هلا سلامة - النجاح الإخباري - بقلق شديد يترقب اللبنانيون تطورات البلد لا سيما المتعلقة بالشق الاقتصادي العالق بين مطرقة الخارج الذي يطلب الإصلاحات لتنفيذ المشاريع الحيوية والداخل المتعثر بالخلافات الضيقة، مشهد يصفه الكثيرون بغير المسبوق حتى في أيام الحروب التي مرت على لبنان.

ربما يكون هذا الوصف الأكثر دقة باعتبار أن  الدين الحكومي في لبنان كان صفراً عند اندلاع الحرب في عام 1975، وما يعادل 3 مليارات دولار في آخر عام 1992 وبعدها بدأ يزداد في  اطراد حتى بات لبنان مصنفا من بين أكثر الدول مديونية في العالم، الأزمة هذه المرة دقت كل الأبواب وقلبت موازين الحياة اليومية المعتادة والكل بات مهددا والأضرار على أشكالها.

وبينما الحكومة تكاد تنتهي من دراسة موازنة 2020 بالتوازي مع تشكيل لجنة وزارية لمناقشة وإقرار بنود إصلاحية تتعلق بقطاعات مهمة، أبرزها الكهرباء والضبط الجمركي ينفلت الشارع تدريجيا في مواجهة مع مشاكل حياتية وصلت حد وصف بعضها بالمفتعلة كأزمة الدولار التي ولدت بين ليلة وضحاها.

المواطن اللبناني الذي يقبض راتبه بالليرة اللبنانية بات عاجزا في أكثر من مكان على تسديد دفوعاته قبل أن يبدل عملته الوطنية بالدولار الأميركي. ومن البنوك إلى الصيارفة وكبار التجار وكل من يساوم على البلاد والعباد باتت رحلة اللاحالة والمجهول التي يعيشها المواطنون.

وفيما يصر مصرف لبنان (المركزي)، على أن وضع الليرة ما زال مستقرا وهو الذي كان قد ثبت سعر صرفها منذ عقدين عند 1507 للدولار الواحد حيث تستخدم العملتان بطريقة متوازية في العمليات الاقتصادية والتجاربة كافة ينفي الصيارفة مسؤوليتهم عن الأزمة علما أن القوى الأمنية داهمت مكاتبهم في بعض المناطق واعتقلت البعض منهم بسبب رفع سعر صرف الدولار.

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ربط ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق السوداء بزيادة حجم الكميات المستوردة في بعض المواد الأساسية من دون معرفة إذا ما كان الاستيراد كله للاستهلاك المحلي في ضوء تقارير تتحدث عن تهريب قسم منه إلى سوريا.

توقفت محطات البنزين مرات عديدة عن التعبئة، سألنا اصحاب الشأن فقالوا إن المواطن يدفع بالليرة والتاجر الموزع يطلب منا التسديد بالدولار ولم يعد بالإمكان تحمل الخسائر الناتجة عن الفرق بين سعر صرف العملتين.

الأزمات تتشعب ولم يسلم لبنان حتى من الرياح الخارجية التي دخلت على خط الأزمة الاقتصادية لتزيد من تداعياتها. قرار الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على أحد المصارف اللبنانية لا شك أنه بث حالة من القلق  لدى المصارف والمودعين انعكست ازديادا في طلب الدولار ولو أنها ترافقت مع تطمينات الجهات المسؤولة عن عدم تأثير القرار على القطاع المصرفي باعتبار أن ودائع المصرف تمثل أقل من 0.4% من مجمل الودائع في لبنان والمصرف المركزي يرعى حقوق المودعين فيه.

في ظل  الضائقة الاقتصادية الكبيرة مع ازدياد حجم الدين العام والارتفاع الكبير في معدلات البطالة وإغلاق عدد كبير من المؤسسات وتفاقم أزمة النزوح السوري وغيرها من المشكلات التي لا تجد طريقا للحل تستمر التحركات الشعبية المتقطعة وتحت عناوين عديدة تطالب السلطة بايجاد الحلول  لا شك أن المطالبات تعكس إرباكا طرأ بالاجمال على حياة المواطنين وفي جوانب مختلفة.

  فاتورة الإسكان أو إيجار المنزل والقروض المصرفية وتأمين الطبابة والمدارس والجامعات ولقمة العيش المسعرة بالدولار... والتي لم يعد المواطن قادرا على تسديدها وأمام تقاذف التهم بين المسؤولين والخلافات التي تنعكس سلبا على الشارع  والاستحقاقات الكبيرة التي تتطلب قرارات جريئة وبعيدة عن المصالح الضيقة ينتظرها اللبنانيون عند كل جلسة حكومية تبقى الصورة ضبابية والانتظار المصحوب بالقلق هو سيد الموقف.

* صحافية لبنانية

نقلا عن الحياة الجديدة