نابلس - النجاح الإخباري - بعد تأسيسه في العام 2002، أطلق منتدى الفنون البصرية -منتدى الفنانين الصغار سابقاً- برنامج "مدرسة الفنون البصرية"كمبادرة ريادية لتعليم الفنون البصرية للأطفال في ظل الانتفاضة الثانية. وكان في حينها من المؤسسات القليلة التي تقدّم تعليماً ممنهجاً في مجال الفنون للأطفال في الضفة الغربية.

استمر المنتدى في تقديم برامجه في هذا المجال حتى العام 2014، إلا أنّه وفي السنوات الثلاث التالية مرّ بأزمةمالية أدّت إلىإغلاقأبوابه. سعى مجلس إدارته جاهداً في البحث عن حلولٍ لهذه الأزمة من أجل تمكين المنتدى من فتح أبوابه، واستئناف تقديم خدماته للأطفال. وتمثلت أولى الخطوات في هذا الاتجاه في تنظيم مزادضم عدداً من الأعمال الفنية التي تبرع بها مجموعة من الفنانين/ات المحليين، ولاسيما أن هناك مقراً للمنتدى في مقر بلدية رام الله الترويحي يمكن تشغيله دون رسوم إيجار، وقد تم توفيره بدعمٍ من البنك الألماني للتنمية،وبتنفيذ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبالشراكة مع بلدية رام الله.

وقد شكلّت المنح التي أعلن عنها مشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة"/VAFF الذي بادرت إليه مؤسسة عبد المحسن القطان، بتمويل من السويد، فرصة كبيرة للمنتدى ولعدد من المؤسسات العاملة الأخرى في الفنون البصرية، التي عانت، أيضاً، انحساراً واضحاً في الدعم لهذا القطاع، للحصول على دعم مالي قادر على تمكين هذه المؤسسات من استعادة دورها الفاعل في الحياة الثقافية، والمساهمة في تعزيز قدرتها على المواصلة والاستدامة.

وبالفعل، بعد حصوله على منحة مشروع (VAFF) الذي ينفذه برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان،استطاع المنتدى إعادة فتح أبوابه أمام الجمهور،والإعلان عن استمراره في تنفيذ برنامجه الرئيسي في تعليم الفنون البصرية للأطفال والناشئة في العام 2017، حيث مكنت هذه المنحة التي بلغت قيمتها161,760  دولاراً أمريكياً المنتدى من تغطيةالنفقات التأسيسية والبرامجية، في الفترة بين تشرين الأول 2017 ولغاية نهاية أيار 2019.

تقول تماضر شلانة؛ مسؤولة تطوير الموارد في المنتدى:"دعمت المنحة توظيف كوادر إدارية وفنية جديدة. وساهمت في تأثيث وشراء المعدات للمنتدى، عوضاً على تطوير استراتيجيته وسياسته المالية والإدارية".

ومنذ بداية تنفيذ المنحة، نجح المنتدى في تنفيذ خمس دورات في مجال الفنون البصرية، بمشاركة 277 طالباً وطالبة، وتمتد الدورة الواحدة على مدار ثلاثة أشهر، وتتوزع هذه الدورات بتراتبية معرفية ومهاراتية تنقل الأطفال من مرحلة البستان إلى مرحلة التعليم الأكاديمية الهادفة إلى تطوير مهارات تعلّم الأشكال وسماتها، والتركيز على تمارين المنظور والعمق والأبعاد،وتعلّم مهارة التخطيط والرسم بالألوان المائية، وغيرها من المهارات.

شهدت مجد المصري كلّ هذه المراحل، فبعد أن كانت تجوب فضاء المنتدى كإحدى طالباته بعمر العاشرة العام 2005، باتت اليوم تعمل ضمن طاقم المدربين، وتنقل بكل امتنان ما تعلمته في صغرها للأطفال واليافعين من رواد المؤسسة. تقول المصري:"أحببت أن أنقل ما تعلمته في صغري للأطفال، تعلمت هنا الكثير وتطورت فنياً". المصري اليوم فنانة حرة ومعلّمة فنون في إحدى مدارس رام الله.

