رامي مهداوي - النجاح الإخباري - منذ فترة لم أكتب في السياسة، لكن ما يحدث حولنا من مشاهد على الصعيد الداخلي والإقليمي حفزتني أن أكتب هذا التحليل متمنياً أن أكون مخطئاً!! والذي حفزني بكتابة وجهة نظري؛ المصادفة التي جمعتني لدقائق محدودة قبل أسبوع في دبي مع السيد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية الذي سألته عن الوضع العربي وقضيتنا الفلسطينية في الوقت الراهن ليقول باختصار شديد" الوضع صعب وما بطمنش... دي الحقيقة".
سلسلة الاجتماعات العربية العربية والاجتماعات العربية بحضور إسرائيل والفلسطينية العربية والفلسطينية الأميركية والفلسطينية الإسرائيلية تبرهن بأن هناك "طبخة" سياسية بالأفق تطبخ على نار هادئة، لكن ليس لإيجاد حل لقضيتنا الفلسطينية بقدر ما هو تخدير لها لفترة زمنية، من أجل ترتيب مصالح المنطقة العربية الإسرائيلية مثل الملف السوري والخليجي الإيراني.
بمعنى_وآسف لهذا القول_ أصبحت القضية الفلسطينية ملفاً ملحقاً مع أي قضية عربية إسرائيلية وليس هي الملف الأساسي الذي يجب أن يحل أولاً من أجل ترتيب باقي الملفات، وهذه حقيقة يجب أن يعترف بها قادة منظمة التحرير الفلسطينية من أجل إعادة ترتيب الأوراق والملفات وطرق التعامل مع المحيط المتغير للقضية الفلسطينية والذي أصبح بوضوح يتجه لميزان الاحتلال ضمن حسابات المصالح السياسية.
إن ما لم تتوقعه القيادة الفلسطينية، ولكن يمكن القول إنه كان ينبغي توقعه في منطقة شهدت نصيبها من التحولات الاستراتيجية المُتسارعة، كانت تطورات إقليمية وعالمية من شأنها أن توفر قوة دفع إضافية لتعزيز علاقات الدول العربية مع إسرائيل، ويؤكد مقولة كل من كوشنر ونتنياهو بأن القضية الفلسطينية لم يعد لها صدى في المنطقة، وبالتالي يمكن تجاهلها بكل سهولة، وإذا تم تجاهلها لفترة كافية وطوَّقت بسلسلة من المعاهدات العربية الإسرائيلية فسوف تذهب في النهاية إلى طي النسيان.
وللأسف أيضاً ولنكن صادقين مع أنفسنا بأن أحد أسباب استمرار الصراع العربي الإسرائيلي لفترة طويلة هو الأسطورة القائلة بأنه لا يمكن حله إلا بعد أن تحل إسرائيل والفلسطينيون خلافاتهم. لم يكن هذا صحيحًا أبدًا!! فقد كشفت اتفاقيات إبراهيم أن الصراع ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يحتاج إلى تعطيل علاقات إسرائيل مع العالم العربي الأوسع!!
أما على الصعيد الداخلي الفلسطيني؛ حتى هذه اللحظة لا توجد خطة استراتيجية أو خطط تكتيكية في كيفية التعامل مع الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في كافة مجالات الحياة وليس فقط السياسية وانعكاساتها، لهذا قد يعتبر البعض بأن حالة الغليان مسيطر عليها؛ إلا أنني أجد أنه في أي لحظة ستخرج الأمور عن السيطرة وتنفجر بطرق متنوعة في وجه الاحتلال.
ستشهد الأيام القادمة حالة غليان عالية المستوى، ولن تكتفي حكومة الاحتلال الحالية فقط بالاقتحامات الليلية لبيوتنا الفلسطينية. سندخل ملعباً جديداً سيتم فرضه علينا، وشعبنا لن يرضى لعب دور المشاهد وخصوصاً في الضفة الغربية.
نحن الآن في منعطف جديد، ملامحه ستكون أكثر وضوحاً خلال الأشهر القادمة، قد يكون النظام السياسي الفلسطيني بشكله الحالي هو أول ضحايا هذا المنعطف من أجل السيطرة عليه بشكل كامل من جميع اللاعبين في الساحة الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والخارجي في موعد أقصاه مطلع العام القادم بولادة جسم ومرحلة جديدة!!