النجاح الإخباري - مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خرج عدد من قادة حركة حماس وقالوا إنهم سيتعاملون مع أي قوة تدخل إلى غزة على أنها قوة احتلال؛ لكن الأسبوع الماضي جاء تصريح مغاير من رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية عندما قال إن حركته ترحب بوجود قوة عربية أو إسلامية في غزة وفق ضوابط محددة.

وتزامنا مع هذه التصريحات عاد ملف المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس عبر الوسيطين المصري والقطري للتحرك مجددا.

وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أمس السبت أن إسرائيل وافقت على مقترح مصري يقضي بالإفراج عما بين 20 و40 محتجزا إسرائيليا في قطاع غزة يقابلهم هدنة ليوم واحد أو أكثر مقابل كل محتجز، وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين.

وقالت الهيئة إن التوقعات تشير إلى موافقة حركة حماس على المقترح وتخليها عن شرط إنهاء الحرب لإبرام صفقة مع إسرائيل.

وفي ذات الوقت اجتمع مسؤولون من حركتي حماس وفتح في العاصمة الصينية بكين لترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وهو ما سبق وصرحت به مصادر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) قبل حدوثه.

ويعتقد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم أن بكين لا يمكن أن تدخل على خط المصالحة الفلسطينية إلا إذا كان لديها قدر معين من اليقين بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح لإنجاز ملف إنهاء الانقسام الفلسطيني.

وأضاف في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي "بكين لا تدخل عادة في الصراعات إلا إذا كانت متأكدة أنها ستحقق شيئا ما".

* قوة عربية

يعتقد سويلم أن هناك محاور قوة مناوئة للولايات المتحدة تتشكل وتتدخل في الصراع، وقال إن اجتماع حركتي فتح وحماس في الصين يأتي استكمالا لاجتماع سابق عُقد الشهر الماضي في موسكو، مشيرا إلى أن روسيا والصين تدفعان بثقلهما في الشرق الأوسط.

وقال "على ما يبدو أن الدبلوماسية الصينية عملت من تحت الطاولة لكي تتولى هي هذه المسألة، وأظن أن الأمر سيسفر عن نتائج، وقد لا تكون نهائية وشاملة وكافية، لكن الاجتماع بالتأكيد ليس اجتماعا روتينيا".

وأفادت مصادر لوكالة أنباء العالم العربي بأن الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة في بكين هو اجتماع أولي، وستترتب عليه اجتماعات أخرى قادمة قد تتوسع لتشمل المزيد من الفصائل الفلسطينية.

وبحسب المصادر، فإن السفير الصيني في رام الله، تسنغ جيشين، على تواصل مع قادة الفصائل الفلسطينية لمزيد من الترتيبات بشأن المرحلة المقبلة.

وبشأن القوة العربية في غزة والتصريح الذي أدلى به هنية الأسبوع الماضي ورحب فيه بوجود قوة عربية في غزة إذا كان هدفها خروج إسرائيل من القطاع قال سويلم "الموقف لا يعتبر انقلابا على مواقف سابقة للحركة هددت فيها بالتعامل مع أي قوة على أنها قوة احتلال".

وكان هنية قد قال "نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية إذا كانت مهمتها إسناد شعبنا الفلسطيني ومساعدته على التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، أما أن تأتي قوة عربية أو دولية لتوفر حماية للاحتلال فهي بالتأكيد مرفوضة"، وشدد على ضرورة وجود إرادة فلسطينية في أي حل لإدارة غزة.

واستبعد سويلم قدوم قوة عربية لحفظ السلام في غزة واصفا الأمر بأنه غير قابل للتطبيق، وأوضح "الولايات المتحدة لا تريد إلا قوة هدفها هو تحقيق السقف الأميركي من التوقعات، وهو سقف غير مقبول لا من حماس ولا من جزء كبير من حركات المقاومة الفلسطينية".

وأضاف "لا يوجد أي إمكانية من وجهة نظري لمثل هذه القوة إلا إذا كان للنظام العربي موقف متماسك وموحد إزاء المطالب الفلسطينية. ومن حيث المبدأ نحن لا نقول إننا مع هذه القوة أو ضدها إلا عند معرفة هدفها".

* إدارة القطاع

الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي شدد على أهمية "توافر الإرادة بداية" لدى الفلسطينيين لإنهاء الانقسام فيما بينهم والانطلاق نحو الملفات الأخرى. وقال "الواقع يتطلب حالة وحدة وطنية وتقاربا ونسيانا للماضي، وبناء منظمة التحرير من جديد".

وأضاف متحدثا لوكالة أنباء العالم العربي أن التغيرات التي يشهدها العالم وحملات التعاطف مع القضية الفلسطينية تتطلب أن يكون الخطاب الفلسطيني موحدا؛ مؤكدا "الأمر لم يعد خيارا وإنما إلزام بإنهاء كل أشكال الانقسام".

وأشار عنبتاوي إلى أن ترحيب حماس بقوة عربية أو إسلامية في غزة هو طرح لا يقرره حزب وحده، وإنما يتطلب إجماعا فلسطينيا. وأضاف "المفروض أن القرارات المصيرية تمثل الكل الفلسطيني ضمن برنامج وطني يطرح كل القضايا، ومن بينها وجود قوة عربية".

ولفت إلى أن حركة حماس تتعرض لضغوط، وأن طرحها بشأن القوة العربية قد يكون الهدف منه تخفيف الضغوط عليها. وتابع "قد تكون هذه القضية تم بحثها بين حركتي فتح وحماس في اجتماع بكين".

وأعلن هنية أن حركته التي تدير القطاع منذ عام 2007 لم تعد متمسكة بالإدارة المنفردة للقطاع. وقال "نحن جزء من الشعب الفلسطيني ويمكن أن نبني حكومة وحدة وطنية وأن نتوافق على إدارة غزة على قاعدة الشراكة".

ويعتقد رون بن يشاي، المحلل السياسي والكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، أنه ليس لإسرائيل بديل عن الحكم المدني لحماس في غزة حتى الآن.

وأضاف "من الناحية العسكرية، فإن حوالي 75% من القوة العسكرية لحماس تم بالفعل تدميرها أو أنها لا تعمل. لكن المنظمة لا تزال تتمتع بسيطرة مدنية على القطاع، وطالما بقيت السيطرة المدنية  فإن أهداف الحرب لم تتحقق".

وهو يرى أنه ليس هناك حاليا سوى بديلين للحكم المدني لحماس: إما حكومة عسكرية إسرائيلية أو قوة تابعة للسلطة الفلسطينية بمساعدة فعالة من قوة شرطة عربية وتمويل من الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل. 

لكن نتنياهو وحكومته ليسا مستعدَّين للموافقة على أي من هذين البديلين، وهو ما قد يفضي إلى عودة حماس إلى السطح بكل عناصرها المدنية في كل مناطق القطاع.