النجاح الإخباري - الهجمات التي وقعت في لبنان أظهرت قدرة الأجهزة الإلكترونية اليومية على التحول إلى أدوات دمار، مما يعكس تصعيدًا غير مسبوق في مجال الحرب الإلكترونية. استهدفت هذه العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية توجيه ضربات نفسية ومادية، ليس فقط ضد مقاتلي حزب الله، بل أيضًا ضد أي شخص يتعامل مع هذه الأجهزة، مما أثار حالة من الخوف والقلق لدى المستخدمين حول العالم بشأن أمان الأجهزة الإلكترونية الشخصية في المستقبل.

ووفقًا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الهجمات على أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لحزب الله في لبنان تثير مخاوف أوسع حول إمكانية استخدام الأجهزة الإلكترونية الشخصية كسلاح مستقبليًا، ما يزيد من الشعور بعدم الأمان لدى الناس.

وصف غلين جيرستل، المستشار العام السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية، هذه الهجمات بأنها "رؤية مرعبة" لمستقبل يمكن فيه لأي جهاز إلكتروني أن يتحول إلى سلاح قاتل.

وأشار تقرير أعده ديفيد إي. سانجر، المتخصص في تغطية النزاعات والصراعات السيبرانية، إلى الهجمات الإلكترونية التي استهدفت حزب الله، حيث تم تحويل أجهزة اتصال عادية، مثل أجهزة النداء اللاسلكي (pagers)، إلى قنابل صغيرة. وفي هجوم وقع في نوفمبر، أدت التفجيرات إلى مقتل 11 شخصًا وإصابة أكثر من 2700 آخرين. لاحقًا، تسببت هجمات أخرى في مقتل 20 شخصًا وإصابة 450.

يُعتقد أن هذه الهجمات تمت عبر استغلال نقاط الضعف في سلسلة التوريد، حيث يُشتبه أن الوحدات الإسرائيلية قامت بزرع متفجرات في بطاريات الأجهزة، أو ربما تم تفجيرها عن بُعد باستخدام إشارات لاسلكية. هذه الأساليب تمثل تصعيدًا جديدًا في استخدام الأسلحة السيبرانية، حيث يتم تحويل أجهزة إلكترونية عادية إلى أدوات دمار.

ويوضح التقرير أن هذه الهجمات لا تستهدف فقط حزب الله، بل تشير إلى بداية حقبة جديدة من الهجمات الإلكترونية التي تركز على الأجهزة الشخصية. في السابق، كانت هذه الأجهزة تُعتبر آمنة لأنها غير متصلة بشبكات الهاتف المحمول أو الإنترنت، مثل أجهزة النداء التي استخدمتها المقاومة لتجنب الاختراق. ولكن الهجوم الأخير أظهر أن تلك الأجهزة يمكن أيضًا أن تتحول إلى أدوات دمار، مما يزيد من الشعور بعدم الأمان لدى العامة.

التقنيات المستخدمة في هذه الهجمات ليست جديدة من حيث المبدأ، إذ استُخدمت سابقًا لاستهداف بنى تحتية كبرى مثل محطات الطاقة وشبكات الكهرباء. لكن التركيز على الأجهزة المحمولة الصغيرة يمثل تطورًا جديدًا في هذا النوع من الصراع، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التكنولوجيا ستصبح متاحة لجهات أخرى في المستقبل.

على الرغم من النجاح التكتيكي الذي حققته هذه الهجمات في تعطيل التواصل بين مقاتلي حزب الله وإثارة الخوف بينهم، فإن التأثير الاستراتيجي يبدو محدودًا. فمثل هذه الهجمات قد لا تؤدي إلى تغيير جذري في سلوك الحزب أو قراراته العسكرية، لكنها تساهم في خلق حالة من القلق والشك لدى المستخدمين حول أمان الأجهزة التي يستخدمونها يوميًا، بدءًا من الهواتف المحمولة وصولًا إلى الأجهزة المنزلية.

يحاول البعض تحليل الكيفية التي تم بها تنفيذ هذه الهجمات، حيث يرى بعض الخبراء أنها تمت عبر استغلال نقاط ضعف في سلسلة التوريد، من خلال زرع المتفجرات في البطاريات أثناء التصنيع. بينما تشير نظرية أخرى إلى أن المتفجرات قد تم تفجيرها باستخدام إشارات لاسلكية أُرسلت إلى الأجهزة المستهدفة. وفي كلتا الحالتين، تعكس العملية قدرات متقدمة للهجمات الإلكترونية في اختراق الأجهزة في مراحل مختلفة من التصنيع أو التوزيع.