النجاح الإخباري -  قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، إن خطاب الرئيس في الأمم المتحدة استكمال لرؤيته لعملية السلام، التي طرحها خلال خطابه السابق في العشرين من شباط/ فبراير الماضي للتأسيس لقاعدة عريضة من الدول المهتمة بعملية السلام، وليؤكد الرؤية الفلسطينية  للسلام رغم كل العقبات،  وأن فلسطين ليست عقدة في الحل بل هي من  تقدم الحل.

وأضاف المالكي في حديث لبرنامج "ملف اليوم" عبر تلفزيون فلسطين، "إننا نخلق حالة جديدة، ونؤسس لمرجعية دولية مستعدة للعمل معنا  للسلام، وخطاب الرئيس جاء استكمالا لخطوات سابقة استكملت بخطوات لاحقة وستستمر المتابعة بتعليمات من الرئيس وتحت إشرافه".

وأكد أن الرئيس بخطابه الذي ركز  فيه على الثوابت الوطنية، وجّه رسالة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، وضرورة  أن يتخذ الخطوات اللازمة، وقال: "نحن صامدون أمام كل التحديات رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها، وهذا هو مصيرنا ويجب أن نصمد على هذه الأرض، وليس لنا مكان آخر فيها، القدس هي لنا وهذا هو الوطن الذي اخترناه بأنفسنا".

ولفت المالكي إلى أن الرئيس أكد أن اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي انعقدت وصدر عنها قرارات يجب تنفيذها، موضحا  أنها الفرصة الأخيرة للمجتمع الدولي للتدخل وانقاذ حل الدولتين وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه، وإلا فإن القيادة ستنفذ الخطوات والقرارات التي اتخذت، وقال: "إننا نراقب ردود فعل المجتمع الدولي، ولدينا موعد مع المجلس المركزي خلال ما يقارب العشرين يوماً، وهذا المجلس يجب أن يتخذ قرارات صعبة لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا.

وأوضح المالكي أن الرئيس ألقى خطاباً في مجلس الأمن في العشرين من شباط/ فبراير الماضي، تحدث فيه بكل وضوح عن رؤية فلسطين للسلام، مشيرا إلى أنها المبادرة الأولى التي تطرح منذ عام 2014،  منذ أن توقفت الادارة الأميركية السابقة عن بذل الجهود في تحقيق أي سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وكشف المالكي عن تكليفه الى جانب الوفد الفلسطيني بتوجيه دعوات لأكثر من أربعين دولة ومنظمة دولية لعقد اجتماع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حضرها نواب رؤساء ووزراء خارجية ومبعوثون خاصون  لعملية السلام، وأعضاء مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة الأميركية، ورؤساء المجموعات الاقليمية وعدد من الدول العربية، للاستماع لوجهة النظر الفلسطينية والاطلاع على ما نستطيع عمله بعد الخطاب، وكيف نستطيع الحفاظ على حل الدولتين، وما هو الدور المناط بالمجتمع الدولي أن يأخذه بناءً على ذلك.

وقال: "إننا وضعنا الولايات المتحدة الأميركية ودولا أخرى بموقف محرج، بأنهم يتحدثون عن السلام ويعملون ضده، بينما نحن نتحدث عن السلام ونعمل من أجله، والخطوات التي قمنا بها تؤكد جديتنا في هذا الموضوع"، مشيراً إلى حضور 40 دولة لهذا الاجتماع، لافتاً إلى عتاب دول أخرى لعدم دعوتها للحضور، معتبراً ذلك تأكيدا على مصداقيتنا والتفافا من المجتمع الدولي حول قضيتنا.

صدور قرار إدانة من محكمة العدل لواشنطن هو أمر نافذ وعلى المدعى عليه التنفيذ

وفيما يتعلق برفع دولة فلسطين دعوى ضد الولايات المتحدة الأميركية، أكد المالكي، أنه في حال صدر قرار عن محكمة العدل حيال هذه القضية فهو قرار أمر نافذ، ليس استشارياً وعلى المدعى عليه أن ينفذ.

وأوضح "أن القضايا التي ترفع لدى محكمة الجنائية الدولية ترفع ضد قادة ومسؤولين سياسيين، بينما محكمة العدل تنظر في القضايا المرفوعة ضد دول"، لافتا إلى أن فلسطين عضو في المحكمة الجنائية لكنها ليست عضواً في محكمة العدل، والانضمام إليها يتطلب أن تكون عضواً كاملاً في الأمم المتحدة".

وتابع المالكي: "الرئيس الأميركي أعلن قراره في 6 كانون أول/ ديسمبر بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وفي 20 من نفس الشهر توجهنا للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند "متحدون من أجل السلام"، وقدمنا قرارا  بشأن القدس وتم التأكيد على عدم قانونية أي قرار أو فعل يهدف إلى تغيير طابع ومركز التركيب الديموغرافي لمدينة القدس، بناء على طلب دول اسلامية وعربية، وصوتت معنا 128 و9 ضدنا، وفي 19 مايو قامت الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها.

