نابلس - هاني حبيب - النجاح الإخباري - امتنع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن الأخذ بقرار لجنة «كورونا» التي شكّلها بنفسه المتعلّق بتشديد القيود على المناطق الحمراء حيث ينتشر الوباء ويتفشى بشكل متزايد بينما تخففها عن المناطق الصفراء والخضراء حيث ينتشر الفيروس بشكل أقل، خلال الاجتماعات الأسبوعية الأخيرة لهذه اللجنة ورغم توصياتها المشار إليها أصرّ نتنياهو على استبدال هذه التوصيات بالإغلاق الكامل والشامل لكل البلاد وبحيث يتم تشديد هذا الإغلاق أسبوعيا، هذا الإصرار من قِبله يعود بدرجة أساسية إلى خدمته في مجالين، الأول يهدف إلى منع التظاهرات على أبواب بيته وأمام مقر حكومته تنفيذا لقرار الإغلاق، أمّا الثاني فيعود إلى عدم إثارة حلفائه وشركائه الحريديم، سياسة تخدم بشكل واضح وصريح نتنياهو ولا شأن لها بمواجهة تفشي «كورونا»؟
عدد من أعضاء «الليكود» وقياداته تجرؤوا في الأيّام الأخيرة للإعراب عن أنّ سياسة نتنياهو هي التي أدت إلى تراجع الحزب بشكلٍ كبير في استطلاعات الرأي، ما يُهدّد مستقبل «الليكود» وإمكانيات فوزه في الانتخابات القادمة، بعض المحللين الإسرائيليين تحدثوا عن تمرّد في الحزب يقوده وزير المالية إسرائيل كاتس والقيادي جدعون ساعر المنافس لنتنياهو، هؤلاء وغيرهم في حزب «الليكود» باتوا أكثر قلقا من قيادة نتنياهو وسياسته التي ستؤدّي من وجهة نظرهم إلى الحد من فرص الحزب من تحقيق تقدّم في الانتخابات القادمة وان استمرار الولاء لنتنياهو وسياساته فرصة لهدر فرص الحزب في الفوز، ذلك أن استطلاعات الرأي المتلاحقة أكّدت أن «الليكود» يخسر شعبيته كما يخسر قيادته للتكتلات اليمينية.
إحدى مشاكل التمرّد الليكودي ضد نتنياهو أن شركاء هذا الأخير في حكومته، حزب «أزرق – أبيض»، خاصة الثلاثي غانتس وزير الدفاع، وأشكنازي وزير الخارجية، وآفي نسكورن وزير العدل صوتوا لصالح نتنياهو لتمديد أسبوعي للإغلاق ومنحوه بذلك فرصة إضافية لمواصلة جهود حكومته لوقف التظاهرات نظرا للإغلاق وليس وقف تفشي «كورونا»، وكان يمكن لتمرّد الليكوديين أن يقرّب الإطاحة بنتنياهو بالاستفادة من التظاهرات الواسعة التي لا تزال مستمرة رغم قمعها من قِبل الشرطة وقمعها من قِبل المجموعات والميليشيات اليمينية المتطرفة المحيطة بنتنياهو والاستفادة من احتمالات أن يعود «أزرق – أبيض» عن سياساته المهادنة لنتنياهو، غير أن ذلك كما يعلم الجميع لم يحدث وما زال نتنياهو رغم تراجع شعبيته وشعبية «الليكود» يعمل جهارا وليلا ونهارا لصالح مستقبله السياسي رغم انكشاف ألاعيبه.
ورغم تصميم المتظاهرين على المضي قدما في حراكهم رغم القمع المزدوج وقرارات الحكومة حول الإغلاق الشامل وتنوّع مختلف التيارات الإسرائيلية التي تغذي هذا الحراك إلّا أنّ هذا الحراك يفتقد إلى أحد أهم عناصر وصوله إلى أهدافه لإسقاط نتنياهو والإطاحة به، نقصد هنا المعارضة الحزبية الرسمية، فهذه الأحزاب لم تحرّك ساكنا وهي تشهد قدرة نتنياهو على قيادة مناقشات الكنيست التي أدت إلى مزيد من تراجع الفصل بين السلطات والهجوم على السلطة القضائية في محاولة لنزع سلطاتها، كما تشاهد تآكل الديمقراطية الإسرائيلية في ظل سياسات حكومة نتنياهو وتحويل ملايين الشواكل لصالح الحملات السياسية الانتخابية لرئيس الحكومة بذريعة المساهمة في الحد من أخطار «كورونا» الاقتصادية، والأهم من ذلك كله غيابها عن الفعل والمشاركة في سياق الحراك والتظاهرات المتواصلة، فهذه المعارضة غابت عمليا عن التأثير داخل البرلمان كما غابت عن أن تشكّل قيادة للحراك ضد نتنياهو، رغم أن ذلك هو أحد مبررات وجودها وأولوية بالنسبة لها من الناحية النظرية على الأقل فهذه المعارضة تخلّت عن دورها ليس فقط عن قيادة الحراك ولكن أيضا بعدم تقدّمها ببرنامج عمل وتطرح بديلاً عن نتنياهو وحكومته وربما عن حزب «الليكود» في قيادة أمور الدولة، وهذا ما يشير إلى أن نتنياهو رغم كل شيء نجح في توظيف المعارضة لصالحه من حيث تدري أو لا تدري.  

نقلاً عن :جريدة الأيام