إيهاب عمرو - النجاح الإخباري - لعل الصدفة وحدها قادتني إلى متابعة احدى حلقات برنامج برنامج المسابقات الشهير "أحلى صوت" المخصص للأطفال، وهالني المستوى الراقي الذي ظهر به معظم الأطفال في هذا البرنامج، وهالني أكثر قدرة هؤلاء الأطفال على أداء أغنيات صعبة تحتاج إلى إمكانيات صوتية ومهارات موسيقية تصعب حتى على البالغين، أي المحترفين من المطربين والمطربات. وحسب علمي المتواضع، فإن تعلم الغناء والموسيقى لا يعد أمرا سهل المُنال ما يثير التساؤل بشأن قدرات هؤلاء الأطفال الكبيرة ومهاراتهم التي بانت جلية أثناء البرنامج.

وأكثر ما استوقفني في البرنامج هو مستوى الذكاء العام الذي تميز به معظم الأطفال الذين شاركوا في البرنامج. ومن خلال مقارنة بين هذا الجيل من الأطفال "جيل الألفية الثانية" وبين الأجيال السابقة نرى أن الكفة تميل لصالح جيل الألفية الثانية دون أدنى شك.

ومعلوم أن الفنون تعد من الأهمية بمكان لأي مجتمع، خصوصاً إذا اقترنت تلك الفنون برسالة يؤديها الفنان المطرب أو المسرحي ما يساهم في خدمة شعبه وقضايا أمته. وكم من دول عُرفت في العالم من خلال مطربيها وممثليها.

غير أنه لا بد من الاشارة هنا إلى ضرورة توجيه طاقات الأطفال إلى مجالات وحقول علمية أخرى، بجانب الفنون، خصوصاً العلوم الطبيعية، والعلوم الانسانية، والعلوم الاجتماعية. حيث إن من شأن ذلك المساعدة في تنشئة جيل قادر على تدارك الهفوات والعثرات التي عانت، ولا تزال تعاني منها، الأجيال السابقة التي تتحمل، على أية حال، جزءاً من المسؤولية عما آلت إليه أوضاع المنطقة العربية على الأصعدة كافة، خصوصاً في مجال تراجع الاهتمام بالعلوم على اختلاف أنواعها، وتراجع الاهتمام بالبحث العلمي كذلك.

وأود التأكيد على أن طموح الأطفال لا ينبغي أن يكون له حدود حيث إنه من المهم أيضاً مخاطبة الآخرين بلغة وأدوات يفهمونها ويولونها إهتماماً خاصاً ومن ضمنها الفنون، غير أنه لا بد من توجيه ذلك الطموح أيضاً نحو اهتمام أكبر بالعلوم والأدب الراقي والإستزادة بالمعارف الإضافية بواسطة القراءة ما يساعد على النهوض بالمجتمع ورفعته، مع الإبقاء على الاهتمام بالفنون دون أن يكون ذلك على حساب العلوم، إلا إذا كانت الفنون محل الاهتمام تعد جزءاً من العلوم المكتسبة ما يبرر معه أيضاً الإهتمام بشكل رئيسي بالفنون.

ويتعين على الجهات صاحبة الاختصاص تعزيز الاهتمام بالعلوم، وعدم الانسياق وراء العواطف أو رغبات البعض التي قد تُعلي من شأن الفنون، على أهميتها، على حساب العلوم، كون أن المجتمعات تبنى بالعلم. وحثت الشريعة الغراء على الاهتمام بالعلم حيث قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". وفي الحديث الشريف "..وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر". وفي هذا السياق تحضرني أبيات من الشعر ترفع من شأن العلم وتمجد العلماء، منها: "العلم يبني بيوتاً لا عماد لها..والجهل يهدم بيوت العز والكرم"، وأيضاً "ففز بعلم تعش حياً به أبدا..الناس موتى وأهل العلم أحياء".