غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - العيد تلو العيد والوجع وراءه وجع أكبر، فغزة جريحة وجراحها تنزف يوماً بعد يوم، مع أيام تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك ولسان حال المواطنين يقول بأي "حال عدت يا عيد" فنحن لا نملك شيئاً نقدمه لأطفالنا لكي يفرحوا.

ويستقبل  الفلسطينيون في قطاع غزة عيد الأضحى المبارك وهم مثقلون بالهموم والآهات، نتيجة الفقر الذي يشهده قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 14 عاماً، وارتفاع نسبة البطالة، وأزمة رواتب الموظفين، التي جعلت المواطنين في غزة يعانون أشد معاناة عشية عيد الأضحى.

أسوأ عام

الأربعيني أبو سعيد، يقف على بسطته أمام مدخل سوق معسكر جباليا شمال القطاع، لبيع بعض الملابس للأطفال، يصف الحركة الشرائية بـ "المعدومة"، لافتاً إلى أن كل عام يأتي عليه مناسبات كالأعياد يكون أسوأ من العام الذي سبقه.

ويضيف أبو سعيد في حديثه لمراسل "النجاح الاخباري": "اجلس أمام عربتي من الساعة السابعة صباحاً حتى بعد المغرب، وقليل من يشتري بنطلون أو اثنين".

وتابع: "على الرغم من أن الرواتب متوفرة إلا أن المواطن في غزة حتى الآن لم يقدم على شراء ملابس العيد بالرغم من سعرها المنخفض، فانا أبيع البنطلون بـ 15 شيقل فقط".

وينطبق الحال أبو تامر نوفل، صاحب مزرعة عجول، الذي أكد أن الإقبال على الأضاحي لهذا العام ضعيف بشكل كبير، معتبراً هذا العام من أسوأ الأعوام على سوق الأضاحي في غزة.

وأشار نوفل في حديثه لـ"النجاح الاخباري" إلى أن أسعار الأضاحي هذا العام لم تختلف عن العام الماضي، إلا أن الاقبال عليها ضعيف.

وأضاف أن، ضعف الإقبال يرجع إلى الوضع الاقتصادي السيء في قطاع غزة، بالإضافة إلى أزمة رواتب الموظفين.

وضع اقتصادي مرير

كثيرة هي العائلات المستورة التي بالكاد تستطيع أن توفر لقمة تسندها خلال النهار والبعض منهم لا يتذوقون طعم اللحم إلا في عيد الأضحى المبارك من المساجد وأصحاب الخير. فيجودون عليهم بما تيسر من اللحم ليطعموا أطفالهم.

"أم رائد" أم لستة أطفال زوجها مريض وعاطل عن العمل وأحد أولادها يعمل في بيع العلكة والسكاكر وبعد يوم طويل بالكاد يحصل على شواقل معدودة ليطعم أخوته وأمه وأبيه.

تقول لـ"النجاح الاخباري": يقترب العيد منا كسابقه لا نمتلك شيئاً ولا أستطيع أن أشتري الملابس لأطفالي ولا حتى نعطيهم عيدية مثلهم مثل الأطفال الآخرين ولكني سعيدة بقدوم هذا العيد على الأقل سوف سيتذوقون طعم اللحم مرة بالسنة أو مرتين والحمد لله.

أما المواطن خليل عابد يقول إن "المواطن الغزي في حال توفرت لديه أموال فإنه سيشتري المستلزمات الرئيسية لبيته، وهذا حال أغلب الغزيين الذي يعانون الأمرين نتيجة الحصار والأزمات والمشكلات الاقتصادية".

ويضيف في حديثه لـ"النجاح الاخباري": "أنا لم أفكر في شراء ملابس العيد لأبنائي هذا العام، فالوضع الاقتصادي لدينا مرير وأسوأ من السيء، وإن توفرت الاموال سأوفر لهم لقمة عيش وطعام أفضل من ملابس العيد".

ويستقبل المواطنون في غزة عيد الأضحى المبارك خلال أيام في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر بقطاع غزة منذ عقود، وذلك في ظل استمرار وتشديد الحصار المفروض على القطاع، واستمرار الانقسام.

حالة ركود

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، د.معين رجب أن حالة الركود قائمة في أسواق قطاع غزة منذ سنوات، لافتاً إلى أن القطاع يعاني من مشكلة متراكمة تعمقت مع مرور الأيام.

وقال رجب لـ"النجاح الاخباري: إن "قطاع غزة يشهد نسبة بطالة عالية لا يوجد لها نظير في ببلدان العالم بالإضافة إلى الفقر الشديد، والحصار لا يزال قائماً وكل هذه الاسباب تؤدي إلى حالة الركود".

وأضاف أن "ما تتعرض له السلطة من أزمة مالية جراء مشكلة أموال المقاصة انعكس بشكل مباشر على قطاع غزة خاصة على المواطنين الذين لا يتقاضون رواتبهم كاملة"، مشيراً إلى أنه ليس هناك أفق وليس هناك وضوح او رؤية ليتم الحديث عن انفراجة قريبة.

ويرى بان الوضع العام والمسيطر في غزة حالة الركود الشديدة بسبب قلة ما يتوفر لدى المواطن من دخل أو سيولة نقدية، "حتى الدخل إن تحقق فهو متدني". وفق الخبير الاقتصادي.

ويواجه قطاع غزة، وفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أزمة إنسانية تزداد سوءاً، ويبقى الحصار البري والبحري والجوي الشامل المفروض من قبل الاحتلال الإسرائيل، والذي يدخل عامه الـ15، إلى جانب الانقسام الفلسطيني واغلاق مستمر لمعبر رفح، المسبب الأساسي في تردي الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في غزة المكتظ بـ2 مليون نسمة.