هاني حبيب - النجاح الإخباري -  

أثناء انعقاد المجلس الأمني المصغر "الكابينيت" مساء الثلاثاء الماضي، تم تسريب قراراً تم اتخاذه باستمرار العمليات العسكرية على قطاع غزة وأمر الجيش بالعمل وفقاً لمقتضيات التطورات الميدانية على الأرض، إلاّ أنه وبعد ستة ساعات متواصلة، وفي نهاية اجتماعه المذكور توصل المجلس إلى قرار بالاستجابة إلى الوساطات المصرية والدولية، بوقف اطلاق النار مشيراً إلى أن كافة أعضاء المجلس اتفقوا على هذ1 القرار، بما فيهم ليبرمان وشاكيد وبينيت، وهو أمر غير مألوف حسب ما كان يتسرب من اجتماعات المجلس حين النظر حول العملية العسكرية في قطاع غزة، الأمر الذي يؤكد مجدداً على أن دولة الاحتلال ليس لها مصلحة في تدحرج التصعيد إلى حربٍ رابعة في قطاع غزة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب من بينها عدم اكتمال بناء الجدار التحت أرضي على خط التماس للحد من فعالية الأنفاق.

لقد نجحت الحرب المحدود على قطاع غزة، بالتغطية على فشل العملية الأمنية المعقدة التي جرت في شرق مدينة خانيونس مؤخراً، هذه الحرب المحدودة أعادت من وجهة نظر إسرائيلية هيبة جيشها المفقودة بعد هذا الفشل، ثم أن أية حرب واسعة وشاملة جديدة، ستكون مجرد حرب في سياق حروب متصلة ستظل مستمرة إثر كل تفاهمات أو تهدئة وحروب ثلاثة سابقة على مدار العقد الماضي تؤكد هذه الحقيقة وفي حين أن دولة الاحتلال هي المستفيد الوحيد من بقاء الأمر على حالة في الساحة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق باستمرار الانقسام والانفصال الداخلي، فإن أي حربٍ واسعة جديدة ستضع حداً لتوصل حركة حماس إلى تفاهمات إو تهدئة مع إسرائيل كانت قد تمت قبل الحرب المحدودة الأخيرة ذلك أن استثمار الوضع الإنساني المأساوي في قطاع غزة يؤهل إلى فصلٍ تام للقطاع عن السلطة الوطنية الفلسطينية في إطار ما يسمى صفقة القرن الأمريكية، تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بعودة التفاهمات مع الاحتلال بعد وقف إطلاق النار يشير إلى تمسّك الجانبين بهذه التفاهمات التي من شأنها تعزيز الانقسام وتضيف المزيد من العقبات أمام تنفيذ الاتفاقات الهادفة لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

ثم أن دولة الاحتلال، تأخذ من دون شك في الاعتبار بعض المواقف العربية الأخيرة خاصة الخليجية منها التي تهرول باتجاه التطبيع مع إسرائيل، فهذه الدول ستكون أكثر حرجاً في استمرار هذه الهرولة في ظل حربٍ جديد ة شاملة على قطاع غزة، التطبيع العربي مع إسرائيل ينظر إليه نتنياهو باعتباره أحد أهم انجازاته التي يتغنى بها والتي زادت من شعبيته مما يؤهله إلى المزيد من المكاسب الانتخابية في حالة جرت الانتخابات سواءً المبكرة إو في موعدها، ولن يطيح نتنياهو هذا الانجاز من خلال حرب غير مضمونة النتائج.

إلا أن عدم حاجة إسرائيل إلى حربٍ جديدة يجب أن لا يغيب حاجتها إلى إضعاف حركة حماس وتقليم أظافرها من دون الحاجة إلى تصفيتها لضمان بقاء حالة الانقسام، من هنا يكون التصعيد كافٍ لتحقيق هذا الهدف دون الوصول إلى حربٍ رابعة جديدة لا حاجة لها !