وكالات - النجاح الإخباري - أكَّد تقرير للرصد الإعلامي، أنَّ الفيسبوك هو أكثر المنصات شيوعًا للتحريض على الفلسطينيين، وأنَّ الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية هما الأكثر استهدافًا من قبل صحافيين وسياسيين إسرائيليين.

وأصدر المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث في الناصرة تقريرًا كميًّا يرصد خطاب التحريض والعنصرية في الإعلام الإسرائيلي ضد شرائح المجتمع الفلسطيني كافة.

ويتضمّن البحث رصدًا للصحافة المكتوبة، والمرئية، والمسموعة، بالإضافة إلى تعقب صفحات سياسيّين وإعلاميّين إسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر).

وامتد البحث إلى عام ونصف (من تمّوز 2017 - كانون الأول 2018)، حيث تمَّ رصد (868) مقالًا وخبًرا يحمل خطابًا محرّضًا أو عنصريًّا ضد الفلسطينيين.

كما يلقي هذا المشروع الضوء على خطاب التحريض والعنصرية في الإعلام العبريّ، ويهدف لرصد "تأطير العربي" بشكل عام والفلسطيني على وجه التحديد في الإعلام الإسرائيلي، بغية تطوير أدوات واستراتيجيّات لتغيير التغطية الإعلاميّة الإسرائيليّة المنحازة والمغالية في بعضِ الأحيان إلى تغطية موضوعية ومنصفة، حيث يشمل رصدًا للصحف الإسرائيليّة؛ “يسرائيل هيوم”، “هآرتس”، “هموديع”، “يتيد نئمان”، “معاريف” و”يديعوت أحرونوت”، بالإضافة إلى القنوات الإخبارية الإسرائيلية؛ قناة (2)، قناة “كان”، قناة (20)، قناة (7) وقناة (10)، كما وتخلّل الرصد البرامج الأكثر شعبيّة.

ضحيّة التحريض، بحسب المقالات والتقارير التي تمّ رصدها، هي: منظمات عالمية، والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، السلطة الفلسطينيّة، والأسرى الفلسطينيين، وحركة حماس، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفلسطينيو الـ(48)، والقيادة السياسية لفلسطينيي (48)، واللاجئون، وقنوات إخبارية فلسطينية وعربية، ومسلمون وشخصيّات دينيّة مسلمة، وشخصيات دينيّة مسيحيّة،والرّئيس الفلسطينيّ محود عباس، بالاضافة إلى مؤسسات فلسطينية ثقافية، وفلسطينيو القدس، وحركة المقاطعة الفلسطينيّة، وصحافيون فلسطينيون.

أمَّا نوعيّة التحريض المتّبعة، تعتمد على التعريف المتعارف عليه أكاديميّا مثل، العقاب الجماعي، شرعنة استعمال القوة، نزع الشرعية، الشيطنة، التعميم، الفوقيّة العرقيّة، العنصرية وتصوير إسرائيل بدور الضحيّة.

ويتبيّن من نتائج التحليل الكمي، أنّ نسبة التحريض الأعلى كانت على صفحات التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لأعضاء برلمان ووزراء إسرائيليين وصحافيّين، بنسبة (24%)، تليها وبفارق كبير شبكة “تويتر” بنسبة(12%)، وكلّ من صحيفة “يديعوت أحرنوت” وقناة(20) بنسبة(10%)، وكل من صحيفة “يتيد نئمان” وصحيفة “معاريف” بنسبة (9%)، صحيفة “هموديع” بنسبة (7%)، صحيفة “يسرائيل هيوم” بنسبة (5%)، وقناة  (2)بنسبة (4%) وقناة كان بنسبة (3%)، وأخيرًا، كل من القناتين (7) و (10) بنسبة (2%.).

الحرم الابراهيمي

تتغيّر الضحيّة بحسب المستجدات وتغيّر الأحداث السياسيّة في الميدان، على سبيل المثال، احتلت منظمة اليونيسكو الدوليّة العناوين والتقارير الإخبارية، بالفترة الواقعة بين (7/7/2017) لغاية (11/7/2017)، وذلك عقب إدراج الأولى للحرم الإبراهيمي موقعًا تراثيًّا فلسطينيًّا. كما وقع فلسطينيو الـ(48) وقياداتهم الضحيّة الأكبر للإعلام الإسرائيلي، فترة زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس لإسرائيل، واحتجاج أعضاء القائمة المشتركة لزيارته ولإعلان الرئيس الأمريكي القدس العاصمة الأبدية للشعب اليهودي.

