غزة - خاص - النجاح الإخباري - وساطات أممية ومصرية وقطرية بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، تسير الآن تجاه دفع الأوضاع في غزة نحو الهدوء، خصوصاً بعد زيادة حدة التوترات على الحدود الشرقية للقطاع خلال الأسبوعين الأخيرين.
المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، حذّر صباح اليوم الأربعاء، من تدهور الأوضاع في قطاع غزة، مجددًا، وإمكانية عودة التصعيد العسكري المتبادل.
وكتب وينسلاند عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، الوضع داخل قطاع غزة خطير ويجب تجنب صراع آخر ستكون له عواقب وخيمة على الجميع.
وكان القيادي البارز في حركة حماس، محمود الزهار كشف الأسبوع الماضي عن اتصالات مكثفة تلقتها حركته لتهدئة الأوضاع المتوترة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، لافتاً إلى أن حماس تلقت اتصالات من أكثر من طرف ووسيط، لخفض حدة التوتر في غزة.
وأشار الزهار في تصريحات صحفية لوكالة أنباء العالم العربي، إلى أن الطرف المصري وعد حماس بالعمل على تهدئة الأوضاع، مردفاً قوله "نتمنى الوصول إلى تهدئة وعدم تدحرج الوضع إلى تصعيد على مستوى قطاع غزة".
لم يستبعد محللون سياسيون الذهاب نحو تصعيد كبير أو مواجهة شاملة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي حال فشلت وساطات التهدئة، مؤكدين على أن انفجار الوضع في قطاع غزة بات مسألة وقت.
ومنذ مطلع الشهر الجاري تشهد الحدود الشرقية للقطاع مظاهرات لمئات المواطنين الفلسطينيين. ويخرج مئات الشبان في مظاهرات في خانيونس ورفح وجباليا وشرق مدينة غزة يومياً على طول الشريط الحدود شرق القطاع.
وساطة غير فعّالة
المحلل السياسي طلال عوكل لم يبدِ أي اهتمام للوساطات الأممية في حل مشكلات قطاع غزة، متساءلاً في الوقت ذاته، ماذا تقدم الوساطة الأممية فعلياً غير التعبير عن القلق؟
وقال عوكل في حديثه لـ"النجاح الاخباري"، إن "هذه الوساطة معنوية فقط وغير فعالة، لم تقدم ولم تؤخر شيء وإنما تنقل رسائل فقط بين الأطراف"، مؤكداً أن الوساطة الفعالة هي المصرية والقطرية فقط.
وأضاف أن الوضع الآن ما بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي من الصعب السيطرة عليه، معللاً ذلك بأن إسرائيل تقوم بكل شيء يستفز الفلسطينيون.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يريد تأكيد معادلة التسهيلات مقابل الهدوء "السلام الاقتصادي"، مؤكداً أن هذه المعادلة لم تعد مقبولة من سكان ومقاومة غزة.
وبحسب المحلل عوكل فإن انفجار الوضع في قطاع غزة بات مسألة وقت، منوهاً إلى أن الأوضاع ذاهبة إلى توتر كبير "ليس فقط بين قطاع غزة وإسرائيل وإنما في كل فلسطين المحتلة والجوار والإقليم عموماً".
وتابع "قطاع غزة جرّب الالتزامات والتفاهمات الإسرائيلية، لم يعد هناك أي ثقة بالاحتلال في هذا الجانب، لأنه لم يضمن أحد ألا يعود الاحتلال إلى استفزازاته تجاه الفلسطينيين".
الجدير بالذكر أن جاكي حوجي محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال، قال إن "إسرائيل" استخدمت كل أوراق الضغط التقليدية لديها في الأسبوع الماضي باستثناء ضربة قوية لوقف إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، مبيناً أن الطرفان يقفان صباح اليوم عند مفترق طرق، سواء الذهاب لمواجهة عسكرية أو احتواء التوتر.
عملية تصعيد واسعة
من جهته، قال المحلل السياسي رياض العيلة، إن هناك مفاوضات ووساطات من قبل بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة في غزة لتهدئة التوتر الحاصل، لافتاً إلى فصائل المقامة رفضت التهدئة خصوصاً تظاهرات الشبان في المنطقة الحدودية الشرقية لغزة.
وتوقع العيلة خلال حديثه لـ"النجاح الاخباري" أن تصل وساطة الأمم المتحدة إلى نتيجة بحل تهدئة الوضع، مستدركاً "لكن قبل الوساطة الأممية سبق وأن فشلت الجهود القطرية متمثلة بالشفير محمد العمادي خلال نقاشاته مع حكومة الاحتلال".
وأضاف أنه "في حال لم تصل الوساطات والجهود إلى اتفاق بين غزة وإسرائيل، فإن الوضع سيستمر على ما هو عليه في الحدود الشرقية للقطاع".
وبحسب المحلل العيلة، إن فشل الوساطات الأممية في تهدئة الأوضاع فإن ذلك ربما يؤدي إلى عملية تصعيد واسعة "خاصة أن التصعيد في الأيام الماضية ليس تصعيد وإنما ضرب بعض المواقع الحدودية من رفح إلى بيت حانون"، وفق تعبيره.
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية، نقلت مساء اليوم الأربعاء، على لسان وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤاف غالانت، إن "الاحتلال لا يريد التصعيد ولا يطمح للقتال، لكن إذا وصلنا إلى وضع كان فيه من الضروري التصرف ضدهم، ستكون عملية الدرع والسهم بمثابة تذكير لهم فيما يتعلق بقدرات النظام الأمني الإسرائيلي".
استمرار الاحتكاكات
في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، أنه لو حصلت حركة حماس على تنازلات إسرائيلية فيما يخص تحسين الظروف الحياتية في قطاع غزة يمكن العودة إلى حالة الهدوء.
وقال أبو سعدة لـ"النجاح الاخباري"، إن "هناك وساطات على مستوى مصر وقطر والأمم المتحدة من أجل تهدئة الأوضاع والعودة إلى حالة الهدوء".
وأضاف أن هناك مطالب لحماس تتمثل في تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة وتحسين الظروف المعيشية للغزيين ووقف اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، معتبراً موضوع اقتحامات الأقصى شائك.
وتابع المحلل أبو سعدة، إن "دخول الوساطات على الخط لا يعني أن الأمور في طريقها إلى الهدوء، أو أن الأمور في طريقها إلى وقف الاحتكاكات التي تحصل منذ أكثر من 10 أيام على الحدود.. قد تستمر هذه الاحتكاكات".
ومن وجهة نظره، فإن فصائل المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي غير معنيين إلى الذهاب نحو تصعيد كبير، لأن الفعل ورد الفعل محسوب بدقة، وتبقى هذه احتكاكات ومناوشات تحت السيطرة، مستبعداً خروج الأمور عن السيطرة أو الذهاب نحو حرب.
ومضى أبو سعدة قائلاً "أعتقد أن حماس تدرك أن هذا الشهر هو شهر الأعياد اليهودية، لذلك حاولت استغلاله للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتقديم تنازلات في ملف الحصار المفروض"، لافتاً إلى أن التصعيد والحرب لن يحل المشكلة ولن تأتي بحلول للوضع الاقتصادي في غزة.
الجدير بالذكر، أن يوم أمس شهد أعنف الأحداث على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد أن استخدم الشباب البلالين التي تحمل عبوات ناسفة وقاموا بتفجيرها في سماء غلاف مستوطنات القطاع، كما أطلق بعضهم النار تجاه قوات الاحتلال، في حين قامت الأخيرة بقصف عدة نقاط رصد للمقاومة على طول الحدود الشرقية للقطاع.