وكالات - حسن البطل - النجاح الإخباري - «الساعة آتيةٌ لا ريبَ فيها».. والكارثة، أيضاً، حيث ستُزلزل الأرض زلزالها في مكان ما، يتوسّط هذا «الفالق» الإفريقي - السّوري العظيم.
قُلنا «يتوسّط»، لأنّ الزلازل لن تبقى «اللهمّ حوالينا ولا علينا».. فهي تتثاءب في «الجزمة» الطليانية (إيطاليا تُشبه الجزمة) أو في بلاد «ورقة العنب» اليونانية (اليونان تُشبه ورقة عنب مشرومة).
افتتح الجيولوجيون السوفيات صفحة قراءة نذر الكارثة أوائل هذا العقد الأخير من هذه الألفية الثانية.. التي لن تطوي صفحتها على خير (قُلنا صفحتها الجيولوجية ولم نقل فاصلتها السياسية الأُوسلوية!).
الأميركان أثنوا على القراءة الكارثية السوفياتية، ثم لحقهم المصريون. وقبل أسبوعين صادق عليها الجيولوجيون الإسرائيليون. وقبل ثلاثة أيّام وصل الدور علينا، فحذّر جيولوجي فلسطيني في جامعة النجاح (جلال الدبيك)، من أنّ الزلازل التي تتثاءب «حوالينا لا علينا» سوف تنفخ في صورها بين خليج العقبة وبحيرة طبريا.
ما هي «النُبوءة» التي صدّقها كلّ هؤلاء «الدجّالون»؟
«الركيزة» العربية، أو «المجن» العربي (شبه الجزيرة العربية ومركزها الربع الخالي) تتحرّك أو «تنزلق» نحو الشمال الشرقي. أمّا «الركيزة» الإفريقية أو «المجن» الإفريقي.. فهو يتحرّك نحو الشمال الغربي.. وهكذا، يتّسع البحر الأحمر بمعدّل محترم (يتوقعون بعد عشرات ملايين السنوات أن يصير البحر الأحمر في سعة المحيط الهندي).
هذا الانفكاك الإفريقي - الآسيوي، الحديث نسبياً في عمر الأرض، يلقي بضغطه المأزوم على الانهدام الذي يبدأ من خليج العقبة، وبالذات من مدينة العقبة.. حتى سُفوح جبل الشيخ (حرمون).. وبشكلٍ ضعيف إلى بقاع لبنان، فسهل العمق في سورية.. إلى مشارف حلب.
يتوقّع «الراسخون» في الجيولوجيا زمناً في المدى الجيولوجي المتوسط (من بضعة آلاف إلى بضع مئات آلاف السنوات) حيث سيمدّ خليج العقبة «لساناً مائيّاً» إلى البحر الميت، فإلى امتداد مجرى نهر الأردن.. ثم يحصل انكسار بين بحيرة طبريا على امتداد صدع «فالق» قديم يشكّله سهل مرج بن عامر.. إلى حيفا. بذلك، ستغدو فلسطين، في معظمها، جزيرة.
يمكن تقريب فهم «الكارثة» على النحو التالي: اربط حجراً بحبل وعلّق الحبل في سقف، ثم افتل الحبل باتجاه واحد. إذا توقّفت عن الفتل، سترى حركة ارتجاعية. إذا لم تتوقّف، سيلتفّ الحبل حول نفسه.. أمّا الصخر فإنه يتصدّع.
وكما تعلمون، فالكلب الذي لا ينبح قد يكون هو الكلب الذي يعضّ.. وهذا الصدع صامت نسبياً، فلو «تنحنح» بين الفترة والأخرى، لأدّى الأمر إلى تفريغ بعض طاقة التأزُّم.
إذا اتفقّ الروس والأميركان، المصريون والإسرائيليون (والفلسطينيون بالطبع) على أن الأرض سوف تُزلزِل زلزالها في منطقة الأغوار، فإنّ تقديراتهم مُتفاوتة حول حجم الكارثة في «سُلّم ريختر» ذي الدرجات العشر. بعضهم يتوقع هزة نصف كارثية 5 - 5,6 على مقياس ريختر، وبعضهم يتوقّعها كارثية (أكثر من الدرجة السابعة).. وبعضهم الثالث يخشى أعنف زلزال على مدى قُرون (المصريون بنوا أنفاق الماء تحت القناة لتتحمّل هزّة بقوّة 5,7 درجة).
هل يمكن «إجهاض الزلزال»، بتوجيه «ضربة استباقية» إليه، تؤدّي إلى تفريغ بعض طاقته؟
مثلاً: لدى إسرائيل عشرات القنابل النووية، فيمكن زرع بعض القنابل في أماكن مختلفة من صحراء النقب ووادي عربة، وفي آبار عمقها آلاف الأمتار.. ومن ثم تفجيرها.. فتحدث زلزلة اصطناعية قد تُفرّغ بعض طاقة الزلزال العظيم الكامنة.. وتُجهِض بعض توتّره المُتصاعد.. وتُؤجّل الكارثة، أو تُعجِّل بها!
هذه أفكار نظرية «شبه طفولية».. إذ ربما يجن جُنون الزلزال مثل دبٍّ قطبي أيقظوه من سُباته الشتوي.. أو مثل جملٍ حان وقت ثأره.
***
لبعض الجُيولوجيين تفسيراتهم الخاصة لقصّة الطوفان العظيم. يقولون: إنّ عصراً جُمودياً انتهى، فارتفع منسوب البحار.. فتدفّقت مياه المحيط الهندي إلى الخليج العربي، وترافق ذلك مع حقبة مطيرة في المنطقة بعد انتهاء العصر الجُمودي.
هؤلاء يعتقدون أنّ نهرَي دجلة والفرات كانا يصبّان في دلتا قريبة من دولة البحرين الحالية تشابه بعض اللقى الأثريّة في منطقة «دلمون» (مملكة الأساطير والجنّة المفقودة بين البحرين والقطيف السعودية وفيلكا الكويتية) مع لقى أثريّة في بلاد ما بين النهرين.
الخُلاصة: تقدم المحيط الهندي، وعَبر مضيق هُرمز، بينما سقطت أمطار مدرارة على جبال الأناضول.. وهذه «قصّة الطوفان» التي تعتبر قصة الخليقة الجديدة.. وكلّ كارثة هي خليقة بمعنى ما.

حـسـن الـبـطـل