النجاح الإخباري - أقيمت أمسية ثقافية، مساء الإثنين، بمناسبة مرور (25) عامًا على رحيل الأديب يحيى حقي، بالمجلس الأعلى للثقافة، شارك فيها وزير الثقافة حلمي النمنم، والدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، ونهى يحيى حقي، والدكتور حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والناقد الدكتور أحمد درويش.

كما تضمنت الأمسية، تقديم مداخلات نقدية تتناول تأثير يحيى حقي في مجالات الإبداع المختلفة، ومنهم النقاد المشاركون، الدكتور رشا صالح، والدكتورة مروة مختار، والكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ناصف، ومحمود قاسم وصلاح معاطي.

في كلمته تحدَّث الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، عن علاقته بالأديب الراحل يحيى حقي، مشيرًا إلى أنَّه رجل لا يُنسى لمن عرفه، فقد كان رجلًا شديد الدهاء والمكر، وقال "أنا مدين له، لأنَّه أوَّل من نشر لي مجلة (المجلة)، التي ترّأس تحريرها، بالرغم من أنَّه لم يقابلني، ولكن عندما أرسلت مقالًا عن شعر صلاح عبدالصبور، علّق النشر لحين مقابلتي، وبالفعل قابلته، وعلمت أنَّه أراد أن يقابلني لكي يختبرني، ويتأكد من أنَّني كاتب المقال، ومن هنا نشأت علاقة صداقة وحب عميقة بيننا".

وأضاف - عصفور - : "أذكر أنَّ يحيى حقي أوَّل ما لفت انتباهي فيه، كان شاعر الكلمات بحق، وعشاقها، لم يكن يفوت كلمة واحدة إلا ويسأل فيها، يوقظني في الصباح، لكي يسألني عن الكلمة ونتجول عبر التليفون في سياحة لغوية هائلة".

واعتبر وزير الثقافة الأسبق، أنَّ يحيى حقي لم يكن صاحب "قنديل أم هاشم" فحسب، فقد أتيح له أن يرى ثورة (١٩١٩)، وشارك فيها، هتف مع الهاتفين عن مصر التي يحبها وطالب بأن تكون ثورة (١٩١٩) ذات وعي جديد، وتركت في ذهنه مجموعة من الأفكار التي دفعته أن يعتبر رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل، أوَّل رواية في الأدب العربي.

وأجرى عصفور مقارنة بين فكر يحيى حقي وطه حسين، موضحًا أنَّ الأخير كان مؤمنًا إيمانًا عميقًا بأنَّ نهضة الأمة العربية لن تكون إلا إذا صاروا على طريق أهل الغرب والمجتمعات الأوروبية، لكن يحيي حقي لم يكن يتبنى هذا المنهج، كونه يرى أنَّ المسألة لن تنجح ما لم يحدث توازن بين العناصر الخارجية والداخلية ودون هذا التوازن بعاملي الحداثة والتراث.

فيما قال الناقد الدكتور أحمد درويش - مدير الأمسية- إنَّ يحيى حقي أحد كبار الراحلين، والعظماء عادة لا يرحلون عنا بقدر ما يرحلون فينا، فإنَّ يحيى حقي رحل عنا بجسده، لكن كتبه وآراؤه وأفكاره وإبداعاته باقية فينا وفي أجيال لم تلتق به، حتى إنَّ إبداعاته شكَّلت عبقرية المكان والرجل واللغة، فالمكان الذي هو مصر القادرة على استيعاب أيَّة ثقافة واحتضانها.

وأشار "درويش" إلى أنَّ يحيى حقي، صار من أبناء مصر في ثقافتها، وأضاف إلى قرائها، وأصبح من أعمق من يعبرون عن الروح المصرية، واكتشفوا عبقرية اللغة العربية.

وكان يعيب على أدباء عصره فقرهم اللغوي النسبي، - كما يضيف درويش- كما أنَّه حاول إحياء البلاغة العربية وتطويعها في الأجناس الأدبية الحديثة، ووصل بأدبه للرجل البسيط والرجل العامي والأديب المتعمق، فعرف كيف يطوع الحضارة لخدمة الشعب.

ووصفه الدكتور حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، بأنَّه الأديب والمحامي والصحفي، الذي واجه الجهل بالعلم وارتقى بالذوق المصري والعربي، وجسدت أعماله الشخصيات المصرية، فهو أديب بالفطرة.