أمنية، ولإبقاء الاقتصاد الفلسطيني تابع لها، إلا أن الحذاء الخليلي لا يزال يتمتع بالمواصفات والمقاييس المطابقة لمواصفات الجودة العالمية، ويتمتع بمزايا حسنة أدخلته للأسواق العالمية.

الحاج أبو حربي الفروخ (54عاما)، صاحب ورشة لتصنيع الأحذية في شمال مدينة الخليل، يعمل في هذه الصناعة منذ كان طفلاً لم يتجاوز الـ" 12 عاما"، قال ل"النجاح الإخباري": إن هذه الصناعة كانت قديما تتم بشكل يدوي، وواكبت التطورات التكنولوجية واستخدمت الآلات في الصناعة.

وأضاف "كنا ننتج أكثر من 140 زوج من الأحذية بشكل أسبوعي سابقا، وهذه الأيام ننتج 80 زوجا أسبوعيا، وانخفضت الأرباح مقارنة بالتصنيع في الماضي، وكنا نستورد المواد الخام من العراق والأردن وسوريا، بالإضافة للجلود المحلية المصنوعة من جلود الأغنام والأبقار بعد مرورها على مصانع دباغة الجلود".

وحمل أبو حربي القيود والشروط الإسرائيلية الموضوعة على حركة الاستيراد والتصدير، سواء للأحذية أو المواد الخام، والاستيراد العشوائي للأحذية، المسؤولية عن تراجع صناعة الأحذية المحلية، وأشار أن ورشته كانت تشغل 30 عاملا، ومع تذبذب الطلب على المنتج المحلي أصبح لديه 11 عاملاً.

وتمر صناعة الأحذية بعدة مراحل، وغالبا تحتاج صناعة الفردة الواحدة حوالي نصف ساعة، من مرحلة التصميم وقصها بالشكل المطلوب، ومن ثم يقوم عامل الماكينة "الماكنجي"، بِحَبك الجلد ليكون الإطار الخارجي، وبعد طلائها بمواد لاصقة خاصة توضع على مجسم جاهز لتأخذ الشكل المطلوب، ومن ثم يتم تركيبها على النعال وكبسها وتغليفها.

تعمل بعض المصانع بتشغيل مصمم خاص لها، والإستعانة بتصميمات جاهزة متوفرة في الأسواق، وأخرى تصميمات ثابتة يتم تصنيعها وفق الموسم السنوي، ويقوم بعض التجار الإسرائيليين بشراء العديد من الأنواع، وختمها باللغة العبرية وبيعها في أسواق أجنبية على أنها مصنوعة لديهم، بحسب معلومات الغرفة التجارية لمدينة الخليل.

وبحسب بيانات الغرفة التجارية في مدينة الخليل يبلغ عدد الورش والمعامل المصنعة للأحذية حوالي480، وتشغل حوالي سبعة آلاف عامل، وتستدعي بعض المصانع والورش العمال حسب الحاجة والطلب للأسواق، فيما بلغ عددها قبل بداية الانتفاضة الثانية حوالي 1000 مصنع، كانت تشغل حوالي 32 ألف عامل.

وقال الشاب حربي الفروخ (34 عاما) أنه يتلقى دخلا شهريا أربع آلاف شيكل تقريبا، وأنه بدأ العمل في صناعة الأحذية منذ سن الحادية عشر، وقال: يباع الحذاء الصيني بسعر قليل جدا نظرا لعدم جودته وانخفاض عمره، بينما يكلف صناعة الحذاء الخليلي حوالي 70 شيكل.

بدوره، يقول المواطن محمد الزبيدي من الخليل: "أنا أفضل شراء الحذاء الخليلي لي ولعائلتي، على الرغم من ارتفاع سعره مقارنة بالحذاء الصيني، كون شراء المنتج المحلي يعتبر واجبا أساسيا من شأنه خلق فرص عمل للشباب، والحفاظ على مهنة الأجداد، خاصة وأنها تتمتع بمواصفات عالمية وفائقة الجودة".

وقال مسؤول التجمع العنقودي لصناعة الأحذية والجلود في الخليل محمد حسين: "يواصل أصحاب المشاغل والمصانع والتجار ضغوطهم من أجل النهوض بالوضع المتردي لبضاعتهم، وذلك بالطلب من السلطة الفلسطينية وضع شروط على استيراد الأحذية الأجنبية، ومطالبة الجهات المسؤولة اتخاذ إجراءات جدية فيما يخص الاستيراد من الخارج".

وعن مصدر المواد الخام لصناعة الأحذية يقول مسؤول التجمع العنقودي لصناعة الأحذية والجلود في الخليل محمد حسين: "تشتهر مصانع الخليل بجودة أحذيتها العالية منذ القدم، لطبيعية الجلود المصنعة محليًا من جلد الأبقار والأغنام، وتحويلها لجلود قابلة للتصنيع بعملية تعرف بالدباغة، التي تعد عملية متعبة وتحتاج لوقت كبير".

ولفت حسين أن عددًا من المصانع أغلقت سابقًا وعادت وفتحت مؤخرًا، وعددًا آخر اضطر إلى تقليل عدد العمال إلى الحد الأدنى سابقًا، وكل ذلك بسبب قلة المبيعات والطلب على الأحذية المصنعة محليًا أمام الأحذية المصنعة صينيًا والمستوردة رغم قلة جودتها.

وأضاف حسين "كان قبل الانتفاضة الثانية حوالي 1000 مصنع ومشغل، وتعتبر صناعة رافدة للإقتصاد الوطني، ومن أكثر المهن تشغيلاً للعمال، وتستطيع سد حاجة السوق المحلي بشكل تام"، وأبرز الدول التي يتم تصدير الأحذية لها هي "الأردن والعراق والخليج العربي وأمريكا وألمانيا وبريطانيا  بالإضافة لكيان الاحتلال.

وتشير أرقام جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن صناعة الأحذية في الخليل تساهم ب 1% من الإنتاج القومي الفلسطيني، وتفرض سلطات الاحتلال قيود خاصة على الجلود المستوردة من غزة، وتجبر المستوردين بتعليق الجلود على حبل داخل الشاحنة، مما يزيد من أعباء الإستيراد والإنتاج على التجار.

وتعتبرالجودة هي الحصن الأخير الذي تواجه به صناعة الأحذية بالخليل الغزو الصيني والأجنبي لها، حيث يرى التاجر زين المطور أن الجودة هي التي حافظت ومنعت صناعة الأحذية في الخليل من الاندثار حتى الآن، وتتم بحسب طلب الزبون وبناء على حاجته، على الرغم من المنغصات والإجراءات الاحتلالية التي تتعرض لها.