يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - تسعى منظمة الصليب الأحمر في غزة إلى الحفاظ على قدر من الإنسانية في خضم الحروب التي عاشها القطاع منذ سنوات، و في ظل الأزمة المستمرة تحاول قدر المستطاع التخفيف من المعاناة.

ويشار الى أن استمرار عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فلسطين هو تأكيد قانوني على استمرار الاحتلال وسقوط الضحايا، وأهمية وجود رقابة دولية على ممارسات الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان في القطاع منذ عام 1967.

ومن جهتها، واصلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في زيارات الأسرى في السجون ومراكز التحقيق، وترفع ملاحظاتها وتوصياتها إلى السلطات المسؤولة، وإضافة الى متابعتها مهمة نقل أهالي الأسرى لزيارة أبنائهم في السجون، وعلى تبادل الرسائل بين الأسرى وأهاليهم، وتعمل على إبلاغ أهالي الأسرى بأماكن احتجاز أبنائهم، وتتلقى شكاوي من أهالي الأسرى وتتابعها مع المسؤولين في سلطات السجون.

واجهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مأزقاً في عملها وأصبح نجاحها في التفاوض مع سلطات الاحتلال مدخلاً للقيام بعملها في مجال الإغاثة، وبالتالي تحول دورها إلى رهينة لموافقة سلطات الاحتلال على القيام بعملها.

وفي حديث مع "النجاح الإخباري" حول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة، قالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر سهير زقوت: إن الأوضاع في القطاع زادت صعوبة عما سبق، وأضافت "صحيح أن غزة اختفت من عناوين الأخبار الرئيسة، ولكن المعاناة الانسانية ما زالت قائمة والاحتياجات تزداد يوما بعد يوم، وتعاني غزة من القيود المفروضة على حركة الأفراد والبضائع، وارتفاع نسبة البطالة خاصة بين الشباب، اضافة لموضوع الرواتب، والأوضاع الداخلية الفلسطينية، الى جانب أزمة الكهرباء التي تفاقمت في الفترة الاخيرة بشكل أكبر".

وتابعت "الأطفال والرجال والنساء من المدنيين يجب ان لا يدفعوا ثمن هذا الوضع الصعب، حيث اذا لم يتم خلال اسبوع توفير الدعم لشراء الوقود الكافي لتشغيل الموالد التي باتت المستشفيات تعتمد عليها فان الخدمات في المستشفيات مهددة بالتوقف اما بشكل جزئي أو كلي، نحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر نراقب الوضع عن كثب ونتواصل مع السلطات بشكل دائم".

وفي ظل تفاقم الأزمة وغياب حل يلوح في الافق،  يتعرض قطاع المياه للخطر، تشهد أحياء كاملة في غزة انقطاعا للمياه ولأيام متتالية، اضافة الى أن محطات معالجة المياه ستتأثر بأزمة الكهرباء إن لم يتوفر المال الكافي لشراء الوقود فلن يكون أمام السلطات المحلية في غزة سوى ضخ المياه العادمة غير المعالجة الى البحر.

ونوهت المتحدثة باسم الصليب الأحمر الى أن غزة تحتاج لحلول دائمة وليس حلول مؤقتة، وهذا يقع على عاتق السلطات جميعها فالمنظمات الانسانية يمكنها ان تتدخل ولكن ليس بمقدورها حل المشاكل من جذورها.

وطالبت بضرورة تضافر الجهود للعمل على توفير الدعم الكافي لشراء الوقود لتجنب هذا الوضع الخطير والمقلق، مشيرة الى أن استجابة الصليب الاحمر لن تكون بحجم المأساة، ولا يوجد مؤسسة انسانية قادرة على حل مشكلة الكهرباء، وهذا يفوق طاقة المؤسسات الانسانية لان مساعدتها تكون لساعات او أيام.

وفي السياق ذاته، أكدت زقوت أن الصليب الاحمر يضع في أولوياته متابعة أوضاع الأسرى المضربين عن الطعام، مؤكدة أن منظمتها استعدت منذ اليوم الأول للاضراب الجماعي عن الطعام، وقامت بزيادة وتيرة زيارات مندوبيها حيث تمت زيارة المئات منهم، وعكفت على توصيل الرسائل الشفهية والسلامات الى عائلات المعتقلين بعد كل زيارة.

وأشارت إلى أن اللجنة الدولية تتعامل مع المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام بحكم ما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، وأوضحت أن الرعاية الصحية للمضربين عن الطعام هي من مسؤولية السلطات المحتجزة، وأن طبيب الصليب الأحمر هو بمثابة رقابة دولية محايدة لا تخضع لارادة السلطات.

وأكدت زقوت لـ "النجاح الإخباري" على ضرورة أن تُحترم رغبة المضرب عن الطعام في كافة الأحوال لافتة إلى أن اللجنة الدولية زارت الأسرى المضربين، وستستمر الزيارات خلال الأسابيع المقبلة، لمراقبة أوضاع احتجازهم ومدى تقديم الرعاية الطبية داخل السجون.

ومن جانبها، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيان صحفي يتعلق بقضية الأسرى والتواصل بين المعتقلين الفلسطينين وعائلاتهم، مؤكدة أنه مسؤولية إسرائيلية بموجب القانون الدولي الإنساني.

ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السلطات الإسرائيلية إلى الاضطلاع بمسؤوليتها كاملة بموجب القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بالتواصل بين المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل وذويهم المقيمين في الأراضي المحتلة.

وبدوره، قال السيد جاك دي مايو، رئيس بعثة اللجنة الدولية في إسرائيل والأراضي المحتلة: "إنه يجب تحسين التواصل بين المعتقلين وعائلاتهم، لا فرض المزيد من القيود"، ومشيراً إلى تعليق السلطات الإسرائيلية الممنهج للزيارات العائلية للمعتقلين الذين دخلوا في إضراب عن الطعام، ووقف التصاريح اللازمة لعائلاتهم.

ويشار الى أنه يحق للفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل استقبال زيارات عائلية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ويمكن تقليص هذه الزيارات لأسباب أمنية فقط، وفقًا لكل حالة على حده، لكن ليس لأغراض عقابية أو تأديبية على الإطلاق.

وأضاف السيد دي مايو "تدفع العائلات ثمن هذا الوضع"، وبشكل عام تحتجز إسرائيل فلسطينيين داخل أراضيها، وليس داخل الأراضي المحتلة بحسب ما يوجبه القانون المتعلق بأوضاع الاحتلال.

وبسبب ذلك، تقل إمكانية تواصل أفراد العائلة مع أقاربهم المعتقلين، إذ يتوجّب عليهم الحصول على تصاريح خاصة، والسفر لمسافات طويلة لرؤية أحبائهم، ومكابدة التفتيش وساعات الانتظار عند المرور عبر الحواجز أو في أماكن الاحتجاز.

وتابع "تيسر اللجنة الدولية منذ عام 1968، زيارات عائلية للفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل، ولنكون واضحين هنا، فهذه أولاً وقبل كل شيء مسؤوليةُ إسرائيل بوصفها قوة الاحتلال".

ويشار الى أن مندوبي اللجنة الدولية يزورون المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك المضربين عن الطعام، ويسعى المندوبون لاستمرار وتواصل المعتقلين مع عائلاتهم عن طريق رسائل الصليب الأحمر، والرسائل الشفهية، وبرنامج الزيارات العائلية، الذي تسيره اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ويذكر أنه ومنذ عام 1968، نُفِذت 3.5 مليون زيارة عائلية، وشهد العام الماضي وحده تنفيذ 114.000 زيارة عائلية لمعتقلين في مرافق احتجاز إسرائيلية.