هاني حبيب - النجاح الإخباري - يعيش في أوكرانيا قرابة 250 ألف يهودي، حسب تقرير نشره، مؤخرا، المؤتمر اليهودي العالمي، تحاول إسرائيل جلب معظمهم إليها مستثمرة الأزمة الأوكرانية، ونجحت فعلاً في استقدام الآلاف منهم، وحسب القناة السابعة العبرية، فإنّ نصف هؤلاء من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما، من المرجح أن يتم تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي وإسكانهم في مستوطنات قائمة أو جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
علاقة يهود أوكرانيا وأوكرانيا نفسها بإسرائيل علاقات وطيدة وقوية، الرئيس الأوكراني زيلينيسكي الذي تم انتخابه رئيسا للبلاد العام 2019 يهودي، ووصل اثنان من يهود أوكرانيا إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية هما ليفي إشكول وغولدا مائير، ومع ذلك فإنّ إسرائيل تتعامل مع هجرة اليهود من أوكرانيا بحذرٍ شديد، ذلك لأن الأمر له علاقة مباشرة بعلاقاتها بكل من موسكو وكييف علما أنّ الكثير من الشخصيات اليهودية في أوكرانيا في مناصب مهمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولهم تأثير على سياسات البلاد تجاه إسرائيل.
إلا أن ذلك لم يمنع من أن تضع إسرائيل نفسها في وضع صعب إزاء الأزمة الأوكرانية، بعد أن استدعت هذه الأخيرة قبل أسبوع السفير الإسرائيلي لديها إلى جلسة توبيخ على خلفية طلب إسرائيل من روسيا مساعدتها في إجلاء اليهود الأوكرانيين إليها، وذلك بعد أن توترت العلاقات الإسرائيلية الأوكرانية إثر رفض إسرائيل طلب هذه الأخيرة بيعها منظومة القبة الحديدية في ظل التأزم مع روسيا، الرفض الإسرائيلي لبيع القبة الحديدية كان لا بد منه خشية من تداعيات الاستجابة له على العلاقات مع روسيا، وهو رفض تطلب تدخل واشنطن التي وافقت على الرفض الإسرائيلي منعا لإحراج القيادة الإسرائيلية، ذلك أن تصدير إسرائيل للقبة الحديدية يتطلب موافقة الولايات المتحدة كونها تساهم في تطوير إنتاج القبة الحديدية في إطار مشروع مشترك لا يسمح بيع النظام إلى دولة ثالثة إلا بموافقة الطرفين.
هل من مصلحة إسرائيل التوصّل إلى نهاية سلمية للأزمة الأوكرانية؟، الجواب نعم بالتأكيد، ذلك أن اندلاع حرب انطلاقا من هذه الأزمة سيدفع إسرائيل مضطرة وتحت ضغوط مختلفة لاتخاذ مواقف ستؤثر مباشرة على علاقاتها الدولية خاصة مع كل من طرفي الصراع الأساسيين أميركا وروسيا مرورا بأوكرانيا، وفي حال قامت الأولى بتنفيذ تهديداتها بفرض عقوبات على الثانية فقد تضطر إسرائيل إلى القيام بتعويض إمداد أوروبا بالغاز بديلاً عن الإمداد الروسي ولو بشكلٍ نسبي، ما سيدفع بروسيا إلى تعديل سياستها اتجاه تجاهل الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية على الساحة السورية ووقف التنسيق بهذا الشأن بين الجانبين الروسي والإسرائيلي.
الخبراء الاستراتيجيون في إسرائيل يتماثلون مع تحليل وسائل الإعلام الإسرائيلية حول العقدة الروسية - السورية - الإيرانية، اللواء احتياط عاموس يدلين، يشير إلى أن الأزمة الأوكرانية تضع تحديات كبيرة أمام إسرائيل انطلاقا من الساحة السورية، فهناك إمكانية أن يتغير الوضع نحو الأسوأ في حال أراد الروس أن يبعثوا برسائل إلى الولايات المتحدة على حساب إسرائيل، بطريقة من شأنها أن تهدد حرية عمل الجيش الإسرائيلي على الساحة السورية، في حين يرى العقيد احتياط أودي أفينتال أن المواجهة بين روسيا وأميركا من شأنها أن تزيد من تأثير الدور الإيراني ذلك أن أميركا ستضطر من جانبها إلى إعادة إيران إلى الصندوق، بمعنى التوجه إلى اتفاق حول الملف النووي بأي ثمن، للتفرد لمواجهة أكبر مع الروس، ومن شأن ذلك أن ينعكس سلبيا على استقرار المنطقة، حسب قوله، وعلى المساعي المبذولة لكبح تمدد إيران وعلى قدرة إسرائيل على الردع.
لذلك، فإن من مصلحة إسرائيل التوصل إلى نهاية سلمية للأزمة الأوكرانية، فإنّ ذلك يوفر لها عدم الحرج في اتخاذ مواقف من شأنها أن تتعارض مع مصالحها، بينما في الوقت الراهن، تنجح بامتياز في نسج علاقات قوية مع كل الأطراف، روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، رغم الخلافات الهامشية.