عباس زكي - النجاح الإخباري - كانت وما زالت الحركة الوطنية الأسيرة منذ الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1922 من أهم مرتكزات الانتفاضات الفلسطينية المتتالية وحتى الثورة الفلسطينية المعاصرة ... فقد ترك الشهداء بدمائهم الطاهرة الزكية والأسرى بصبرهم ومقاومتهم داخل المعتقلات الصهيونية مجدا وإرثا نضاليا يفخر به شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية ... وكانت صرختهم المدوية في وجه سجانيهم تعلو لتخترق كل المعتقلات لتصل أرجاء المعمورة ... وكانت صرختهم موحدة لتقول ... يا ظلام السجن خيم ... إننا نهوى الظلاما ... ليس بعد الليل إلا ... فجر مجد يتسامى... بهذه الكلمات واجه الأسرى جلاديهم بكبرياء وعنفوان ... حتى أصبح هذا النشيد نشيدا وطنيا يردده كل أبناء شعبنا ...

وعلى امتداد السنوات الماضية دفعت الحركة الأسيرة عشرات الشهداء الذين استشهدوا داخل معتقلات الاحتلال نتيجة التعذيب الوحشي والإجراءات القمعية والإهمال الطبي المتعمد والظروف القاسية لهذه المعتقلات التي لا تصلح للعيش الآدمي ... وكان آخرها استشهاد الأسير الفلسطيني داود الخطيب في سجن عوفر العسكري الإسرائيلي والمحكوم ثمانية عشر عاما ليستشهد قبل الإفراج عنه بأشهر قليلة إثر جلطة قلبية لم تمهله ليرى فجر حريته ... في إطار مسلسل الإعدام المتعمد والسياسة المتعمدة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أسرانا البواسل وبخاصة مئات الأسرى المرضى وكبار السن، بحرمانهم من أبسط قواعد الرعاية الطبية، في ظل غياب المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ...

وكان الأسير سامي أبو دياك الذي تم اعتقاله منذ عام 2002 والمريض بالسرطان استشهد أيضا في وقت قريب في سجون الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من مناشدات عديدة للإفراج عنه ليحتضن والدته ويموت بين يديها كما تمنى....... فالأسير ابو دياك راح ضحية خطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى سوروكا الإسرائيلي حيث تم استئصال جزء من أمعائه، ومن جراء نقله بما يسمى بعربة البوسطة التي تمثل للأسرى رحلة العذاب والموت، تسمم جسده وأصيب بفشل كلوي ورئوي ومن ثم مرض السرطان الذي أدى إلى وفاته .... فقد كان داود الخطيب وسامي أبو دياك نموذجان للصبر وتحدي الاحتلال ونموذجا للأساليب الوحشية والتعسفية غير الأخلاقية التي تمارسها سلطات سجون الاحتلال بحق الأسرى... فأنتم بذلك تعيدون لشعبنا ذاكرة الشهداء الثلاثة محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي الذين تسابقوا في سجنهم بالقلعة في عكا على مشنقة جلاديهم الإنجليز عام 1930.. فقهرتم الجلاد وأصبحت دماؤكم الزكية الطاهرة عنوان كل الثورات الفلسطينية التي تلت ....

رحم الله أسرانا الأبطال داود الخطيب وسامي ابو دياك، وغيرهما الكثيرون الذين استشهدوا داخل المعتقلات الصهيونية وهم يمثلون ظاهرة الطهر والنقاء الثوري لشعبنا الفلسطيني .... والإجلال والإكبار لكم إخوتي القابعين في سجنكم وأنتم الأحرار وتحاصرون جلاديكم... رافعي الرأس بثبات وجباه عالية علو جبال فلسطين.... أنتم يا إخوتي أصحاب الوجدان النظيف وتمثلون الشرف والكرامة العربية في ظل هذا الانحدار العربي الرسمي المخزي والمعيب باتجاه الاحتلال الإسرائيلي...الذي نشعر أمام هذا المشهد العربي الرسمي بالحزن والألم والخوف، ليس على شعبنا وإنما الخوف على أمتنا العربية والإسلامية التي يغزوها فكر الحركة الصهيونية بسهولة، نظرا لتمهيد هؤلاء الحكام وتسهيل مهمتها بشكل سريع... أنتم إخوتي وأحبائي في قلاعكم من تحافظون على القيم والمبادئ التي تمسك بها قادتنا الشهداء العظام والذين لم يفرطوا بذرة تراب من أرض وطننا الحبيب... ودفعوا حياتهم من أجل أن تبقى الراية الحرة مرفوعة عاليا وستبقى كذلك حتى رفعها على أسوار القدس العاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة... دمتم أحرارا شرفاء ... والفرج قريب بإذن الله .... ولا نملك إلا أن نردد ...عاشت فلسطين حرة عربية ... والحرية كل الحرية لأسيراتنا وأسرانا البواسل ... والمجد والخلود لشهداء شعبنا الفلسطيني البطل وأمتنا العربية والإسلامية ....

بقلم: عباس زكي - عضو اللجنة المركزية لحركة فتح

المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية

نقلاً عن صحيفة القدس المحلية