موفق مطر - النجاح الإخباري - بعد مئة عام من الاحتلالين الانجليزي والاسرائيلي، لم  يكف المتعطشون لسفك دماء الشعب الفلسطيني، والعاملون على استكمال جريمتهم  التاريخية ومخطط افنائه وإثبات روايتهم المؤلفة بمفردات العنصرية، ونكران حقنا في الحياة، ما زالوا يتجاهلون المكون الثقافي المحوري للشخصية الوطنية الفلسطينية، ويبتدعون وسائل إرهاب يظنون انهم بتطبيقها قادرون على ردعنا، وكأن مجازرهم المنظمة خلال المئة عام الماضية لم تقنعهم بعد بأن روح الفلسطيني ارضه، وان ارض الفلسطيني وجوده تحت الشمس.

لا يمكننا الا اطلاق مصطلح (اغبياء) على الـ 52 عضوا في الكنيست  الذين صوتوا في القراءة الأولى لصالح قانون اعدام الفلسطينيين الذين يقومون بأعمال ذات مرجعية وطنية، ذلك انهم وعلى رأسهم وزير الحرب افيغدور ليبرمان صاحب اقتراح  القانون إما جاهلون لم يعرفوا بعد معنى الانتماء لدينا، ومعنى افتداء الوطن، وهذا امر طبيعي لمستوطنين وغزاة  تركوا اراضي وطنهم السياسية وجاءوا الينا  مدفوعين بنزعة استعمارية احلالية استيطانية، وإما متغطرسون، ومستكبرون مسيرون بتعاميم  ومفاهيم، اقل ما يقال فيها إنها نسخة طبق الاصل عن التي سيرت غزوات التتار والمغول الى بلادنا، وحاولت إفناء وتدمير ركائز حضارتنا الانسانية العربية.

لا نريد للمناضل الوطني الا الحياة ليشهد بنفسه على زمن الحرية والاستقلال الذي كرس حياته من اجل تجسيده واقعا على الأرض، لكن مالا يعرفه وما يجهله  الغرباء الذي لا صلة لهم بأرض فلسطين، بأن هذا المناضل وهو ينشد الحياة الكريمة له ولأبنائه ولشعبه يضع احتمالية افتداء الوطن بروحه ودمه، ويؤمن بعقيدة ارادة القدر، فالموت بالنسبة له ان شاء القدر حق لا يملك الا التسليم به، ما دام قد هيأ كل أسباب الصمود والمقاومة، والبقاء على قيد الحياة، استعدادا للجولات القادمة، فنحن طلاب حرية وكرامة  وسلام، والهدف الذي يتحقق دون حرب او صراع يؤدي لسفك دماء هي التي اخترناها، لكنه غبي وأحمق وجاهل من يعتقد ان نزوع الفلسطينيين للسلام سيمنعهم من افتداء الوطن عندما يفرض العنصريون المحتلون قانون الحرب وسفك الدماء سبيلا وحيدا لإخضاع شعب ومناضلين يتغنون بسباق الثوار جمجوم وحجازي والزير نحو اعواد مشانق الاستعمار والاحتلال الانجليزي.

يصعب حتما على (البودي غارد)  افيغدور ليبرمان قراءة ولو صفحة واحدة من كتاب تاريخ الشعب الفلسطيني، فحتى لو قرأها فإنه لن يفهم اي  مفردة منها، وهذا أمر طبيعي لمن يعيش خارج سياق الانسانية، ومريض بعقدة وعقيدة تفوق، والحق بقتل "الأغيار"، وحتى بقر بطون الحوامل بسيف رب اخترعوه لإرهاب العالم وإخضاعه ودب الجزع في نفوس من يعارضهم.

ليس قانون الاعدام هذا جديدا ولن يكون علينا كذلك، فهناك مئات من شبابنا وفتياتنا ورجالنا ونسائنا ورجالنا قد اعدموا على الطرقات وفي الميادين بدون قوانين الكنيست، وعائلات فلسطينية في غزة ابادها وأعدم وجودها من السجلات الرسمية جيش ليبرمان الذي يأتينا اليوم ليشرعن الاعدام حسب قوانين دولته  اللاشرعية أصلا.

ما يفعله ليبرمان هو الصواب بعينه، لأنه يخرج بهذا القانون يخلع لباس الدولة الديمقراطية، ويتجرد أمام العالم معلنا الانتماء إلى منظومة الدول الدكتاتورية، فالعالم اليوم لم يعد يتقبل قوانين الاعدام، فكيف سيقبلها من دولته وهي دولة احتلال واستيطان عنصرية، تقر هذه القوانين لمواجهة شعب اعطته الشرعية الدولية ومواثيقها الحق في النضال، وكيف سيقبل له العالم مخالفة قضائه المتآمر على ميثاق واتفاقية جنيف الرابعة وموادها  الضابطة لحقوق الأسرى.

 على ليبرمان أن يعلم أن العالم يرانا مناضلين من اجل الحرية ويرى دولته  منظومة احتلال واستعمار وتشريعاتها مخالفة للقانون الدولي، ومن هنا نحن لا نخشى قوانين الكنيست الدموي هذا التي ستكون قوانينه العنصرية بمثابة الشهادة على خاتمة دولة تمردت على العالم وفي النهاية اطلقت الرصاصة الأخيرة على دماغها.