حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - يوم 18 أيار من العام الماضي2021، دعت لجنة المتابعة العليا للمجتمع العربي الفلسطيني من مدينة يافا، في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، إلى إضراب عام يشمل المدن والقرى العربية الفلسطينية في مناطق الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، احتجاجاً على ما يجري في القدس، وللمسجد الأقصى، وباب العمود، والشيخ جراح وسلوان، حيث سعت سلطات المستعمرة للاحتفال يوم 10 أيار المصادف 28 رمضان، باعتباره وفق التوقيت العبري، يوم احتلال القدس 5 حزيران 1967، على أنه «يوم تحرير القدس وتوحيدها»، والاحتفال به عبر مسيرة الرايات من المناطق المختلفة وصولاً إلى القدس ليكون ساحة المسجد الأقصى هو مكان الاحتفال الإسرائيلي.
الفلسطينيون من خلال معرفتهم بالتوقيت والحدث والسيناريو الإسرائيلي المعد، وضعوا السيناريو البديل النقيض، عبر الاستعداد المسبق للاعتكاف في المسجد الأقصى قبل عدة أيام، وحينما سعى الإسرائيليون عبر مسيرة الرايات لتدنيس حرمة المسجد الأقصى، تصدى لهم المعتكفون وهم بالآلاف، فأحبطوا البرنامج الإسرائيلي وبددوه، وهكذا أفشلوا مسيرة الرايات، ووقعت الاشتباكات، وحصيلتها جرحى واعتقالات، فدعت لجنة المتابعة احتجاجاً على السلوك الإسرائيلي، للإضراب العام للمدن والقرى العربية في مناطق 48، حيث سجلت المدن المختلطة الخمسة: يافا واللد والرملة وعكا وحيفا، مشاركة غير مسبوقة بهذا الوضوح الوطني، والانحياز الفلسطيني، وسجلت ظاهرة جديدة في التعبير عن نفسها رغم أن أغلبية سكانها من الإسرائيليين والأقلية من الفلسطينيين.
الحدث الأبرز أن الذي دعا للإضراب لجنة المتابعة لفلسطينيي مناطق 48، ولكن الاستجابة لم تقتصر على هذا القطاع من الفلسطينيين، بل تعدى ذلك ليشمل القدس ومدن الضفة الفلسطينية، ويتجاوبوا مع الدعوة ولبوا نداء أهل مناطق 48، ليتشاركوا معاً في الإضراب، وهي ظاهرة سجلت أنها جديدة في محتواها، حيث وحدتْ الفلسطينيين في موقف وحدث وخيار واحد بين فلسطينيي مناطق 48 مع فلسطينيي مناطق 67.
تطرف الاحتلال وعنجهيته وعنصريته وتعامله مع مختلف المكونات الفلسطينية، بأدوات أمنية وقمعية واحدة، والتعامل معهم باعتبارهم طرف واحد: عربي فلسطيني مسلم مسيحي، ترك أثره البالغ بتوحيد الفلسطينيين في معركتهم الوطنية ضد طرف واحد هو المستعمرة الإسرائيلية ومشروعها العنصري التوسعي.
ما جرى هذا العام منذ بداية شهر رمضان المبارك لا يقل أهمية وسخونة عما جرى في شهر رمضان العام الماضي، حيث تعمل المستعمرة على استكمال خطواتها التوسعية الاستعمارية الإلحاقية، لأسرلة القدس، وتهويد الأقصى، فالأقصى ليس مكاناً جغرافياً، وليس مساحة اثرية، وليس أحجاراً مرتبة على شكل مبنى أو مسجد، إنه مكان مقدس للمسلمين، كما هي كنيسة القيامة للمسيحيين، وهي لم تسلم من شرهم، فقد حددوا عدد المصلين بعيد الفصح، وتقليل السماح لهم بالقدوم من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وحتى من سكان أهل القدس بهدف واحد وهو توصيل رسالة أن سلطات المستعمرة هي صاحبة القرار، وبذلك فهي تتطاول على مقدسات المسلمين والمسيحيين معاً، والمس بكرامة أي شخص غير عبري غير إسرائيلي غير يهودي.
كما أحبط الفلسطينيون مشروع الرايات العام الماضي في شهر رمضان، ها هم يعملون على احباط مشروع المس بحرمة وقدسية المسجد الأقصى هذا العام، باعتباره مسجداً للمسلمين، وللمسلمين فقط، لا يجوز ممارسة أي طقوس غير إسلامية على أرضه وفي رحابه، وكما يحترم المسلم الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز.
على سلطات المستعمرة باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال أن تمنع أي مس بحرمة المسجد الأقصى وقدسيته للمسلمين، وللمسلمين فقط.