وكالات - النجاح الإخباري - "تقدم ميداني بالتوازي مع خطوات فعلية للضم"؛ هذا ما نوهت إليه الولايات المتحدة الأميركية، في آخر تعليق لها على الأحداث داخل أوكرانيا.

 

 

فقد قال البيت الأبيض إن روسيا تمهد الطريق لضم أراضٍ أوكرانية، وتنصب مسؤولين غير شرعيين ليكونوا وكلاء لها في المناطق التي تسيطر عليها، مع سعيها لفرض سيطرتها الكاملة على أجزاء حققت فيها مكاسبها في شرق أوكرانيا.

 

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، إن "الروس يستعدون لتنصيب مسؤولين بالوكالة واعتماد الروبل عملة رسمية، وإجبار السكان على التقدم بطلب للحصول على الجنسية"، فماذا يحدث بعيدًا عن نيران المدافع؟

 

مخطط القرم يعود

 

في منتصف الشهر الجاري، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مرسومًا يقضي بتسريع منح الجنسية الروسية لجميع المقيمين على الأراضي الأوكرانية، بعد أن كان مقتصرًا في الوقت السابق على سكان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرقي أوكرانيا.

 

واستعرض القرار الفئات التي تستطيع التقدم للحصول على الجنسية الروسية، وهي: سكان لوغانسك ودونيتسك، والسكان الدائمون في أوكرانيا، بمن في ذلك الذين كانوا يملكون في الماضي الجنسية الروسية وتخلوا عنها.

 

في تلك الزاوية، يقول المحلل السياسي والأكاديمي في العلاقات الدولية، مصطفى خالد المحمد، إن مرسوم بوتن الأخير، أعاد تأكيد اتهامات غربية له بأنه يسعى إلى "استعادة الاتحاد السوفياتي"، لا سيما أنه قال ذات يوم إن "انهيار الاتحاد السوفياتي أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".

 

وأضاف الأكاديمي في العلاقات الدولية بموسكو، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا الإعلان في هذا الوقت تحديدًا مؤشر قوي على أن مرحلة الضم الفعلي والرسمي لهذه المناطق بأوكرانيا لروسيا قد بدأت بالفعل، حيث يسيطر عليها الجيش الروسي والقوات الحليفة له فيها؛ ويبدو أن الأمر لم يعد مقتصرًا على جمهوريتي دونباس، إذ سيمتد لبقية المناطق الأوكرانية الواقعة تحت السيطرة الروسية، مثل خيرسون التي جرى تسليم الدفعة الأولى من جوازات السفر الروسية لسكانها، الشهر الماضي.

 

وتابع خلال تصريحاته "الآن أعتقد بأن موسكو تقوم باستفزاز حلف الناتو وإظهاره بموقف الضعف التام لما يحدث في أوكرانيا، إذ إن روسيا تسعى لتوجيه رسالة قوية إلى أميركا والغرب وحلف الناتو، مفادها عدم تنازل موسكو عن أي نصر عسكري مقابل عدم توسع حلف الناتو شرقًا وعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وأنه إذا لم يتحقق ذلك عبر الحوار الدبلوماسي فإن لموسكو وسائل أخرى تواجه بها أوكرانيا والغرب".

 

هل ستنجح روسيا في عملية الدمج للمناطق المحررة؟ وهنا يقول مصطفى المحمد الأكاديمي في العلاقات الدولية بموسكو "علينا أولًا أن نعي أن موسكو رفعت سقف أهدافها في أوكرانيا وتخطتها لتصل إلى فكرة إعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي وضم كل دول الاتحاد إليها بطريقة مباشرة كما يحدث في أوكرانيا أو بطريقة سيطرة غير مباشرة كبيلاروسيا؛ اليوم تأكدنا أن الوضع لا يمكن حله عن طريق الدبلوماسية. وهذا نراه من طريقة تعاطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لردود فعل دول حلف الناتو".

 

 

في الأثناء، أكدت واشنطن أنها تمتلك معلومات استخباراتية بخصوص كيفية وضع روسيا الأساس لضم الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها، في انتهاك مباشر لسيادة أوكرانيا.

 

وتابع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي: "إنه الأسلوب ذاته الذي استخدمته روسيا في 2014 عندما أعلنت ضمها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية"، علمًا بأن المجتمع الدولي يعتبر ضم شبه جزيرة القرم غير شرعي.

 

 كيف سترد واشنطن؟

 

ترى واشنطن وحلفاؤها من الغرب أن خطوة بوتن الخاصة بالجنسية واللغة والتغلغل في مفاصل المدن الأوكرانية التي سيطر عليها تعتبر مؤشرًا قويًّا على أن مرحلة الضم الفعلي والرسمي لهذه المناطق قد بدأت بالفعل، بخلاف استمرار العملية لجميع أنحاء أوكرانيا.

 

وتعقيبًا على تلك الخطوات، قالت واشنطن إنها ستعلن في الأيام القليلة المقبلة عن حزمة أسلحة جديدة لأوكرانيا؛ ومن المتوقع أن تتضمن الحزمة راجمات صواريخ متنقلة أميركية "هيمارس"، وقذائف لأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة، بالإضافة إلى ذخائر المدفعية.

 

وقدمت الولايات المتحدة 8 مليارات دولار مساعدة عسكرية لأوكرانيا منذ بدء الحرب، منها 2.2 مليار دولار الشهر الماضي.

 

في السياق، يقول كاميل جيل كاتي، السياسي والإعلامي البولندي، إن ردة فعل الغرب وواشنطن على موسكو لن يكون عسكريًّا فقط عبر الدعم، بل عبر حرب اقتصادية شاملة الدمار، من خلال حزم عقوبات مدمرة غير مسبوقة في التاريخ القديم والمعاصر.

 

وشدد كاميل جيل كاتي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، على ضرورة العمل الأوروبي تجاه عزل روسيا عن محيطها الإقليمي ونطاقها الدولي، ومحاولة شل الاقتصاد، بالتوازي مع مسار تعزيز الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا.

وتسعى واشنطن والغرب إلى فرض مزيدٍ من الضغوط في حق موسكو من أجل وقف العملية الروسية في أوكرانيا، من خلال استهداف صادرات الذهب في المجموعة المقبلة من العقوبات، طبقًا لما قررته دول مجموعة السبع في نهاية يونيو الماضي.