ويتبيّن من النتائج انَّ الجهتين الأكثر استهدافًا للتحريض في الإعلام العبريّ هما السلطة الفلسطينيّة وعباس بنسبة (19%) و(18%) على التوالي، يليهما المجتمع الفلسطيني كشريحة واحدة بنسبة (16%)، وكلّ من القيادة السياسية في الداخل وحركة حماس بنسبة(14%)، وفلسطينيو الداخل بنسبة (12%)، وفلسطينيو الضفة الغربية بنسبة (10%)، وفلسطينيو قطاع غزة بنسبة (8%)، رجال دين مسلمين بنسبة (6%)، ومنظمات دولية بنسبة (5%)، وأخيرًا، مسلمون فلسطينيون بنسبة (4%.).

كما تظهر النتائج أنَّ (58%) من حالات التحريض على المجتمع الفلسطيني تأتي من قبل صحافيّين، و (40.3%) تأتي من قبل سياسيّين فعّالين، أي أنَّهم أعضاء برلمان حاليّين، و (2%) تعود لشخصيات جماهيرية إسرائيليّة مثل رؤساء مجالس محلية وبلديات أو عائلات فقدت أحد أفرادها خلال عمليات، أو أكاديميين.

نوعية التحريض

تتنوع نوعيّة التحريض المتّبعة في المقالات والتقارير الإخبارية؛ فبعضها يشرعن العقوبات الجماعية واستعمال القوّة ضد الفلسطينيين، وبعضها الآخر يقوم بشيطنة الفلسطينيين واستعمال أسلوب التعميم، وهنالك مقالات تقوم بنزع الشرعيّة عن الفلسطينيين وقياداتهم، وبعض المقالات تبرز فيها الفوقيّة العرقيّة اليهوديّة، واستخدام خطاب العنصرية وتصوير إسرائيل بدور الضحيّة.

ولعل المثال الأبرز على شرعنة العقوبات الجماعية واستعمال القوة العسكرية ضد الفلسطينيين، نجده وفق التقرير في المثال التالي: في الجيش يتعاملون مع القرية على أنَّها  "بؤرة إرهابية" خطرة، نظرًا لنشاط مواطنيها حيث خرجت منها في العام الأخير فحسب ثلاث خليات أقدمت على عمليات إطلاق نار، واحدة من الخلايا كانت مسؤولة عن عمليتي إطلاق النار ولم يعتقل أعضاءها بعد. (يتيد نئمان، 19/06/2017، للصحافي ي. شفارتس).

ونزع الشرعية، من جهة أخرى، يسلب من الفلسطينيين حقّهم في التواجد على الأرض، أو نفي روايتهم للصراع القائم أو حقّ عودتهم إلى أرضهم كما يتمثّل في الاقتباس التالي: "لن نسمح لنسل اللاجئين الفلسطينيين أن يعبروا الأردن ويدخلوا أرض إسرائيل. من يُدخل ملايين من أولاد اللاجئين الفلسطينيين إلى أرض يهودا والسامرة (الضفة الغربيّة) يدمّر الأغلبية اليهودية الساكنة بين البحر والأردن. (منشور فيسبوك، 23/6/2017، وزير التربية والتعليم نفتالي بينت).

أما الشيطنة والتعميم، فيمكنهما أن يحملا تحريضًا على أساس دينيّ أو ثقافيّ، فعلى سبيل المثال، قامت وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغف، بكتابة منشور على صفحتها في الفيسبوك تشيطن من خلاله الفلسطينيين على أساس دينهم، وتدّعي: تبدأ هذه الحرب في الثقافة والدين وتنتهي بالسكاكين والبنادق”، (منشور فيسبوك 17.06.2017).

