أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - مر يوم الأرض حزيناً كحزنه المعهودة  منذ أربعة وأربعين عاماً أو كحزن ممتد منذ أكثر من سبعة عقود عندما أفاق من تبقى في الوطن على كابوس الفقر في بلاد عزيزة على ضيوفها وعلى أهلها أكثر حين كانت لهم الأرض وشواطئ حيفا ليصحبوا بين ليلة وكابوس أقلية في وطنهم مجردين من كل شيء إلا الهوية ومفتاح الدار التي تعبت الانتظار.

زاد الوباء من كآبة الذكرى وكأن الفقد لا يكفي ليذكرهم بعمق المأساة لتكشف اسرائيل في تقريرها الصحة بأن المناطق العربية تعاني أزمة ونقص في المعدات والبنى التحتية لمواجهة كورونا، هذا معروف رغم أن الفلسطينيين هناك هم أحد أعمدة الجهاز الصحي في دولة اسرائيل لكنهم يفتقرون للرعاية ا...!

انضم جنرال اسرائيل الأخير إلى حكومة بنيامين نتنياهو وهو الذي قامت القائمة المشتركة بتزكيته لرئاسة الحكومة وليس ذنبهم أن الجنرال فر من المواجهة عائدا إلى يهودية تعيد تذكيرهم بالخطوط الحمراء وتحدد مكانتهم في تلك الدولة فهم دخلوا إلى مربع مرفوض من قبل الأغلبية اليهودية ولا يجب أن يكون مرفوض من قبل أية جهة فلسطينية لذا تعالت بعض الأصوات الناقدة لتوجه لهم لملاحظات على نمط استاذية نمارسها نحن الذين أخفقنا ، تجاه الذين يسجلون نجاحا كل يوم ولو صدف وكان بني غانتس شجاعا على نمط رابين لأحدث ذلك زلزالا في الحياة السياسية في اسرائيل ولتمكنوا من طي صفحة نتنياهو للأبد.

السياسيون الفلسطينيون في اسرائيل يقدمون نموذجا هو الأكفأ قياسا بكل سياسيي الشعب الفلسطيني، يتوحدون بلا كثير من الحوارات ونحن نتشقق أكثر، هم يتقدمون ونحن نتراجع هم ينجحون ونحن نحفق، هم يمارسون أقصى درجات المسؤولية تجاه شعبهم ونحن نمارس أسوأ أنواع الاستهتار وفي النهاية نريد أن نعطيهم درسا في السياسة...!، سيكونون محظوظين لو تجاهلوننا ولم يأخذوا بأي مما نقول.

مسحت اسرائيل المدن أولا وهجرت سكانها وبقي الناس الفقراء في بعض القرى وهكذا يمكن القول أن الذين تبقوا في اسرائيل بعد النكبة هم الأشد فقرا والأقل تعليما والأن بعد سبعة عقود فإن أفضل الأطباء الفلسطينيين هناك وأفضل علماء الاجتماع وأساتذة الجامعات هناك وأفضل السياسيين هناك علنيا أن نرى ذلك.

هؤلاء عزلتهم اسرائيل عن محيطهم الثقافي منذ النكبة في سبيل افقادهم هويتهم فخاضوا فيها صراعا ثقافيا اختلف عن صراع بقية الفلسطينيين لكنه أنتج جيلا أشد تمسكا بهويته وعلى درجة عالية من الثقافة والكفاءة.

تأثر الفلسطينيون هناك بالمحيط العربي والفلسطيني وكانت الأحداث لديهم مجرد انعكاس فما يحدث في هذا المحيط يجعلهم يتقدمون ويتراجعون عندما يتراجع فقد ظلوا لعقدين بعد النكبة تحت الحكم العسكري مخاتير القرى على نمط روابط القرى ويصوتون للأحزاب اليهودية وجاءت نكسة 67 لتكسر شوكتهم هناك لكن حرب 73 أعادت إحياء الروح القومية لتمهد لمواجهات يوم الأرض والاضراب الذي تلا الحرب بثلاثة أعوام .

جاءت الانتفاضة الأولى بصعودها لتحيي فيهم روحا جديدة ليبدأ الانفصال عن الأحزاب اليهودية وليبدأ العرب لأول مرة خوض انتخاباتهم بحزب عربي تزعمه السيد عبد الوهاب دراوشة ولأول مرة يصل صوت العرب للكنيست ببرنامج مختلف ثم تأتي السلطة الوطنية ويتم تجاهلهم بالاتفاقيات لتتشكل أحزاب عربية بعد أن أدركوا أن عليهم يقلعوا شوكهم بأيديهم ثم تأت الانتفاضة الثانية لتكون المواجهة الأكبر.

الأن وبعد الربيع العربي أصيب الفلسطينيون بانتكاسة كبيرة من نموذج صراعات السلطة والموت والدمار الذي حل بالمنطقة ليعاد النظر في شكل علاقتهم بالدولة نحو مزيد من الاندماج فيها وكان للانقسام الفلسطيني وصراع السلطة دورا أكثر أهمية في ادراكهم أن عليهم أن يأخذوا مسافة منا ويبدأوا كفاحا لتعزيز وجودهم وخدمة شعبهم هناك وهذا ما فعلوه بنموذج القائمة المشتركة.

ومع الزمن ومن تمثيل في بطن الأحزاب اليهودية إلى تمثيل عربي واعي يهدد رئيس الحكومة ويحاول أن يلعب بيضة القبان في النظام السياسي في اسرائيل، تلك محاولة صدتها يهودية غارقة في قوميتها لم تعترف بعد بالأخر وتلك مسألة أخرى.

هم يعرفون ماذا يفعلون، هناك 2 مليون فلسطيني في اسرائيل يحتاجون لخدمات وتعليم وصحة وغيره هم يمثلونهم  ولا يمثلوننا، هم يعملون وفق مصالح ناخبيهم وحبذا لو تعلم منهم سياسيو الضفة الغربية وغزة هم لا يتسولون من أحد لا سياسة ولا مال ولا حقائب ولا مساعدات نبرتهم تدعو للفخار يتحدثون بملئ كرامتهم ويسيرون منصتبو القامة لهم كل الاحترام وعليهم فقط أن يفكروا كيف يخدموا 2 مليون فلسطيني انتقلوا من هامش المجتمع إلى الأكثر كفاءة في كل المجالات أمام انهيار باقي الفلسطينيين في كل المجالات.