توفيق أبو شومر - النجاح الإخباري - صحيح، ان المحتلين الإسرائيليين اقتلعوا أهلنا من مساكنهم وقراهم منذ تأسيس دولتهم، صحيح، انهم قتلوا منا عشرات الآلاف، وسجنوا واعتقلوا منا عشرات الآلاف، صحيح انهم يحاصروننا بمختلف أشكال الحصار، بأسوار، وجدران، ومعازل استيطانية!
صحيح انهم يتدخلون في شعائر عبادتنا في القدس، والخليل، صحيح انهم يسجنوننا في بيوتنا وقرانا، كلُّ ما سبق جرائم في حق الفلسطينيين، ولكنَّ آخر جرائم إسرائيل هي الجريمة الأخطر، هي تفكيك منظمة "الأونروا"، هذه المؤامرة هي أخطر الجرائم، ليس في حقِّ الفلسطينيين، بل في حقِّ العالم أجمع، ولا سيما، أنصار الحرية، والعدالة، وحقوق الإنسان!
هل حفظ التاريخ؛ أن محتلا طارد أصحاب الحق اللاجئين المشردين، شنَّ عليهم عدة حروبٍ في مهاجرهم، محاولا إبادتهم، أو تهجيرهم بحرمانهم من الغذاء والكساء، والدواء؟!
مع العلم أن عالم الألفية الثالثة يفخر بأنه عالم الانفتاح، وعالم الالتزام بالحريات والديمقراطيات، والمساواة، والمناداة بتطبيق حقوق الإنسان.
هذا الالتزام الحقوقي، ليس شعارا حقوقيا عالميا فارغا، بل هو مبدأ رئيس من مبادئ حقوق الإنسان، وفق معاهدة جنيف الرابعة، وقعتْ عليه كلُّ دول العالم المنتسبة إلى الأمم المتحدة، ومنها، إسرائيل، التي قُبلتْ عضوا في الأمم المتحدة بعد أن وقعتْ التزاما باحترام مبادئ حقوق الإنسان، وعلى رأسها (الأونروا)!
كل ما سبق هو اعتداءٌ على ما توافقت عليه دول العالم حين أسستْ، "الأونروا" كمنظمة دولية تهدف لمساعدة اللاجئين المطرودين، تعويضا عن تقصير العالم الحر في إرجاع حقوقهم، وعدم قدرة دول العالم على منع هذه الجريمة، وهي جريمة الترحيل!
"الأونروا"، أُسست العام 1949 وهي مؤسسة إنسانية، حقوقية، خدماتية، ليست سياسية، تتولى رعاية اللاجئين المقهورين، وهي علامة على إيمان العالم بحقوق الإنسان!
برعتْ إسرائيل في استحداث آليات لتفكيك هذا الصرح الحقوقي، "الأونروا"، لأنها تحتوي على أخطر حق، وهو حق عودة اللاجئين، ولكي تتخلص من هذا الحق القانوني، وهو كابوسٌ مزعج لإسرائيل، بما يحتويه من حقوق، أبرزها (حق العودة)!
بدأت مؤامرة إسرائيل بإلصاق تهمة (الإرهاب) بـ"الأونروا"، وادعتْ أن نقابة العاملين فيها، وهم الذين فازوا بانتخابات حُرة، نزيهة، ينتمون إلى منظمات إرهابية، ثم انتقلت إلى خطة أخرى، وهي أن مدارس "الأونروا" تستعمل مخازن للصواريخ، ثم، إن مناهج التعليم في مدارسها، مناهج تحريضية.
قررتْ إسرائيل من منطلق العربدة، وطغيان القوة أن تُغيِّر الخرائط في الكتب المدرسية الفلسطينية لأنها لا تحتوي على اسم إسرائيل، يجب على أصحاب الأرض الأصليين، أن يُغيروا اسم موطنهم، ويستبدلوه بإسرائيل، إن أرادوا أن يعيشوا!!
ثم، انتقلت المؤامرة لمرحلة أخطر، العام 2018، شرعَ المتآمرون في التشكيك في  مصداقية "الأونروا"، وأنها مؤسسة فاسدة، وأنها تستخدم الأموال لشراء الولاءات!
وها هي المؤامرة تدخل مرحلة الحسم بعد أن انضمتْ أميركا إلى المؤامرة، حجبت الدعم عن "الأونروا"، وحرَّضت الدول الأخرى على إيقاف الدعم لهذه المؤسسة الحقوقية ذات الغاية السامية، النبيلة، كأبشع جريمة ضد حقوق الإنسان في العالم.
للأسف، لم يقم الفلسطينيون بما ينبغي القيامُ به، ولو بأضعف الإيمان، وبدلا من ذلك، أسهم كثيرون في إضعاف "الأونروا"، بتنظيم احتجاجات غير مدروسة ضد "الأونروا"، واحتلال مقرها الرئيس!!
علينا، نحن الفلسطينيين، أن نرفع شعارا يقول: إن إنهاء عمل "الأونروا" وتفكيكها ممكنٌ، ومقبولٌ عند الفلسطينيين في حالة واحدة فقط، وهي أن يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى مدنهم وقراهم التي هُجِّروا منها، وفق ميثاق تشكيل "الأونروا"، ونظامها الداخلي، الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهو ينص على أنَّ إنهاء "الأونروا" لا يكون إلا عندما يعود الفلسطينيون إلى مدنهم وقراهم!!

توفيق أبو شومر