عيسى قراقع - النجاح الإخباري - رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين

لم اسمع أن زعيما وقائدا في هذا القرن تحدى البيت الأبيض وقراراته العدوانية وقال لأمريكا بكل شجاعة وبطولة ويقين لا، بصوت جهور وبلا تكتيك ومواربة، معتمدا على الله وعلى شعبه العظيم وتضحياته الكبيرة، سوى الرئيس الفلسطيني ابو مازن.

في منطقة مرتجة وغير مستقرة واستفحال الوحشية الاسرائيلية المدعومة أمريكيا، تجلس فلسطين آمنة في حضنه وقلبه وعقله، يخاف على كل حجر وولد وشجرة ورواية، يخاف على ينابيعها وترابها وهوائها وحيويتها وشرايينها النابضة، يحميها بقراراته الحكيمة وبصمود إنساني افشل سلاح الاحتلال النووي وترسانته العسكرية المدججة.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، لأنك قائد على شعب المليون أسير، وشعب الآلاف المؤلفة من الشهداء والجرحى والمبعدين واللاجئين، تحمل معك ذخيرة تضحيات لا تنضب، تتجدد وتنفجر كلما اقترب الخطر ليداهم حياتنا وحق تقرير مصيرنا وعدالة وشرعية قضيتنا.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، لهذا قالوا عنك اخطر رجل في العالم، تمد يدك للسلام طويلا وبثقة برغم الموت والحرب والقمع الذي يتعرض له شعبك، تحاربهم بالسلام والعدالة لهذا اعتبروا سلامك حربا على أساطيرهم وخرافاتهم وأحلامهم الباطلة، وقد كشفت من حاول أن يتقمص دور الضحية، وعريته كجلاد وسجان يقف على أبواب أرضنا لا يجيد سوى إطلاق النار وحمل القيود وارتداء البساطير العسكرية.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، تسعى ليس فقط إلى تحرير شعبك من الاحتلال بل إلى تحرير المحتلين من عقلية الاحتلال، تحاول أن تمدهم بالمعونة الأخلاقية الإنسانية الثقافية ليستيقظوا ولا يغرقوا اكثر في الفاشية والعنصرية ولكنهم لا يأبهون.

الرئيس ابو مازن.. ليس عندك طائرات ولا صواريخ ولا جيوش زاحفة، لا تملك سوى الكوفية وروح الحق والقدس والكنيسة والمؤمنين والساجدين لله المرابطين أحياء وشهداء الصاعدين مع الدعاء والتراتيل والرجاء.

الرئيس ابو مازن .. عندما اقترب ترامب من القدس ليهودها ويستوطنها بقراراته الباطلة غير الشرعية وقفت له أمام بوابات القدس، أطلقت الأذان وقرعت الأجراس فاستنفر التاريخ والشهداء والأنبياء، ولم يدخلوا المدينة وارتدوا خائبين.

الرئيس ابو مازن.. وانت الرجل الثمانيني، ما هذا الصبر المشتعل؟ ما هذه السياسة الصارخة التي أدت إلى الانفجار الوردي في صدورنا فانطلقت براكين حياتنا؟ كانك تسعى إلى وضع حدّ لبؤس الدنيا كلها .

الرئيس ابو مازن .. حذرت العالم من الخطر الماحق لدولة إسرائيل التي تمارس جريمة الفصل العنصري على السلم والأمن في العالم، وقلت أن السلام لا يبدأ إلا من فلسطين، ولا سلام بدون القدس، ولا دولة بدون القدس، ودعوت العالم كله أن يأتي إلى القدس ليتصدوا لإرهاب المستوطنين والمتطرفين الذين يقتحموا الصلاة والعبادة وكل ما هو مقدس في الكون.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، انضمت إلى اكثر من 105 معاهدات واتفاقيات دولية، دولة محصنة قانونيا وحضاريا وحقوقيا، دولة تتألق في العدالة والإنسانية في الوقت الذي يغرق فيه الإسرائيليون في الجريمة المنظمة وفي الفساد الأخلاقي وقد تحولوا إلى دولة دكتاتورية عسكرتارية دينية ظلامية في هذه المنطقة.

الرئيس ابو مازن.. انت تزرع شجرة وهم يقلعوها، انت ترسل كرسيا متحركا لمقعد مبتور القدمين اسمه إبراهيم أبو ثريا، وهم يعدمونه في جريمة متعمدة، انت تبني المدارس لأولادنا والحدائق برغم الجدار والاستيطان ونهب الأرض وهم يشنون حملات اعتقال واسعة في صفوف الأطفال، انت تبني بيتا في القدس وهم يهدمون، ولكنك تواصل البناء، تسقط مرة فتنهض وتسقط في عاشر مرة وتنهض لكنك لا تسقط أبداً.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، فيها رجال يمضون 36 عاما في السجون ولم يستسلموا ، فيها إرادات تجوع وتجوع من أجل الكرامة والحرية والشرف، لا تخضع للمساومة والقرصنة المالية والابتزاز الإسرائيلي، تصرخ في وجوه العابثين بان هؤلاء المناضلين ليسوا إرهابيين ومجرمين، بل هنا في منطقة الشرق الأوسط دولة إرهاب رسمي منظم هي إسرائيل دولة فجور سياسي، تنتج الإرهاب وتمارس الإرهاب، دولة عصابات خارج القانون.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، قبلت ان تعيش إلى جوارهم في دولة حرة مستقلة عاصمتها القدس الشريف ، فارتجفوا وارتعبوا واختبؤوا خلف الجدران والأبراج المسلحة، يخافون من الآخرين، مرضى معزولين ، دولة آلية تعشق الموت والبقاء في معسكر، دولة تخاف من الحياة المشتركة التي تعطيها لهم، لا يعرفون سوى الضغط على الزناد، غارقون في الخطيئة.

الرئيس ابو مازن.. انت تقود دولة عظمى تسمى فلسطين، فيها النهر والشجر والنجمة والشهيد والشهيدة والأغنية والفراشة والأسيرة والأسير والموسيقى والإبداع ونشيد الصباح في المدارس، وفيها القدس وتاريخ القمح والعسل الأحمر والأحلام الكبيرة والصغيرة، لم تنس أن هذه البيوت بناها أجدادنا، وجروحنا لها صرخات هي نحن ،وأن ارضنا لها رائحة السلام الأبيض والنرجس على ينابيع الماء، وقوة الذاكرة.