وكالات - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - في سابقة مهمة وربما تكون تاريخية، أقرت "وكالة الغذاء والدواء الأميركية" دواءً نوعياً لمعالجة مرض "الزهايمر"، وهذا بحد ذاته يعتبر اختراقاً تاريخياً، في ظل محاولات عديدة لاكتشاف دواء لهذا المرض، وفي ظل التزايد الهائل في أعداد المصابين بمرض "الزهايمر"، وبالأخص عند الأشخاص من الأعمار التي تقل عن الستين أو السبعين عاماً، حيث تشكل هذه الأعمار غالبية المصابين بالمرض .
والزهايمر من الأمراض التي تتطور تدريجيا، اي مع مرور الزمن، والمتفق أو شبه المتفق عليه علمياً، ان المسبب لهذا المرض هو تشكل بروتين وبشكل بطيء على شكل غمامة تظلل خلايا أو مواقع خلايا الذاكرة في الدماغ، وان هذا البروتين يتشكل بفعل تحفيز إنزيم، وبدون الخوض في التفاصيل أو في الآليات الدقيقة لتشكل الإنزيم أو البروتين، فإن أية عوامل تتداخل من أجل تثبيط أو إبطاء أو تقليل تشكل الإنزيم والبروتين، سوف تحد من تشكل الغمامة حول الخلايا في الدماغ، وبالتالي تحد من تقدم أو تبطئ أو تجمد تطور مرض الزهايمر بشكل حاد وربما قاتل، وهذا ما يعمل عليه الدواء الجديد الذي تم تسجيله من قبل الوكالة الأميركية، رغم الجدل الذي رافق عملية التطوير والتسجيل والذي ما زال محتدماً.
 ومن خلال خبرتي في تطوير أدوية وفي العمل مع شركات أدوية عالمية، فإن سبب الجدل يعود بالدرجة الأولى الى دوامة أو مدى توازن عاملين مهمين لاكتشاف أو لتطوير أو لتسجيل أي دواء؛ وهما فعالية وسلامة أو مدى الآثار السلبية لتعاطي الدواء، وهذان العاملان أوقفا تطوير أدوية مهمة للعديد من الأمراض الصعبة في الماضي والحاضر، مثل أمراض السرطان والقلب والاكتئاب وأمراض عصبية.
وبشكل عام معروف ان موضوع سلامة الأغذية والأدوية التي تصل الى المستهلك أو المريض، يهم كل الناس في بلادنا، كما هو في البلدان الأخرى في العالم، لأن الجميع وبشكل أو بآخر يستهلك أطعمة وأدوية، وبالتالي فإن من حقهم أو من حقهن أن يتلقوا المعلومة الصحيحة حول ما يصل الى داخل الأجسام، وبالأخص في هذه الأيام أو في في هذه الفترة، مع التصاعد المتواصل في نسبة ونوعية الأمراض المزمنة أو غير السارية التي تنتشر في بلادنا وفي البلاد المحيطة بنا، ومع غموض أو عدم وضوح الأسباب أو العوامل حول ذلك.
 وموضوع سلامة أو فعالية أو صلاحية الأدوية البشرية هو موضوع مهم جداً، وبالأخص عند المريض الذي يستهلك أدوية.
وتطالعنا الأنباء بين الفينة والأخرى عن ضبط أو مصادرة، أو عن وجود أدوية ومستحضرات صيدلانية أو طبية غير صالحة، أو منتهية الصلاحية، أو غير مرخصة، أو مجهولة المصدر في الأسواق الفلسطينية، حيث تكمن الخطورة أن هذه المستحضرات وربما كذلك بسبب رخص ثمنها، من الممكن أن تجد طريقها وبسهولة الى أيادي المستهلكين وبالتالي الى داخل الجسم، وما لذلك من آثار ومن تداعيات، قد تكون فورية على شكل تسمم أو أعراض مرضية، أو آثار بعيدة المدى على شكل أمراض خطيرة تظهر بعد فترة، بدون أن يكون من الصعوبة تفسيرها أو يكون الوقت قد مر للتعامل معها.
وحسب القوانين المطبقة في اي بلد، فان الدواء يجب ان يحمل تاريخ انتهاء صلاحيته، وكذلك الظروف البيئية لتخزينه، وتاريخ انتهاء الصلاحية يعتمد على عدة عوامل، منها نوعية الدواء، وشكل الدواء اذا ما كان سائلاً، او صلباً، والطريقة التي يعطى بها للمريض، وطبيعة المواد الكيميائية المتواجدة في الدواء، وبالأخص المادة الكيميائية الفعالة، من حيث فترة ثباتها في شكلها الأصلي وعدم تحللها الى مواد كيميائية أخرى خلال فترة زمنية محددة، وكذلك الظروف المتوقع تواجد الدواء فيها من درجة الحرارة والرطوبة والضوء، وبالتالي فإن وجود أدوية في السوق منتهية الصلاحية يجب التعامل معها فوراً على انها غير صالحة للاستعمال، وخاصة اذا كانت هذه الأدوية تعطى لأمراض حساسة.  
ومن أجل مكافحة هذه الظاهرة وبفعالية، وبالإضافة الى الدور الرقابي الدوري الذي من المفترض أن تقوم به الجهات الرسمية متمثله في وزارة الصحة وغيرها من الدوائر، من المفترض إجراء الفحوصات الدورية التي يتم تطبيقها على الأدوية قبل تسجيلها او قبل تسويقها، وكذلك يجب إعادة إجراء الفحوصات المخبرية في حال الشك بفعالية او بسلامة الدواء، واذا كان هناك خلل بناء على نتيجة الفحوصات، يجب اتخاذ الإجراءات المطلوبة ومنها الإجراءات القضائية وخاصة على الجهات التي تسوق الأدوية والمستحضرات الفاسدة أو غير الصالحة، وكذلك المستحضرات الكيميائية الأخرى من مواد تجميل ومنظفات وما الى ذلك.
ورغم ان عاملَي فعالية وسلامة الأدوية يتم التركيز عليهما خلال تطوير الدواء، الا انه يجب عدم إغفال هذين العاملين بعد وصول الدواء الى السوق ومن ثم إلى المستهلك، وهنا يجب الانتباه ومن قبل المستهلك وبشكل متواصل الى الأمور التي تتعلق بسلامة او فعالية الدواء الذي يتناوله، واذا ما كان هناك اية مضاعفات غير طبيعية، يجب الإبلاغ عنها الى الجهات المسؤولة فوراً، او حتى من خلال ملاحظة شكل الدواء، او اللون، ومدى صلابة حبة الدواء، والطعم، وبالطبع النظر وقبل أخذ الدواء الى تاريخ الصلاحية وشروط التخزين، وانه في حال حدوث أية مضاعفات صحية أو عدم الشعور بالفائدة من الدواء، من المفترض التوقف عن استهلاكه والتواصل مع الجهات المختصة تجنباً لتداعيات قد تفاقم المرض أو تؤثر سلباً على الصحة.