غزة - النجاح الإخباري - يكرس عبد المعطي غبن، جهده طوال العام في زراعة "الذهب الأحمر"، ويعلق آماله على جني الأرباح عندما يتمكن من العودة إلى أسواق الخليج وأوروبا عبر النقل الجوي التجاري، لما في ذلك من عوائد مالية أفضل من السوق المحلي الفلسطيني غير القادر على استيعاب الكميات المنتجة.
 

وبسبب تربتها الرملية الخصبة، تشتهر منطقة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة بزراعة "الفراولة"، إذ يبدأ المزارع "غبن" بتجهيز أرضه البالغة مساحتها 10 دونمات، في الـ 20 من سبتمبر كل عام، ويشرع بالقطفة الأولى للتصدير للخارج في الـ20 من نوفمبر، بتسليم المنتج إلى جمعيات زراعية وتجار في غزة يقومون بتسويقه في الخارج، وينتهي الموسم في 20 مارس من كل عام.

من يومين إلى أربعة

كان تصدير الفراولة من قطاع غزة يستغرق يومين عبر النقل الجوي، لكن بعد عام 2000، وما فرضته الأحداث الميدانية في فلسطين من معادلات سياسية وتجارية جديدة، بات الاعتماد على النقل البري، وأصبحت العملية تحتاج على الأقل 4 أيام، وهو ما يفقد هذه الثمرة الكثير من جودتها، كما يشير المزراع غبن.

وازدادت مأساة المزراعين بسبب انخفاض سعر كيلو الفراولة في قطاع غزة بشكل كبير جداً جراء جائحة كورونا، وبلغ سعر الكيلو الواحد نحو 6 شواكل (1.8 دولار أميركي)، وكان في الأعوام الماضية يصل إلى أسعار تتراوح بين 10-15 شيكل (3-4.5 دولار أميركي).

ويبين "غبن" أيضاً أن "النعمة تتحول إلى نقمة، عندما يغلق الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم -بوابة غزة التجارية الوحيدة-، حينها يضطر المزارع إلى تسويق منتجه داخل القطاع، بأسعار زهيدة يصل فيها سعر الكيلو إلى شيكلين" (قرابة 60 سنتاً).

التصدير في "زمن الوباء"

يشير أحمد قاسم، مدير دائرة التسويق في وزارة الزراعة بغزة، إلى أن "موسم الفراولة يعد من أهم المحاصيل التصديرية لأسواق الضفة الغربية والخارج، وتبلغ مساحة أراضي القطاع المزروعة بالفراولة نحو 2500 دونم، ويتوقع أن تنتج نحو 7500 طن، نصفها يخصص للتصدير الخارجي".

ويوضح قاسم أن "الوزارة تتابع عن كثب محصول الفراولة بأعلى المواصفات لإمكانية تصديره وتحقيق عوائد اقتصادية وعملة صعبة"، لافتاً إلى أن "الموسم لا زال في بدايته، ومن غير المعلوم إمكانية التصدير للدول الخليجية والأوروبية، نظراً لجائحة كورونا وانعكاسها على التكلفة الاقتصادية للتصدير"، مشيراً إلى أن "الفراولة وصلت العام الماضي إلى الخليج وروسيا".

موسم سيء

ويقدّر غسان الكفارنة مدير جمعية بيت حانون الزراعية شمال قطاع غزة، إيرادات تصدير الفراولة من غزة للخارج بما لا يقل عن 10 مليون دولار أميركي، مؤكداً أن "هناك طلب رسمي من دول الخليج  العربي على الفراولة الفلسطينية، لكن المشكلة تكمن في الجانب السياسي الفلسطيني، لاستصدار قرار من السلطة الفلسطينية يسمح بالتصدير عبر مطار بن غورويون جواً".

وأشار الكفارنة إلى أن "السنوات الماضية كان التصدير فيها للخليج يعتمد على التصدير البري، وهو أمر يأخذ وقتاً طويلاً يؤثر سلباً على منتج الفراولة إذ تصل البضاعة خلال 4 أيام، وفي ظل المنافسة المصرية والمغربية للفراولة الفلسطينية في الأسواق الخليجية، فإن قرار التصدير براً توقف كونه غير مجدي اقتصادياً، لذلك تم الطلب من وزارة الزراعة في رام الله، بالسماح بتصدير الفراولة عبر مطار بن غوريون الإسرائيلي وننتظر الرد".

عوائد مالية مجدية

في السياق ذاته، يوضح طارق مصباح صقر، وكيل وزارة الزراعة، ورئيس لجنة التنسيق الزراعي بغزة، (تابع للحكومة الفلسطينية في رام الله)، أن "الجمعيات التعاونية طلبت السماح لها بتصدير الفراولة إلى دول الخليج عبر مطار اللد الإسرائيلي (مطار بن غوريون)، لكن نظراً للظروف السياسية، جرى اقتراح اعتماد إما الطائرات الأردنية أو التركية لنقل الفراولة لدول الخليج، ورُفع خطاب بناءً على طلب من الجمعيات الزراعية لوزير الزراعة ليتم رفعه لمجلس الوزراء الفلسطيني لأخذ الموافقة الرسمية، على أن تكون جميع الشهادات الخاصة بالتصدير صادرة من دولة فلسطين، للشروع بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي والتركي"، متوقعاً أن يتم الموافقة على ذلك.

وشدد صقر على أن وزارة الزراعة حريصة كل الحرص على تصدير المنتجات الفلسطينية بجودة عالية لتنافس بضائع الدول الأخرى.

أهم الصادرات

أما أهم المنتجات الزراعية التي تُصدر من قطاع غزة لدول الخليج، فيوضح الوكيل صقر، أنها: "البطاطس، والفراولة، والليمون، والفلفل الحلو والحار، والبندورة، والكوسا، والبطاطا الحلوة، والقرع، والملفوف، والخيار، والباذنجان، والزهراء، والفلفل الحار، وزيت الزيتون".

وكشف صقر، أن التصدير لدول الخليج والأردن يقدر بنحو 6 آلاف و327 طن بقيمة مالية 5.5 مليون دولار، لكن بسبب جائحة كورونا وارتفاع تكاليف النقل والموصلات، بلغ حجم الصادرات إلى دول الخليج حتى شهر نوفمبر 2020 نحو 3430 طن فقط، فيما تبلغ قيمة الصادرات للضفة الغربية قرابة 57 مليون دولار، وإلى إسرائيل 2.7 مليون دولار.

ويعاني اقتصاد غزة من تراجع كبير، وتشكل الزراعة الدخل الوحيد في العملة الأجنبية، نظراً لتراجع الصناعة والقطاعات الأخرى في ظل الحصار الإسرائيلي منذ سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007.

جهود وآمال

ويعقد المزارعون في القطاع آمالاً على عودة التصدير الجوي، كي تحقق محاصيلهم المردود المالي المجزي، وخاصة ثمرة الفراولة التي تفقد جودتها بسرعة وتحتاج إلى آليات تخزين مكلفة.

ويقول المهندس إبراهم البسيوني، مدير عام الإدارة العامة لوقاية النباتات والحجر الزراعي، إن "هذه الثمرة استراتيجية للقطاع"، ويأمل في أن تثمر الجهود في إعادة تصديرها للخارج في المستقبل القريب.

نقلا عن تلفزيون الشرق