برهوم جرايسي - النجاح الإخباري - تكثفت في الأسبوعين الأخيرين، التقارير الاخبارية الإسرائيلية، بشأن المشاريع الاستيطانية في أنحاء عدة في الضفة والقدس المحتلة، ولكن بشكل خاص في منطقة الحزام الاستيطاني، الذي يعزز فصل القدس عن كافة أنحاء الضفة. وتوقيت هذه الأنباء وكثافتها لم يأتِ صدفة، بل هي تستبق وصول مبعوثي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط. وهذا مشهد بات "تقليدا" على مدى السنوات الأخيرة، أشبه بجوقة استيطانية ترافق كل جولة من الاتصالات، لتكون بمثابة الرسالة الإسرائيلية الرسمية "غير المباشرة"، بشأن نيتها للحل.
فقد تحدثت الصحافة الإسرائيلية في الأسبوع المنتهي، عن مخطط بات أمام وزارات حكومة الاحتلال، لبناء ثلاث مستوطنات جديدة في منطقة غربي بيت لحم، حيث التكتل الاستيطاني المسمى "غوش عتسيون"، إذ وضع الاحتلال مخططا لدفق ما يزيد على 430 ألف مستوطن إلى تلك المنطقة، خلال عشر سنوات. وهذه المستوطنات الثلاث ستكون على شكل أحياء ضخمة، سيتم ضمها لثلاث مستوطنات قائمة. 
كما قالت الأنباء الإسرائيلية، إن نتنياهو ماض في اقامة مستوطنة جديدة شمال مدينة رام الله، وقد تباهى بأنه رئيس حكومة الاحتلال الأول، الذي يقيم مستوطنة جديدة منذ العام 1993. وهو بطبيعة الحال يكذب في هذا التصريح أيضا، لأن حكومات الاحتلال، وخاصة حكومات نتنياهو الثلاث الأخيرة، قد عملت على تحويل أكثر من 30 بؤرة استيطانية الى مستوطنات ثابتة، ومن المفترض أن يتم تثبيت أكثر من 40 بؤرة أخرى، في الفترة المقبلة. كما أنه حتى لو لم تقم مستوطنات جديدة، فإن الاستيطان في الضفة والقدس المحتلة تضخم في السنوات الـ 23 الأخيرة، بأكثر من خمسة أضعاف.
كذلك، وفي الأسبوع المنتهي، أبلغت حكومة الاحتلال محكمتها العليا، بتمسكها بقانون سلب ونهب الأراضي بملكية خاصة في الضفة، الذي أقره الكنيست في مطلع العام الجاري. وتقول حكومة الاحتلال، إنه "قانون عادل"، وزعمت أن عصابات المستوطنين التي استولت على هذه الاراضي بقوة الاحتلال، وسلبتها من أصحابها الفلسطينيين، يواجهون "غُبنا"، بأوامر القضاء لإخلاء تلك الاراضي، وهي القرارات التي تصدر حبرا على ورق، دون أي تنفيذ.
لقد علّمت تجربة السنين الطويلة، أن هذه الأنباء التي تنشر بكثافة، ليست "جهدا صحفيا" زائدا، تبذله هذه الصحيفة أو تلك، بل هناك يدٌ فاعلة في مؤسسات الحُكم الصهيوني، تهتم في "تسريب" هذه الأنباء إلى وسائل الإعلام، في رسالة واضحة صادرة عن الصهاينة، تدل على نواياهم الحقيقية. ولكن الأمر تصاعد أكثر في السنة الأخيرة. ففي ما مضى، كنا نشهد ردود فعل أميركية وعالمية رافضة لهذه المشاريع الاستيطانية. ولكن منذ أن وصل دونالد ترامب الى سدة الحكم الأميركي فإن هذا الصوت اختفى، ولشديد الغرابة، إن جاز الاستغراب، فإن الصوت الاوروبي تلاشى هو أيضا.
قيل هنا سابقا، إن هوية فريق ترامب المكلف بالتواصل مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، تقول الكثير عما يمكن التوصل اليه مع هذه الإدارة، والمسألة ليست كون جاريد كوشنير، نسيب ترامب، ومعه جيسون غرينبلات يهوديين؛ فقد سبقهما في هذه المهمة يهود كُثر، مثل دينيس روس، ومارتن انديك ودان شبيرو وغيرهم. إلا أن كوشنير وغرينبلات، ومعهما السفير الأميركي الجديد في تل أبيب، هم من اليمين الصهيوني الاستيطاني، وهؤلاء مكلفون في نهاية المطاف، بصياغة استنتاجاتهم حسب رؤاهم، وطرحها على ترامب؛ ولا يمكن أن نتوقع استنتاجات استثنائية من أشخاص بلوروا هويتهم الدينية والسياسية في معاهد التطرف الاستيطانية.
في الأيام الأخيرة، عادت إلى السطح مسألة عصابات النازيين الجدد وأشباههم في الولايات المتحدة الأميركية، الذين ليس فقط أنهم دعموا الرئيس ترامب، كي يصل الى البيت الأبيض، بل هم كانوا بشراكة وتعاون تام، مع اللوبي الصهيوني اليميني المتطرف في الولايات المتحدة، الذي منه كوشنير وغرينبلات، لتحقيق ذات الهدف. وهذا التعاون، الذي نرى الكثير مثله منذ سنوات في دول أوروبية، يكشف طبيعة اليمين الصهيوني المتطرف، الذي هو على استعداد للتعاون حتى مع من لا يخفون عداءهم لأبناء الديانة اليهودية، طالما أن هذا العداء موجه أيضا ضد العرب، وكل من هو مختلف عن أولئك النازيين، من شعوب العالم.