الفوقية العرقية

تجلَّت الفوقية العرقية لدى سياسيّين وصحافيّين إسرائيليّين، وأبرزها كان عند الإعلان عن سنّ قانون الأساس والذي يعرّف إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، حيث كتب عضو البرلمان أمير أوحانا من حزب الليكود على صفحته على الفيسبوك، معلّقًا على سنِّ القانون ومؤكّدًا فوقية العرق اليهودي: "دولة إسرائيل لم تكن، ليست، ولن تكون دولة ثنائية اللغة أو دولة ثنائية العاصمة، إنَّما دولة القومية الواحدة والوحيدة للشعب اليهودي، التي لغتها الرسمية الوحيدة هي العبرية، وعاصمتها القدس الكاملة والموحدة.بتأخير سبعين سنة، حظًا جيدًا لدولة إسرائيل، حظًا جيّدًا لشعب إسرائيل!" (منشور فيسبوك،20.07.2018).

واستخدام الخطاب العنصري دارج جدًا في الإعلام العبري خصوصًا في السياق الديني والسياسي عند الحديث عن الفلسطينيين، مثالا على ذلك، مقال للصحافي اليميني المتطرّف بن درور يميني حول النكبة: "يتألم القلب على كلّ قتيل فلسطيني، بمن فيهم من قتلوا أمس. كان هذا موتاً زائداً، جزء من ثقافة النكبة التي يغرسها الفلسطينيون في أنفسهم منذ سبعين سنة. كانت نكبة. عرب فلسطين مروا بالابعاد. عشرات الملايين في كل العالم. اليهود أيضًا، مروا بأبعاد مشابهة. ولكن الفلسطينيين وحدهم تبنَّوا لأنفسهم فكرة الرفض، الضحية، المعاناة والموت. هم لا يبحثون عن مصلحتهم. فقد أدمنوا النكبة التي كلها، من بدايتها وحتى اليوم، من إنتاج ذاتي.” (يديعوت أحرونوت، 15/5/2018).

صورة الضحية

آخر أساليب التحريض التي تمّ رصدها  في التقرير هو تصوير إسرائيل بدور الضحية والجانب الأضعف في معادلة الصراع، يأتي ذلك الاستخدام جليّا خصوصًا في سياق الطائرات الورقية الحارقة على الجنوب، أو عند المقارنة بين واقع الفلسطينيين في الضفة تحت الاحتلال وواقع أطفال المستوطنين.

لعلّ أكثر الأمثلة دقة هو منشور عضو البرلمان عودد فورر عن حزب “هنالك مستقبل” في سياق مؤتمر قام عليه أعضاء القائمة المشتركة وبعض أعضاء برلمان آخرين تحت عنوان “أطفال تحت الاحتلال”.

وكتب فورر “خلال المؤتمر (أولاد تحت الاحتلال) للمعسكر الصهيوني، ميريتس والقائمة المشتركة، الذي عقد في الكنيست، أن يظهر معاناة الأولاد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت (الاحتلال) في الـ (51) سنة الأخيرة، قرأت أسماء الأولاد الإسرائيليين الذين قتلوا السنوات الأخيرة في (عمليات الإرهاب). يجب على منظمي المؤتمر أن يخجلوا- كيف يمكنهم أن يعقدوا اجتماعاً كهذا بدون أن يذكروا الأولاد المساكين الذين قتلوا فقط لكونهم إسرائيليون. هذا المؤتمر هو عار على المنظمين الذين يخدمون المخربين بدل الجمهور الإسرائيلي” (فيسبوك، 1/7/2018). يتبيّن من النتائج، انّ أسلوبي التحريض والعنصرية الأكثر اتبّاعًا في الإعلام الإسرائيلي هما الشيطنة والتعميم ونزع الشرعية عن الفلسطيني بنسبة (77%) لكل منهما، يليهما استخدام خطاب العنصرية بنسبة (58%.).

الرئيس الفلسطيني محمود عباس

في هذا التقرير لم يكتفِ معدوه في مركز " إعلام" بفحص الوسائل الإعلامية الأكثر تحريضًا وضحية التحريض ونوعيّته فحسب، بل أيضًا من هي الضحيّة الأكبر لكلِّ وسيلة إعلامية، وما هو أسلوب التحريض الأبرز في كل وسيلة. وتطرّق هذا القسم إلى أكثر الجهات استهدافًا في الإعلام العبري، وهم السلطة الفلسطينيّة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفلسطينيي الضفة الغربية وأعضاء القائمة المشتركة.