يشكّل المنتدى إحدى قصص نجاح الدورة الأولى من مشروع (VAFF)، وذلك بحسب ما ذكرته مديرة المشروع يارا عودة، التي قالت:"تلاقت أهدافنا في المشروع مع جهود المنتدى في تطوير وتنفيذ برامج في مجال تعليم الفنون البصرية للأجيال القادمة. نحن نرى أهمية وجود مؤسسة كالمنتدى تستطيع الوصول إلى شريحة واسعة من الأطفال في مجالات إبداعية متنوعة مثل الرسم، والنحت،وإعادة التدوير وغيرها من المعارف التي لا يغطيها التعليم الرسمي في مدارسنا".

وتتطلع عودة إلى شراكة جديدة مع المنتدى من خلال ترشيحه للاستفادة من منح الدورة الثانية من المشروع، وزيادة اهتمامه وتركيزه على تطوير وتعميق مضمون برنامج تعليم الفنون البصرية، الأمر الذي سيدعمه في مساعيه لمراكمة أثر أكبر وأعمق في حقل الفنون البصرية في فلسطين. وتختم بقولها: "نقدّر دور مجلس الإدارة والفريق التنفيذي في المرحلة السابقة".

وكان المنتدى، بدعم من المنحة، قد أنهى تطوير منهاج تعليم الفنون وتنفيذ دورات تدريب مدربين مختصة في المنهاج الجديد الذي أشرف عليه الفنان خالد حوراني، بينما استفاد من تدريبات المدربين التي عقدها أكثر من 40 فناناً وفنانة.

فرص استدامة أعلى

وفيما يتعلق بفرص استدامة المنتدى، أكد رئيس الهيئة الإدارية للمنتدى سامح عبوشي،أنّ تنفيذ خطة تجنيد الموارد المالية، بدأ مؤخراً بحصد نتائج عمل وجهد كبيرين،وأهمها الحصول على منحة المؤسسة السويسرية"دروسوس" التي ستدعم المنتدى خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وإضافة الى تجنيد الأموال عبر الطرق التقليدية، فقد حقق المنتدى إيرادات ذاتية تصل 80 ألف دولار.

بدورها، أشارت ديما ارشيد؛ المدير التنفيذي للمنتدى إلى أهمية الدورة الثانية من المشروع التي من شأنها البناء على ما تم إنجازه في الدورة الأولى، وتعميق الجانب التربوي لبرنامج تعليم الفنون البصرية وزيادة فرص الاستدامة مستقبلاً.

أصوات الطلبة

يبدو ألبرت حصري (15 سنة) تواقاً لاستكمال تعليمه في المنتدى، مؤكداً رغبته بإنهاء كافة المستويات الاثني عشر التي يقدمها المنتدى. ويصف حصري تجربته قائلاً:"في بداية مشاركتي بالدورات واجهت صعوبة بالرسم بوجود آخرين، إلا أن الدورات ساعدتني على تخطي ذلك وزيادة تركيزي في الرسم، فبت أقضي ساعات متواصلة في العمل على اللوحة، وتعلمت تقدير الأبعاد للوجه، وأنهيت الدورة بلوحتين عن الوجوه". سينال ألبرت بعد اختتام المستويات شهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم، ليخطو خطوته الأولى نحو حلمه بدراسة تخصص يوظف به الفن.

أمّا تسنيم فرح (14 عاماً) من رام الله،فقد شاركت في الدورة الصيفية – فن وتشكيل في صيف 2019،واهتمت بتعلم الفسيفساء، والتشكيل بالطين وإعادة التدوير. "هذه تجربتي الأولى وأحببت هذا المجال جداً، لذلك قد أدرس الفنون أو تصميم الديكور. كما إنني أحب أساتذتي جداً وأرغب في الاستمرار مع المنتدى" تقول فرح.

واليوم يفتتح المنتدى العام الدراسي الجديد بدورات ممنهجة تشمل بستان الفن من عمر 5 إلى 11 عاماً، والمستويات الأكاديمية من 12 عاماً فما فوق، التي ستبدأ مع منتصف شهر أيلول من هذا العام.