وتابع: "في 22 آذار/ مارس وبعد أن تبين لنا أن الولايات المتحدة الأميركية قررت نقل سفارتها، قمنا بالانضمام إلى ما يسمى "البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بشأن تسوية النزاعات بين الدول، كخطوة استباقية ومدروسة لرفع قضية ضد الولايات المتحدة الاميركية، وفي 4 تموز قدمنا إعلانا كوننا لسنا أعضاء في محكمة العدل الدولية، وبالتالي اعترفنا باختصاص محكمة العدل الدولية للفصل في جميع النزاعات التي نشأت وقد تنشأ وبالتالي نقول لها: "أنت الآن لديك كل الصلاحيات للعمل في الشأن الفلسطيني.

وأضاف المالكي، أنه في 14 أيار/ مايو قمنا بخطوة أخرى استباقية ووجهنا رسالة رسمية لوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، طالبته بعدم نقل سفارة بلاده  الى القدس، لأن ذلك يشكل انتهاكا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كخطوة استباقية قبل التوجه لرفع دعوى.

وقال: "إن الجانب الأمريكي لم يقدم رداً، فتم ابلاغ  وزارة الخارجية الأميركية مرة ثانية بمذكرة خطية مؤرخة بتاريخ 4 تموز/ يوليو، تؤكد أنه أصبح  هناك نزاع بيننا وفق المادتين "1،2" من البروتوكول الاختياري الخاص بالاختصاص الاجباري لمحكمة العدل الدولية، خاصة أن واشنطن هي عضو موقع على ذلك البروتوكول، ومن جانبنا وقعنا عليه، وبالتالي أصبحنا ملزمين للذهاب إلى محكمة العدل الدولية، "وأنا أعلن أن لدينا حالة نزاع بين الطرفين".

وأشار المالكي إلى أنه قدم في 19 تموز/ يوليو طلبا لتحريك تلك الدعوى لمقاضاة الولايات المتحدة الأميركية أمام محكمة العدل الدولية للبت في النزاع الناشئ على نقل السفارة، والآن أصبح لدى المحكمة وثائق وقضية، وبعد استلام مسجل المحكمة هذه القضية أعلن عنها فوراً، ويحيل صورة طبق الاصل من طلب تحريك الدعوى الخاصة بالمدعي ويوجهها فوراً للمدعى عليه أي الولايات المتحدة الأميركية، ويرسل صورة عن الدعوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة وللدول الأعضاء فيها وللدول الأخرى التي يحق لها الامتثال للمحكمة، وبالتالي العالم أجمع أصبح يعلم بحالة النزاع بيننا وبين الولايات المتحدة الأميركية.

واستطرد أن رئيس محكمة العدل يقابل ممثلي الاطراف، للتأكد من وجهات نظرهم حول توقيت تسليم المرافعات المكتوبة، منوهاً إلى إمكانية أن تقول الإدارة الاميركية للمحكمة: "أنه لا اختصاص لك كمحكمة على الولايات المتحدة الأميركية  باعتبارها لا تعترف بعضوية دولة فلسطين في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ولا تعتبر أنه يربطها علاقة قانونية بدولة فلسطين بناء على أحكام الاتفاقية، وبالتالي ستحاول الضرب باختصاص المحكمة وولايتها."

وأضاف، "رئيس المحكمة سيعين ممثلاً عن دولة فلسطين وهو قاض فرنسي كان رئيسا للمحكمة سابقاً،  وسيدعو ممثلي الأطراف للجلوس وللتباحث، من أجل تحضير المرافعات المكتوبة ومن ثم المرافعات الشفوية"، مؤكداً وجود بعد آخر وجاهزية تامة لدينا، في حال ضرب أميركا في اختصاص المحكمة.

واشنطن ستضطر للجلوس مع دولة فلسطين كندٍ لها بعد ترؤسها  مجموعة الـ77 والصين

وفيما يتعلق بانتخاب فلسطين رئيسا لمجموعة الـ77 والصين، قال المالكي: "بعد اجتماع الدول الأسيوية لتقرر مرشحها الذي سيعرض على المجموعة الكاملة، قررنا طرح أنفسنا بعد أن طلبت منا عديد الدول الترشح لأسباب مختلفة، باعتبار ذلك اثباتا أن فلسطين جاهزة لتكون دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة"،  وتأكيدا منا للمجتمع الدولي أن فلسطين قادرة على الحديث في مواضيع أخرى خارج  إطار السياسية البحتة كالقضايا التنموية. 

