هاني حبيب - النجاح الإخباري - تنتشر الإشاعات والأخبار المزيفة بشكلٍ متزايد أثناء الحروب والكوارث والأحداث الكبري، وهي سمة لا تخلو منها الشعوب على اختلاف تطورها وثقافتها، إلاّ أنها تصبح ظاهرة مجتمعية خطيرة لدى الشعوب الأقل ثقافة وتطوراً والخاضعة للنظم الديكتاتورية والفردية وغير الديمقراطية، وفي كل الأحوال فإنها تشكّل خطراً حقيقياً على الجمهور بمختلف شرائحه، ومع التطورات التقنية الحديثة والتوسع في مواقع التواصل الاجتماعي والأشكال المختلفة من السوشيال ميديا وبروز دور الصحفي الرقمي، بات تداول هذه الإشاعات والأخبار المفبركة أمراً بالغ السهولة والانتشار وبالتالي أكثر خطراً.

لعلاج هذه الظاهرة والحد من خطورتها في المجتمع الفلسطيني خاصة في ظل وباء الكورونا، فإن مراجعة الأداء الفلسطيني الرسمي خلال هذه الجائحة لا بد من أن تشكلّ اشارة حقيقية ودرساً يحتذى في المواجهة بين الشفافية المصداقية من ناحية وسيل الشائعات والأخبار الزائفة من ناحية ثانية.

منذ بدأ تأثير جائحة وباء الكورونا، تسّربت العديد من الشائعات والأخبار السائدة والمزورة، الأمر الذي استدعى الدعوة من قبل كافة الجهات الرسمية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الإعلامية إلى مواجهة هذا الخطر الداهم، إلاّ أن مثل هذه الدعوات لم تكن كافية للجمه والحد منه إلى أن اتخذت المؤسسة الرسمية الفلسطينية خطوات اعتمدت على انتهاج الشفافية والمصداقية الأمر الذي شكّل تحدياً ناجحاً لوباء الإشاعة بالتوازي مع التصدي لوباء الكورونا خاصة وتحديداً في الضفة الغربية.

نشير هنا على أنّ هذا النهج المنظّم في الحرب على الكورونا وعلى هامشه الحرب على الشائعات والأخبار المزيفة ذلك كله جاء بعد إعلان الرئيس أبو مازن حالة الطوارئ الأمر الذي استدعى من الحكومة اتخاذ الخطوات التنظيمية الصارمة والممنهجة إثر نقاشات مستفيضة أدّى إلى هذا النجاح الذي يشهد به المجتمع الفلسطيني، إنّ اعتماد المؤسسة الرسمية الفلسطينية على تزويد وسائل الإعلام على اختلاف أشكالها بالمعلومات الدقيقية والأرقام الصحيحة وخطواتها المبرمجة للحد من انتشار هذا الوباء سواءً من خلال التصريحات والبيانات المنظمة من قبل رئيس الحكومة والناطق الرسمي بإسمها باعتباره المصدر الرئيسي المعتمد في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي لم يترك مجالاً لتسرب الشائعات التي انحسرت إلى حدٍ بعيد.

والدرس المستفاد من هذه التجربة الرائدة أنه لا يكفي الاكتفاء بالدعوة إلى وقف وملاحقة مرتكبي نشر الشائعات والأخبار المفبركة والمزيفة ذلك أن هؤلاء يقومون بهذا الفعل في ظل حالتين، الحالة الأولى عندما لا تكون هناك مصادر رسمية للأخبار فيقوم هؤلاء باستغلال حاجة المتلقي إلى الشائعات والأخبار الملفقة بالنظر إلى حاجة الجمهور الدائمة إلى الوصول إلى حقيقة ما يجري من أحداث والحالة الثانية عندما لا تتمتع المصادر الرسمية بثقة الجمهور فتكون الشائعة قد أخذت مكانتها في تزويده الرأي العام بحاجته إلى الأخبار والمعلومات حول تطورات الأحداث خاصة في حال الكوارث والحروب، وهذا منا أدركته الحكومة الفلسطينية عندما انتهجت تنظيم عملية تزويد المتلقي بالمعلومات الدقيقة والصحيحة من ناحية والقيام بذلك بشكل منظم وممنهج في ظل التمسك بعنصري المصداقية والشفافية الأمر الذي كان وراء تراجع الشائعات والأخبار الكاذبة في الضفة الغربية، صحيح أن الحكومة لم تتمكن من محاصرة كورونا بشكلٍ حاسم رغم كل الجهود المبذولة في هذا الاتجاه لكن الصحيح أيضاً أنها نجحت في أن لا تترك فرصة للشائعات لكي تتسيد الساحة الإعلامية.