رامي مهداوي - النجاح الإخباري - كنت مُتواجداً في الأكروبوليس بالعاصمة اليونانية أثينا (إلهة الحكمة الإغريقية)، أحتفل بعيد ميلادي على طريقة العصور القديمة، باكتشاف الروح من خلال قراءة رسومات النحات المُلهم «فيدياس»، الذي حول التل الصخري إلى نصب تذكاري فريد للفكر والفنون، وحتى لا أطيل بالمقدمة، أردت الهبوط إلى مركز وقلب المدينة ميدان (أمونيا)  العصب التجاري للعاصمة، صعدت الحافلة، وبعد فترة من الزمن اكتشفت أنها تذهب بطريق آخر إلى ميناء (بيرايوس) وهو أكبر ميناء في اليونان، وواحد من أكبر الموانئ في أوروبا.

اقترب موعد الخروج من الفندق، ولا أريد أي خلل، مع رغبتي بالاستمتاع في هذا اليوم، العديد من الأسئلة بدأت تعصف في عقلي، ماذا سأعمل؟ وما أثار جنوني أن سائق الحافلة أبلغني أن الحافلة لن تتوقف إلا حينما نصل الميناء!!

بالنسبة للكثيرين منا، فإن اكتشاف أننا كنا مخطئين قد يبدو وكأنه تهديد لذاتنا. عندما يحدث ذلك، فمن المحتمل أن نتصرف بطرق تقوضنا أكثر مثل الجدال، أو إلقاء اللوم على الآخرين، أو الانسحاب. لذا، قبل أن يُنظر إليك على أنك مخطئ ومتغطرس، بمعزل عن الآخرين أو غير مسؤول، عليك أن تستبق الموقف.

سترغب في التحدث مع أي شخص قد يكون أثّر في قرارك، تحمّل المسؤولية قل: «كنت مخطئاً»، وهذا ما فعلت، وهذا ما حدث، تحدثت مع نفسي واعترفت!! لا تقل «تم ارتكاب أخطاء» أو «لم تسر على النحو الذي توقعته»، أو أي إصدار آخر ينحرف أو يقلل من مساهمتك الشخصية، ولكن لا تختلق الأعذار.

حدد ما عليك القيام به الآن. تحمّل المسؤولية أمر بالغ الأهمية، وكذلك اتخاذ الإجراءات. هذا هو جوهر التواصل في الأزمات، حتى لو كان خطؤك لا يشكل أزمة كبيرة. أخبر الآخرين بما تفعله الآن لتصحيح الخطأ، والتمييز بين الأجزاء التي يمكن إصلاحها وتلك التي لا يمكن إصلاحها. قم بتضمين ما تفعله لمعالجة التأثير الجوهري، وفي حالتي كانت (المال والوقت). كن منفتحاً لتلقي التعليقات حول ما تفعله.

بعبارة أخرى، فإن التزامنا بالاعتقاد أننا نعرف بالضبط ما يحدث ولماذا، وماذا نفعل حيال ذلك، يتعزز من خلال محاولتنا الجادة جداً لعدم التفكير في هذا الاحتمال: «ماذا لو ارتكبت خطأ؟»، أو ربما أسوأ من ذلك، «ماذا لو صنعت واحدة بالفعل؟».

إنه بكلماتنا وأفعالنا، نحن نعبّر باستمرار عن رؤيتنا لأنفسنا، وكيف نريد أن يرانا الآخرون. وعندما نكون مخطئين، فإننا نشعر بألم إدراك أن الهوية التي قد نطالب بها لأنفسنا (خبير، شاطر، فاهم، متعلم، مثقف، معلم، زعيم)، وما إلى ذلك، قد تعرضت لضربة.

شارك ما ستفعله بشكل مختلف في المرة القادمة. أن تكون مخطئاً فوضوياً. أن تكون مخطئاً دون التفكير في الذات هو أمر غير مسؤول، حتى لو كنت تكره التفكير الذاتي. خذ بعض الوقت للتفكير في ماهية مساهمتك في هذا الموقف، وحدد كيف ساهم الآخرون أيضاً. حاول الابتعاد عن استخدام كلمات مثل «خطأ» أو «لوم»، والتي تميل إلى وضع الناس في موقف دفاعي، ثم أخبر أولئك المتأثرين بخطئك بما تعلمته عن نفسك، وما الذي ستفعله بشكل مختلف في المستقبل.

استمتعت برائحة البحر والمناظر الخلابة التي أشتاق لها لأني أعشق كل ما يتعلق في البحر، نعم أخطأت بركوبي الحافلة التي لم توصلني إلى هدفي الآني، لكنها أخذتني إلى أماكن ما زالت مسحوراً بها، جعلتني أكتب هذا المقال فور أن وصلت الفندق، معتذراً لهم عن التأخير بسبب ما حصل معي، وكانوا مُتفهمين لدرجة أنهم قالوا لي: هذه هي الأخطاء الجميلة!!