وأكد أن دولة فلسطين ستبدأ العام القادم بتمثيل 134دولة، وهي مسؤولية جديدة وكبيرة تستدعي التحضير الجيد والدراسات واستشارة بعض الدول، لافتا الى أن الرئيس سيشكل جسماً وطنياً لمتابعة الموضوع، وسنبدأ بتمثيل دول المجموعة والتفاوض باسمها مع الدول الصناعية والدول الغربية ومع الولايات المتحدة الاميركية، والتوصل إلى اتفاقيات تضمن الحفاظ على مصالح المجموعة".

وتابع: "الولايات المتحدة الاميركية ستكون مضطرة للجلوس مع دولة فلسطين كند لها ورئيس للمجموعة، ولن تستطيع أن تقول "لا"، وبأنها لا تعترف بدولة فلسطين"، مؤكداً أن ذلك يشكل تحدياً ونجاحاً.

انضمامنا لليونسكو فتح لنا أفاقا عدة ولن يجرؤ أحد على محاولة تغيير موقفنا حيال أي قضية

وأكد المالكي أهمية انضمام فلسطين لمنظمة "اليونيسكو" في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011 كعضو كامل العضوية، والتي فتحت لنا أفاقا وامكانيات للاستفادة من كل المسارات القانونية والدبلوماسية، مشيرا الى أن  هذه العضوية استطعنا من خلالها  الانضمام إلى اتفاقيات ومعاهدات أخرى والمشاركة في مؤتمرات دولية.

وقال: "تعرصنا لضغوطات سابقاً، أما الآن وبعد أن علمت وتعلمت الدول بثبات موقف الرئيس وصموده وقوته، لن يجرؤ أحد على اقناعنا بتغيير موقفنا بخصوص أي موضوع بما فيها خطاب الرئيس، فالجميع أصبح مقرا ومعترفا أن هناك صخرة صلبة صامدة يمثلها الرئيس، وأنه مهما طرقوا هذه الصخرة  لن يستطيعوا كسرها فاستسلموا".

وتابع:"العلاقة مع أميركا مجمدة، والدعم الأميركي المالي للسلطة الوطنية وللأونروا وللمرافق الصحية قد توقف، ونحن نسعى لكسب كرامتنا ولاحترام الدول الأخرى لنا".

وأكد المالكي أن لدى القيادة رؤية استراتيجية  وخطوات مدروسة بشكل جيد من أفراد وكفاءات، لافتاً إلى متابعة حشد المزيد من الاعترافات وتخطي حاجز الــ 140 دولة المعترفة بدولة فلسطين، وإلى الاستمرار بالعمل في إطار المحكمة الجنائية.

وأعلن أن شعبنا قد يسمع أخباراً إيجابية قبل انتهاء العام الحالي، وقال: "إن في جعبتنا الكثير، وسنستثمر انضمامنا لأي اتفاقية أو معاهدة لخدمة القضية".

اجتماع للجنة الحكومية المشتركة الفرنسية الفلسطينية في بداية كانون أول/ ديسمبر واستمرار الجهود لاعتراف فرنسا بدولة فلسطين

وحول زيارة الرئيس إلى فرنسا، قال المالكي: إن الرئيس كان يعمل على ملفين رئيسيين في فرنسا، وهما ضرورة اعتراف باريس بدولة فلسطين، مشيراً إلى قرارات اتخذت على مستوى البرلمانات فيما يتعلق برفع توصيات للحكومة الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً الاستمرار من أجل تحقيق ذلك، وكذلك الأمر في ايرلندا ولقاء رئيس الوزراء الايرلندي ونائبه وبوزير خارجية إيرلندا.

وأوضح أن الملف الثاني، متعلق بالجهد الدولي من أجل حماية حل الدولتين والعمل للوصول إلى مؤتمر دولي، يسمح بالعودة إلى المفاوضات من أجل انهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وذكّر المالكي بعقد الحكومة السابقة في باريس مؤتمراً دولياً للسلام في كانون ثاني/ يناير عام 2017، حضرته 75 دولة ومنظمة دولية، وتم الاتفاق على عقد جولة أخرى من ذلك المؤتمر، مؤكداً ان ذلك يتقاطع مع رؤية الرئيس التي ألقاها ضمن خطابه أمام مجلس الأمن في العشرين من شباط/ فبراير الماضي، وبالتالي اصبح ضروريا معرفة إن كان الجهد الفرنسي مستمرا في ذات الإطار باعتبار أن فرنسا قد تكون أفضل الدول المرشحة لقيادة هذا الجهد.

وكشف المالكي عن اجتماع للجنة الحكومية المشتركة الفرنسية الفلسطينية في بداية شهر كانون ثاني/ ديسمبر القادم، يحضره  رئيس وزراء فرنسا وبرفقته العديد من الوزراء للقاء رئيس الوزراء رامي الحمد الله  وعدد من الوزراء ، مؤكداً وجود علاقات ثنائية مميزة ومتقدمة بين الجانبين، نسعى لتطويرها ضمن إطار الرؤية للسلام، وضمن إطار حاجتنا لاعتراف فرنسا بدولة فلسطين.