يحيى رباح - النجاح الإخباري - يوم الثلاثاء الماضي، مر في ذاكرتنا الوطنية بقدر هائل من الثقة بالنفس، والأمل الكبير الخارق، بأن النضال الوطني الفلسطيني في إطار الثورة الفلسطينية المعاصرة التي أطلقتها حركة فتح في الأول من يناير عام 1965، هذا النضال الوطني الفلسطيني يتقدم نحو التحقق رغم كل الصعاب، لأن هدفنا الوطني من وراء نضالنا الكبير والصعب والواعي وهو رحيل الاحتلال الإسرائيلي من أرضنا وفي مقدمتها القدس الشرقية حيث هي عاصمتنا الأبدية، والبشارة الثالثة وهي بشارة الإسلام قد تحققت فيها، فكانت قبلتنا الأولى، وكرم الله سبحانه رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال الإسراء به إليها، والثقة التي تتأكد بأن الله سبحانه وتعالى قد اختار هذا الشعب الصغير والعظيم ليكون حارسا لها رغم كثرة الأعداء والطامعين والساقطين الذين يسقطون بلا مبرر سوى طبيعتهم القابلة للسقوط.
الانتفاضة الثانية التي انطلقت قبل واحد وعشرين عاما، تؤكد لنا بما يقطع دابر الشك بأن الخرافة التي كلف بتبنيها الخزريون الذين لعبوا دور بني إسرائيل المزعوم وساعدتهم على ذلك إمبراطوريات ودول كبرى لصنع النكبة الفلسطينية، مثل القوى المحتشدة تحت مفهوم المسيحيانية اليهودية، واليهودية الصهيونية، وقبل ذلك إمبراطوريات منقرضة، هؤلاء جميعا لن ينجحوا، بل هم سينكشفون ويفضحون طال الوقت أو قصر، وأن الوعي الذي يتميز به الشعب الفلسطيني، سيجعل هذا الشعب يقول الكلمة الأخيرة حين يكتشف أعداؤه أنهم كانوا طيلة الوقت منتفخين بأوهام القوة الحمقاء ليس إلا، وأن قيادة هذا الشعب لم يغرها شيء باعتناق الكذب، بل هو وقيادته على الحق دوما، انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من أرضنا بما فيها قدسنا، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين إلى أراضيهم ومدنهم وقراهم التي طردوا منها بقوة الحديد والنار.
الانتفاضة الثانية، انتفاضة القدس، قالت لنا وللعالم كله إن الرهانات البلهاء على خلافاتنا الداخلية التي يستثمرونها بكل خبث، لن تنجح، لأنها بثور خارجية ولأنها رهانات الوهم الزائل، فهذا الشعب كل ما يقوم به بشكل خارق، هو في مقاييسه ردة فعل عادية، حتى لو فوجئ بها أعداؤنا فإنهم هم المخطئون، ولماذا لم يكن ذلك في حساباتهم المزيفة.
فلسطين، وشعبها هم الحقيقة الكبرى، وكل رهانات خارج هذه الحقيقة الكبرى هي رهانات فاشلة، يستخدم فيها الضجيج والصراخ ولكن لا يلبث أن يزول، مثل قطعان المطبعين الذين خانوا أنفسهم بالمجان، يتساءلون ولا جواب ويقولون نادمين يا ليتنا كنا ترابا.
وقالت لنا الانتفاضة الثانية إن شعبنا الحي سوف يظل يطلق المبادرات والأفعال المدهشة إلى أن يتحقق النصر، وأولئك الذين يلحقون بالدعوات المجنونة أو المهزومة، يكتشفون الآن أن الجنون لا يؤدي سوى إلى الخروج من الوحدة وتسليم أنفسهم بالمجان لأعدائهم، ونقول لهم ارجعوا إلى فلسطينكم فهي التي ستحميكم من النهايات المأساوية، يا أيها الفلسطينيون لا نطلب منكم سوى أن تكونوا فلسطينيين.