نبيل عمرو - النجاح الإخباري - من على بعد آلاف الأميال سجّل فريق ميسي هدفاً مزّق شباك المرمى الإسرائيلي، فوقع على إسرائيل التي ما تزال تحتفل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقع زلزال ستظل تداعياته مستمرة إلى أمد بعيد.

كانت إسرائيل قد اختارت تكريس القدس عاصمة لها عبر حدث رياضي يشد أنظار العالم بأسره، وهيأت لهذا الحدث ما يستحق من إعداد وترويج، حتى بدا كما لو أنه أكثر أهمية من نقل السفارة، ولقد فوجئت الدولة العبرية بإلغاء المباراة، لتجد نفسها أمام انتكاسة من النوع الذي تستحيل معالجته، فإن نقلت مكان المباراة إلى تل أبيب أو حيفا أو أي من المدن الرئيسية الأخرى، فكأنما سلّمت بهزيمة مبكرة في القلب، أو أنها سلّمت باستحالة تكريس القدس عاصمة لها في وقت ظنّت فيه القيادة الإسرائيلية أن المعارضة الشاملة لاعتبار القدس عاصمة لإسرائيل سوف تخبو مع الزمن لتتلاشى أخيراً.

ولا شك في أنها كانت فكرة جهنمية، أن يتكرس الحدث السياسي الأكثر خطورة بحدث رياضي أكثر جاذبية وإثارة على المستوى الشعبي، فقد اختار صنّاع هذه الفكرة وقتاً بلغ فيه الاهتمام الشعبي الكوني بكرة القدم ذروته، فبعد أن انشغل الناس بأهم مباراة على الصعيد الأوروبي، وانصرف الاهتمام إلى التحضيرات النشطة والمتسارعة والمثيرة لمونديال موسكو، كانت استضافة ميسي وفريقه الشهير في القدس أشبه باقتحام موفق وفعال لموسم الذروة الكروي بما يبقي في الذاكرة المونديال الخاص بـ«أورشاليم».

وقد تزول أخبار من نقل سفارته أو امتنع لتبقى في الذهن تلك المباراة ومدلولاتها وما يترتب عنها.

ما الذي ستفعله إسرائيل لاحتواء آثار هذه الصفعة المدوية؟ هل ستطلب من أميركا ضغطاً مضاعفاً على الأرجنتين كي تعيد النظر في قرار فريقها؟ قد يحدث ذلك، بل ربما هو الشيء الوحيد الذي يحدث الآن، وهل ستكلف السفارات الإسرائيلية التفتيش عن فرق توازي شهرتها شهرة فريق الأرجنتين لأداء مباراة في القدس، وهل ستشن حرباً وقائية مضاعفة على الـBDS لتطويق فعاليتها في مقاطعة إسرائيل، ليس رياضياً فحسب وإنما في كل المجالات؟ لن تختار إسرائيل خياراً واحداً لمعالجة آثار الصفعة القاسية التي تلقتها بل ستعمل في كل الاتجاهات ومرة واحدة، غير أن إمكانات النجاح في هذا الأمر تبدو متراجعة على نحو كبير، فالرياضة مهما تم تغليفها تظل ضرباً من ضروب السياسة، وكل دولة انتقدت نقل السفارة الأميركية إلى القدس وامتنعت عن نقل سفارتها لن تسمح باختراق قرارها السياسي والسيادي بمباراة كرة قدم.

قد تتسلل فرق صغيرة للعب في القدس، إلا أن الصورة سوف تكون في تلك الحالة ذات مردود عكسي يسجل كحدث هامشي لا يغير من المغزى القوي لامتناع الفرق الكبيرة عن اللعب في العاصمة المفتعلة لإسرائيل.

نقلا عن "الشرق الأوسط"