نبيل عمرو - النجاح الإخباري - في هذا الزمن الذي طغى فيه السلب على الايجاب في حياتنا الفلسطينية والعربية، يترتب علينا أن نقرأ التطورات والمواقف السياسية بصورة مختلفة. تكون قائمة على رؤية الإيجابيات وتسجيلها دون إغفال السلبيات، التي يتعين تفاديها بما هو ممكن وليس بما هو مرغوب.

ابدأ بسلبيات الوضع العربي الذي أثر على مخرجات القمة وسيؤثر حتما على قدرات الفاعلية فيها، أولها وربما أهمها انعدام التوازن بين القرارات العاقلة والسليمة، وبين القدرات التي هي أضعف من أن تحول القرارات إلى حقائق سياسية تفرض فيها على الاخرين ومواقفهم تجاه القضايا العربية.

انعدام التوازن هذا أدى إلى زيادة الاستخفاف الدولي بالوزن العربي، وبالمقابل رفع وتيرة التعاون مع إسرائيل رغم انها ما تزال تحتل أراض عربية وتخالف القانون الدولي ومبادئ حقوق الانسان، مع ارتفاع ملحوظ في مستوى العلاقات الاقتصادية والتسليحية والسياسية مع إسرائيل بما في ذلك بعض العرب.

أما الإيجابيات فهي كثيرة وستكون فعالة إذا ما أحسنت خدمتها، أولها إعادة القضية الفلسطينية التي تراجعت كثيرا في الألويات إلى مركزها كقضية قومية تحظى بإجماع في تبني حقوق شعبها، وهذا ما سيؤثر إيجابا على مكانة القضية عالميا، خصوصاً إذا ما طبقت الدول العربية قراراتها بمعاقبة من يعترفون بالقدس عاصمة لإسرائيل وينقلون سفاراتهم اليها، وكذلك الامر فيما يتصل بالجولان التي جسد القرار الأمريكي بشأنها الحد الأقصى من الاستخفاف بالعرب وردود افعالهم، كذلك فإن توفير شبكة أمان للفلسطينيين كي يواصلو صمودهم الصعب في وجه المحاولات القوية لتصفية حقوقهم يبدو في ظاهره إجراءً خيريا أقرب إلى التبرع، مع أنه في جوهره إجراء سياسي استراتيجي وأساسي في الحفاظ على القدرات الفلسطينية في مواجهة تصفية الحقوق، فشبكة الأمان التي ستجنب الفلسطينيين الوقوع في حالة من الفقر وقلة ذات اليد هي بعض ضريبة من الاشقاء الذين يشكل الفلسطينيون جدارهم الأول وحراس أغلى وأعز مقدساتهم.

وهنالك أمر آخر يتصل بالقمة ويبدو بعيدا ولو قليلا عن الشأن الفلسطيني وهو الموقف من تركيا وايران ذلك ان الجفاء بين هاتين الدولتين والغالبية العظمى من الدول العربية، والذي تحول في بعض جوانبه الى عداء مستحكم، يوقع أفدح الضرر بالقضية الفلسطينية في أخطر الظروف ودعونا نفترض ان هذا الخلاف المستحكم لم يعد قائما وتم استبداله بوئام وتنسيق في اطار السياسة العربية العاقلة تجاه الحقوق الفلسطينية والعربية، فكيف سيكون الحال ساعتئذ، صحيح ان الأمين العام لجامعة الدول العربية وجه انتقادا مباشرا باسم العرب جميعا لإيران وتركيا بسبب تدخلهما في الشؤون الداخلية لدول الجوار، الا ان واقع الامر يقول ان الأبواب ما تزال مشرعة لوئام راسخ مع الدولة الشقيقة تركيا، ووئام معقول مع الدولة الإيرانية اذا ما تخلت عن تدخلها الفظ في شؤون دول الجوار .

أخيرا وبالرغم من قلة رضانا عن الوضع العربي ومخرجات القمة العربية، الا اننا كفلسطينيين الاكثر استفادة من القمم العربية وأكثر الأطراف العربية حاجة لها وسنكون اهم الرابحين لو وجد العرب اليات فعالة لخدمة قراراتهم وتعظيم تأثيرهم على الصعيدين الإقليمي والدولي.