صلاح هنية - النجاح الإخباري - فتح إضراب العاملين في بلدية البيرة الأسبوع الماضي نقاشاً مجتمعياً حامي الوطيس عنوانه "حال الصحة والبيئة ومنها النظافة في مدننا وقرانا" و "حوكمة البلديات" وفتح باب التعليق وباب المقارنة "هذا كاين حالنا ومدينتنا تفتقر لخدمات النظافة افضل من ثلاثة أيام إضراب في البيرة " وتلك المقارنة تدلل على لسان حال المواطنين/ات الذين ذهبوا صوب صناديق الاقتراع قبل عام ويزيد بقليل لينتخبوا، صحيح ان النسبة لم تكن عالية، وصحيح ان بعض العشائرية شاب الانتخابات ولكنهم اليوم يتعاطون مع مؤسسة البلدية وينظرون حولهم ماذا قدمت لنا تلك البلدية التي خرجنا لننتخبها.
وطبعا تصاعد النقاش في ضوء الإضراب صوب الحكومة  وضرورة إيلاء قطاع الحكم المحلي اهتماماً خاصاً وزيادة والنظر في ملفه بروية ومهنية عالية، ونخبرهم إذا كانوا لم يبلغوا لليوم أن هناك بلديات مشلولة بالكامل وهناك بلديات شطبت تاريخها الماضي نتيجة لعدم قدرتها على التعامل مع ملف النظافة والصحة والبيئة، هناك مظاهر في الابنية ومشاريع الطرق في حدود عديد البلديات لا ترتقي الى ادنى معاير الجودة والمطابقة لأنظمة البناء المقرة والمعتمدة، يجب ان تراجع الحكومة استراتيجية قطاع الحكم المحلي، يجب ان ترجع الحكومة الى أجندة السياسات الوطنية 2017 – 2022 والتي أعلنت ولم تر تنفيذا استنادا لها، ولم تشكل مرجعا في اي من وثائق الحكومة في اجتماعاتها الدورية او لقاءات أركانها في المحافظات.
طبعا التعميم ظالم .. كما ان التقليل من حجم المشكلة ظلم ما بعده ظلم لمنظومة الحكم المحلي في فلسطين، وكوني أتنقل بين المحافظات وأستمع لحال البلديات، فإن الوضع باختصار شديد لا يسر ولا يطمئن، فالأمور لا تسير على خير ما يرام، فهناك بلديات لا زالت تتعامل مع الاستثمار ضمن حدودها على انه عبء على شبكة المياه والكهرباء والخدمات وجمع النفايات، ولا ينظرون له على انه فرصة إضافية للبلدية وللمدينة أو التجمع السكاني الذي تقوده "سنوقف خدمات المياه عنهم قريبا"، "لسنا مسؤولين عن تخصيص خط للتعامل مع نفايات الاستثمار التي تختلف عن النفايات العادية" فنوقف الاستثمار الى حين  تصبح نفاياته مثل بقية نفايات المدينة!!!!!
المؤسف في أمر البلديات بعد عام ويزيد على انتخابها أنك تجد اصحاب الموشح الذي يحول الاستثمار الى عبء والذي ينظر الى شكوى أو تظلم مواطن/ة انه نوع من المبالغة هم الجهاز التنفيذي للبلديات "ولا نعمم" الذين أحياناً تشعرهم يمسحون جوخاً لرئيس البلدية والمجلس البلدي ويذهب الأمر باتجاه ضياع البلدية كمؤسسة.
عمليا تكتسب مدينتا رام الله والبيرة المتداخلتان في الحدود ولهما من الشراكة ما فيه ميزة تضعهما تحت المجهر أمام بقية بلديات الوطن، فهما مركز الضفة الغربية ومنهما وفيهما تمر حركة النقل والمواصلات من الجنوب الى الشمال ومن الشمال الى الجنوب، ويجمعهما هم واحد وهو عبء حاجز قلنديا الاحتلالي وازماته المتراكمة، ويجمعهما ذات المداخل التي باتت محصورة وباتت ازمة متراكمة، شهدت البيرة خلال الايام الماضية اضراباً طال جميع اقسام البلدية، والمؤسف ان احداً لم يستطع ان يقف ليقول علناً جهاراً نهاراً ان جميع مطالب العاملين محقة منذ بداية 2018 باستثناء قضيتين هما وجود ممثل عن العاملين في اي لجنة تحقيق يتعرض لها الموظف، والانتقال لصندوق التقاعد في السلطة الوطنية الفلسطينية، وما تبقى لم يكن بحاجة لإضراب.
وكوني من سكان مدينة رام الله وسكنت لسنوات في البيرة وتطوعت في البيرة كثيراً وكذلك رام الله، تابعت الإضراب وما قبله بأسبوع وكنت شاهداً على مفاوضات ماراثونية لم يكن فيها أي نوع من الخلاف باستثناء ان يتم توثيق تلك المطالب رغم انها تصرف ومنفذة، الا أن تخوفاً كان لدى العاملين ان النقاش داخل المجلس البلدي "وركزوا داخل المجلس البلدي" كان يصلهم ان هناك من يعتبر انه يجب مراجعة هذه الزيادات والموافقات من المجالس السابقة، ومن هنا جاء عنق الزجاجة "نقاشات المجلس الداخلية" مع أن الأصل أن تصل القرارات لسكان المدينة، وفي نهاية الأمر جرى التعهد بضمان تلك الحقوق.
 ولحظة الإضراب المفاجئ توجه رئيس بلدية البيرة للقضاء في ضوء ما حل بالمدينة من انتشار للقمامة وآثاره البيئية وشعوره ان الاضراب لم يكن لأجل عمال النظافة مثلا، بل هو لتحصين رواتب تتراوح بين 6500 شيكل الى 12 الف شيكل، وليس لعيون عمال النظافة أو للضغط على تقوية بنية المؤسسة ودعم واسناد رئيس البلدية والمجلس باتجاه حوكمة العمل في البلدية، وسجلت محكمة العدل العليا قرار عدم مشروعية الاضراب وعدم مشروعية المطالب وعدم مشروعية تنفيذها، وهذا الأمر ينسحب على البلديات كافة للأسف الشديد جراء خطأ تقدير لإعلان الإضراب في بلدية البيرة.
اليوم يجب ان يفحص صندوق تطوير وإقراض البلديات أهلية بعض البلديات عندما يقدم لهم برامج ضمن مجالس التنمية الاقتصادية المحلية، وخصوصاً أن الصندوق أثبت أهلية فوق الرائعة في المهنية والأداء والبرامج، ولكنني لاحظت أن مواءمة قدرات البلدية مع جوهر التنمية الاقتصادية المحلية ليس تمام التمام في بعض البلديات كما تابعت شخصياً.
يجب ان يخرج الإعلام عن صمته ويتجه صوب التحقيقات الصحافية الاستقصائية وان لا يحيد دوره وبشكل خاص ملف الصحة والبيئة وملف نقل النفايات من مدينتي البيرة ورام الله الى مكب زهرة الفنجان في جنين والأعباء المالية والتي يتم عكسها على جيب المواطن/ة غالباً.
[email protected]