د احمد الطيبي - النجاح الإخباري - لطالما تمت معاملتنا نحن الفلسطينيين في إسرائيل كمهاجرين بالرغم من تواجدنا في هذه الارض منذ قرون وقبل قيام دولة اسرائيل. وفي الوقت الذي نعاني فيه من التفرقة من قبل المؤسسات الرسمية المختلفة، تحاول إسرائيل المحافظة على مظهر "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

لطالما رددنا على ذلك ، وقلنا انها ديمقراطية لليهود .. ويهودية للعرب: إنها ثيوقراطية ودولة واحدة بنظامين منفردين: احدهما للسكان أصحاب الامتيازات أو الأفضل، ألا وهم اليهود، والآخر للسكان من الدرجة الثانية، الا وهم الفلسطينيون العرب من المسلمين والمسيحيين والدروز.

ان المصادقة على قانون القومية اليهودي يعكس تحول اسرائيل رسميا الى نظام ابرتهايد للسيادة اليهودية. والسؤال الآن هو ما الذي سيحدث.

حتى قبل هذا القانون، الذي يعطي حقوقا سياسية وقومية للسكان اليهود فقط، كان هنالك اكثر من 50 قانونا عنصريا في إسرائيل ضد السكان غير اليهود. لكن أهمية هذا القانون تمتد الى ما وراء التفرقة أو العنصرية المباشرة التي يعاني منها السكان الفلسطينيين في إسرائيل في الوصول الى خدمات عدة: انه يؤكد الاحتلال غير القانوني للقدس ويدعم امتداد الاستيطان اليهودي، انه يهدف الى توحيد وتعزيز برنامج إسرائيل السياسي في دفن حل الدولتين على حدود 1967، الأمر الذي يحول دون اقامة دولتين مستقلتين جنبا الى جنب بسلام وأمان كما تم عرض الأمر من قبل المجتمع الدولي وبالأخص اوروبا.

‎لقد شعرت الحكومة الإسرائيلية بالثقة لتقديم هذا القانون بسبب دعم إدارة ترامب الكامل لها. يتقاسم "الفرسان الصهيونيون الثلاثة"، كما أشير الى فريق ترامب للشرق الأوسط، المكون من غرينبلات، كوشنير وفريدمان، نفس الايديولوجية الصهيونية المتطرفة المشابهة للحكومة الاسرائيلية، لانهم لا يرون الفلسطينيين متساويين ولم يستطيعوا التفوه بعبارات مثل "حقوق فلسطينية" أو "دولة فلسطينية".

إضافة الى الموقف الامريكي، فان الاتحاد الاوروبي طمأن اسرائيل في عدة مرات بانه لن يقوم بفرض عقوبات كرد على خرقها المنظم للقانون الدولي وقرارات هيئة الأمم، الأمر الذي يعزز من ثقافة الحصانة الخاصة لاسرائيل. وفي الحقيقة، فان سفير الاتحاد الاوروبي في تل ابيب يصر حاليا على ترديد مقولة "ان الاتحاد الاوروبي وإسرائيل تتقاسمان قيم الديمقراطية، مكانة القانون واحترام حقوق الانسان".

‎لكن على الاتحاد الاوروبي ان يتحمل مسؤولية التصرف وفقا لمبادئه. ردا على ذلك ، فاتفاقية الاتحاد-الاوروبي الاسرائيلي ردا على ذلك ،في بندها الثاني على ان "العلاقات بين الأطراف، إضافة الى كل أحكام الاتفاقية نفسها، يجب أن تعتمد على احترام حقوق الإنسان والمبادىء الديمقراطية، الأمر الذي يحرك سياستها الداخلية والدولية ويمثل عنصرا مهما من هذه الاتفاقية".

‎يضع قانون القومية اليهودي كل الفلسطينيين في ارض فلسطين التاريخية، من المسيحيين، الدروز، والمسلمين، من نهر الاردن وحتى البحر الأبيض المتوسط ومن الجليل الى صحراء النقب، يضعهم تحت سيطرة دولة تنص على عدم تمتعهم بحق تقرير المصير. يمثل الفلسطينيون اكثر من 50% من مجمل السكان تحت السيادة الاسرائيلية، في إسرائيل والمناطق المحتلة. هل سوف يقوم الاتحاد الاوروبي بتقبل هذا الواقع للأبرتهايد كجزء من ما يسمى "القيم المشتركة" بين إسرائيل والاتحاد الاوروبي؟ هل يستطيع أي ممثل اوروبي الإشارة لهذا الوضع بانه يمثل "المبادىء الديمقراطية" التي تم اشتراط الاتفاقية الاوروبية الإسرائيلية عليها؟

‎سوف يصر انصار اسرائيل، وآلة دعايتها، إن تمثيل سكان إسرائيل الفلسطينيين في الكنيست يعكس ديمقراطية الدولة. لكن قانون القومية لا يذكر هذه الكلمة مطلقا. إن الحقيقة المهمة هنا هي إن الديمقراطية هي اكثر من مجرد حضورنا في البرلمان ولا تستطيع إسرائيل مواصلة الادعاء بمكانة الديمقراطية. في الحقيقة، اقوم في كل عام باقتراح قانون لتقسيم متساو للارض بين كل السكان في إسرائيل ويتم رفضه من قبل الحكومة. في الواقع، يتم رفض كل قانون حول مبدأ المساواة بشكل مباشر.

‎ ان النظام العرقي الاسرائيلي وهو في الأصل يهودي، هذا النظام الرسمي للابرتهايد لن يتغير حتى يتم دفع ثمن العنصرية، الغرور والخروقات المنهجية للقانون الدولي. تملك الدول الاوروبية الخيار بان تستمر في دعم عنصرية إسرائيل وجرائمها بواسطة تجاهلها للواقع، أو بامكانها اتخاذ خطوات فعلية لإنقاذ ما تبقى من حقوق كل السكان من إسرائيليين، فلسطينيين، مسيحيين، دروز، مسلمين ويهود. وكون دول اوروبا اول شريك تجاري لاسرائيل فإنها تمتلك ما يحول دون استمرار جنون الصهيونية المتطرف المدعوم من قبل إدارة ترامب.

‎نحن نحترم تاريخكم وقيمكم. نحن نتطلع الى رؤية هذه القيم والاحساس بها...

*نشرت هذه المقالة في صحيفة لوموند الفرنسية