عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - مع إطلالة أي عام جديد يرفع المواطن الغزي يديه عالياً إلى السماء ويدعو الله أن يكون هذا العام على قطاع غزة أفضل من سابقه، لعل الحال يتغير عليهم إلى الأفضل، لكن يتفاجئ بظروف أكثر سوءاً من ذي قبل.

حال الغزيون منذ عام 2007، بداية فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، ففي كل عام تزداد الأوضاع المعيشية صعوبة أكثر من قبل، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات كبيرة وإغلاق المعابر وتفشي ظاهرتي البطالة والفقر.

ففي عام 2015 عقب عدوان صيف 2014، حذّرت الأمم المتحدة بأن غزة قد تصبح غير قابلة للحياة بحلول عام 2020، ولكن يبدو أن مظاهر الحياة انعدمت فعليا في غزة قبل 2020 بعامين، لتصبح 2018 العام الأشد حصاراً على قطاع غزة.

فقد اشتد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة بطريقة أقسى من الماضي، بعد أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم وعدم تصدير أو استيراد أي سلع لغزة، بالإضافة إلى إغلاق معبر رفح البري بشكل مفاجئ.

أسوأ السنين

المواطن أبو خالد (44 عاماً) من مخيم جباليا، يجلس أمام منزله وحيداً وقد بانت على ملامحه مظاهر التعب والملل، ليقول لمراسل "النجاح": إن هذه السنة من أسوأ السنين التي مرت علينا، ولا نعلم ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة".

ويضيف أبو خالد "أنا يومياً أجلس أمام البيت من بعد العصر حتى منتصف الليل، بسبب البطالة وانقطاع الكهرباء، وفوق هذا فقد شدد الاحتلال الحصار على القطاع".

لم يكن هذا الحال حال أبو خالد فقط، فهناك مليوني مواطن في غزة يعيشون هذا الألم والوجع والتعب لأكثر من 11 عاماً، ليعلق الشاب حسن الصيفي " نحن شباب غزة أصبحنا عاطلين عن الحياة وليس فقط عن العمل".

ويضيف الصيفي لـ"النجاح" :"رضينا بالهم لكن الهم ما رضي فينا" ؟

وأشار إلى أن غزة قد وصلت إلى ذروة الحصار، وأن حلقة الخناق على الغزيين قد ضاقت كثيراً، داعياً الله أن يفرج كربها ويفك حصارها.

وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو اتخذت قراراً بتشديد الحصار على قطاع غزة من خلال منع استيراد وتصدير السلع والبضائع لقطاع غزة، باستثناء المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأبقار والأعلاف والقمح والقش.

حالة الانهيار

الإجراءات الإسرائيلية المشددة وإغلاق المعبر الوحيد للبضائع "كرم أبو سالم" جاء بعد التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة وإصرار الحكومة الإسرائيلية على وقف الحرائق التي تندلع في غلاف غزة بفعل الطائرات الورقية والبالونات.

وحذر رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك من بدء ظهور انهيار واسع بالمنظومة الاقتصادية في قطاع غزة جراء توقف حركة الصادرات إلى خارج القطاع بشكل تام ومنع الاحتلال إدخال نحو 400 صنف من البضائع إلى غزة.

وقال الحايك في تصريح صحفي: إن الأوضاع الاقتصادية وصلت لحالة انهيار غير مسبوقة تجاوزت حالات الحروب، متوقعًا أن يكون العام الجاري كارثيًا من حيث أعداد العاطلين عن العمل والفقراء، والمعتمدين على المساعدات الإنسانية"، مشيراً إلى أن وقف الصادرات والواردات يعني انضمام عشرات الآلاف من السكان إلى صفوف العاطلين عن العمل، ووصول أعداد الذين يعتمدون على المساعدات الانسانية لأكثر من 90%.

وكان المرصد الاورومتوسطي لحقوق الإنسان في قطاع غزة أكد أن قطاع غزة لم يشهد مثل هذه الإجراءات ضد المدنيين، مشدداً على أن ما يعيشه أهالي القطاع اليوم هي عقوبات جماعية ستؤدي إلى كارثة إنسانية بجميع المقاييس على جميع القطاعات.

انعدام الحياة

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي، . ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، أن مظاهر الحياة انعدمت في قطاع غزة بعد القرار الإسرائيلي، واشتداد الحصار في القطاع.

وأوضح الطباع خلال حديثه لـ"النجاح" أن الإجراء الإسرائيلي الأخير وإغلاق معبر كرم أبو سالم أعاد غزة للمربع الأول من الحصار الذي فرضته إسرائيل عام 2007"، مشيراً إلى أن هذا الإجراء له تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية في غزة.

وبيّن أن كافة المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الوضع في القطاع كارثي، لافتاً إلى معدلات البطالة والفقر التي ارتفعت مؤخراً " ومع هذا الإجراء ستزيد هذه المعدلات أكثر وأكثر".

وبحسب الخبير الاقتصادي فإنه في ظل الإجراء الإسرائيلي وتشديد الحصار على غزة فإن مظاهر الحياة توقف بالكامل، داعياً المؤسسات الدولية والأممية الإسراع في الضغط على إسرائيل لإنقاذ حياة 2 مليون مواطن يعيشون في غزة.

من الجدير ذكره، أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة قد تعدى الـ 11 عاماً، عقبه ثلاثة حروب متكررة حرقت الأخضر واليابس وقتلت آلاف الغزيين، وزاد الوضع المأساوي في غزة.