واصف عريقات - النجاح الإخباري - الجديد في التقدير الاستخباري الاسرائيلي للعام 2018 الذي صدر عن استخبارات الجيش الاسرائيلي مختلف عن التقارير السابقة بحسب ما تناولته الصحف الاسرائيلية وما سرّب فيما يلي مع ملاحظة ان هذا التقدير يتطابق الى حد بعيد مع مضمون التقدير الاستراتيجي السنوي الذي صدر عن مركز ابحاث الامن القومي الاسرائيلي والعنوان المشترك قوة اسرائيل في ضعف العرب:
اولا. لا حرب مخطط لها عام 2018 لكن نسبة التصعيد ارتفعت من 1% عام 2017 الى 10 % عام  2018
وذلك يعود لعدم رغبة الاطراف بشن الحرب لا سورية ولبنان ولا فلسطينين ولكل اسبابه وانشغال العرب بصراعاتهم الداخلية 
ثانيا. الحديث يدور عن حرب الشمال الاولى وليس حرب لبنان الثالثة بمعنى حرب مع محور يمتد من طهران مرورا بالعراق فسورية ولبنان ومسرح عملياته سورية ولبنان معا.
ثالثا. الفلسطينيون وقطاع غزة المرتبة الثانية في التهديد والتحديات  والاولى في التصعيد
رابعا. صعوبة تحقيق الانتصار في الحروب القادمة 
خامسا. حتمية صدام المصالح مع روسيا في سورية بعد ان ضمنت روسيا مصالحها وبسبب تقديم غطاء روسي للوجود الايراني
سادسا. التروي قبل الدخول في مواجهة واجراء حساب دقيق والتنسيق الجيد مع الولايات المتحدة وروسيا وكل من يعادي ايران وتجنب الوصول الى مرحلة كسر الاواني 
سابعا. الجديد في الية تنظيم وتداول التقدير الاستخباري حيث تم تسريبه لوسائل الاعلام قبل المصادقة عليه من رئاسة الاركان 
ثامنا.  مسببات الحروب:
• نشر وحدات شيعية مسلحة من حزب الله اللبناني قرب الحدود مع اسرائيل في الجولان السورية
• حادث ما(رد على قصف اسرائيلي في سورية او اكتشاف نفق وقصفه) سيؤدي الى معركة بين الحروب اي حرب استنزاف خاصة وان احتمال الرد من الاطراف اعلى من السابق
• استمرار المقاومة اللبنانية وحزب الله والمقاومة الفلسطينية بتعزيز وتطوير قدراتهم القتالية وعزم اسرائيل على منعهم من تحقيق ذلك
كما اكد التقديران على  العناصر التي وردت في التقارير السابقة التي يتوجب على القيادة الاسرائيلية دراستها وهي:
1.الناحية الجغرافية وعدم توفر عمق استراتيجي اسرائيلي وامكانية استهداف البنية التحتية مما يؤشر الى نقطة ضعف
2. قوة المقاومة اللبنانية الصاروخية وقدراتها التدميرية ودقتها والتي تغطي كل الاراضي الاسرائيلية بما في ذلك المنشأت الحيوية والاستراتيجية ومفاعل ديمونا ومنصات الغاز في البحر وبنسبة اقل قدرات المقاومة الفلسطينية.
3.امتلاك المقاومة اللبنانية وحزب الله لمنظومات دفاعية وطائرات بدون طيار تحد من قدرات سلاح الجو الاسرائيلي
4. اعادة النظر بامكانية تحقيق انتصار في ظل تراجع قدرات سلاح البر على خوض حروب برية وهو ما عبر عنه وزير الحرب ليبرمان ومعه قيادات من الجيش
5. اعادة النظر باستخدام طائرات سلاح الجو تخوفا من سقوطها او اسر طياريها وتعزيز القدرات الصاروخية بديلا عنها بجسب رؤية ليبرمان وقيادات اخرى
اما قوة اسرائيل بحسب التقديرين فهي:
اولا. الدعم الاميركي اللا محدود
ثانيا. قوة الردع العسكرية الاسرائيلية وتفوقها على جيرانها
ثالثا. تأجيل تجسد التهديد النووي الايراني
رابعا. قوة اسرائيل من ضعف العرب وانشغالهم بصراعاتهم الداخلية وتراجع مكانتهم
ولم يغفل التقديران اعادة التأكيد على التحديات والتهديدات التي اعتبر فيها التمدد الشيعي والدور المحوري لايران هو الاخطر وعبر تعاونها مع حزب الله وتمددها في سورية، ياتي في المرتبة الثانية الفصائل الفلسطينية وقطاع غزة وفي المرتبة الثالثة المنظمات الجهادية العالمية ( داعش والقاعدة) 
وقد اعتبرت المقاومة الفلسطينية وقطاع غزة مصدر التصعيد الاول اما شكل الحرب القادمة فمن وجهة نظرهم ستكون مختلفة عن سابقاتها وستستخدم اسرائيل  قوة تدميرية اكبر  في حروب خاطفة وعلى ارض الغير وتحقيق انجازات سريعة.
مما تقدم، نلاحظ ان هناك تناقضات قد كثيرة وردت ففي حين يعطي التقدير الاستخباري نسبة متدنية في احتمالية الحرب يتحدث عن مسببات استراتيجية للحرب ودواعيها كاستمرار تطوير القدرات القتالية والحصول على اسلحة كاسرة للتوازن وهو ما لا ترضى به اسرائيل ولن تتوقف عنه المقاومات، اضافة الى انه يبقي الباب مفتوح على التصعيد لحادث ما واغفل ان كل الاعتداءات السابقة جاءت نتيجة احداث صناعة اسرائيلية،  والتناقض الثاني عند وصف الحرب القادمة بانها مختلفة وتحقيق الانجازات في حين عدم التأكد من خوض سلاح البر حرب برية الا اذا كان المعني هو التدمير والقتل،  والتناقض الثالث تطمين الجبهة الداخلية الذي ورد في التقدير يتناقض وحجم التهديدات وتضخيم القدرات والتهويل والحرب النفسية والدعائية التي تشن،  والتناقض الرابع تقدير استخباري استراتيجي يفترض انه سري يسرب لوسائل الاعلام لاطلاع الرأي العام قبل مروره بالقنوات حسب الاصول والمصادقة عليه .
ندرك ان مثل هذه التقديرات وما يصدر عن مراكز الابحاث تؤخذ على محمل الجد من قبل القيادات الاسرائيلية لكن طرحها بهذه الطريقة يؤشر الى ان القصد هو التهرب من تحمل مسؤولية التصعيد وتهيئة الراي العام الاسرائيلي لما هو قادم خاصة المتغيرات في موازين القوى ، وتبديد القلق بان الجيش الاسرائيلي لم يعد من وجهة نظر الجبهة الداخلية ضامنا لتحقيق الامن والاستقرار لها وان هناك رهانات على تحالفات في المنطقة منها القائمة ومنها القادمة على قاعدة استبدال العدو.... الزمن وحده كفيل بكشف المستور.

-----------------------------
*خبير ومحلل عسكري